تأثر بالبيئة الاجتماعية، وعشق الزجل مذ كان في العقد الأول من عمره، حتى غنى الشعر وقرضه، يبحث عن الصورة الشعرية وموسيقاها، ولهذا حقق الشاعر "بسام ورور" حضوراً واضحاً في برنامج "أوف" ونال جائزة الدف الذهبي في الشعر والصوت والأداء.
«حين استمعت إلى الشاعر الزجلي "بسام ورور" في برنامج "أوف"، أدركت أنه ليس الموهبة فقط تفيد الشاعر بل الإرادة والبحث، لأننا أمام شاعر يملك الصورة الجميلة، والأداء والحضور المتميزين في الشعر الزجلي»، الحديث كان للشاعر الزجلي" لطفي عبد الرزاق" عضو رابطة الزجل السورية لموقع eSyria.
حين استمعت إلى الشاعر الزجلي "بسام ورور" في برنامج "أوف"، أدركت أنه ليس الموهبة فقط تفيد الشاعر بل الإرادة والبحث، لأننا أمام شاعر يملك الصورة الجميلة، والأداء والحضور المتميزين في الشعر الزجلي
وتابع بالقول: «يعيش الشاعر "بسام ورور" في حالة بحث دائمة لتجديد صورته ومتخيله فهو شاعر وشاعر منبري بجدارة ومن أكثر المتأثرين في عاداته وتقاليده وبيئته المحلية، وبالتالي استطاع بشعره المتميز أن يفرض نفسه على برنامج "أوف"، واللجنة أيقنت انه موهوب ولديه قدرة منبرية مميزة حتى فاز في الدف الذهبي وهي جائزة لها قيمتها الاعتبارية في لبنان، ومن شاعر كبير مثل "موسى زغيب"، لعل ذلك يطرح أسئلة عديدة منها أن لدينا خامات ومواهب شاعرية تستحق الحضور عبر نوافذ إعلامية وهي جديرة وقادرة على خلق تنافس إبداعي، والزجل ليس محاورة وصراعاً بين شاعرين كما قولب، بل هو شعر يحمل صورة ودلالة وموسيقا ويساهم في مواكبة الحركة الاجتماعية والثقافية الإبداعية، إضافة إلى أنه يعمل كعمل الصحافة في طرح إشكاليات خدمية وسياسية، وبالتالي الشاعر الزجلي له آفاق وثقافة من نوع خاص، وهذا ما جعل الأخ "بسام" وأمثاله يفرضون أنفسهم على الواقع الإبداعي في لبنان وغيره، وينالون حضوراً ووجوداً».
في منزل الشاعر "بسام ورور" موقع eSyria التقى به بالحوار التالي:
* متى بدأ اهتمامك بالزجل؟
** لقد بدأ اهتمامي مذ كنت في العقد الأول من العمر، ذلك لأنني من أسرة تعشق هذا اللون وإخوتي لهم اهتمامات كثيرة وهم شعراء، ربما لم تقم حفلة زجل في سورية ولبنان إلا وكانوا يقتنون اسطواناتها، هذا المناخ الشعري ساهم بشكل مباشر في زرع محبة الزجل وحفظه لديَّ، وما إن بدأت في العقد الثاني حتى وجدت نفسي أقرض الشعر، حيث صب اهتمامي في تحديد جمالية الصورة الشعرية من خلال البيئة، الطبيعة، الإيقاع، الوزن، الحدث، الحبكة، البناء الفني، الغنائية للجملة الشعرية، لكن مع كل هذا، الأهم في بناء القصيدة عندي الصورة التي تدخل قلب المتلقي وتجعله يبتسم في زمن الشجن.
** هناك فرق في تحديد الصورة الشعرية وجمالها، لأن ذلك يعود بمدى انعكاسها على المتلقي وتأمله بها، فهي تحمل مقومات في استخدامها وأبعاد اجتماعية وثقافية، وبالتالي يتم تعيين الصورة حسب النوع والمضمون، كأن تدخل في سجال محاورة مع شاعر آخر، وهنا الصورة تحمل ميكانيكية خاصة بالتوظيف لإغناء الموضوع، بينما في قصيدة الغزل التي تحمل متخيلاً سردياً وفضاء أوسع وأرحب في إدراك الصورة التعبيرية الوصفية من خلال الشعور في الحركة والفعل للصورة، وبالتالي خلق صورة بسهولة يعني شاعرية وتركيب صورة يعني البحث عن الشعرية، بين هذا وذاك نشعر بأن الصورة عندما تكون واقعية تخرج مع انسياب الجمل، وهي مؤشر على موهبة الشاعر وإمكانياته الثقافية والاجتماعية والإبداعية.
** يمكن القول إن الزجل ومنذ أكثر من نصف قرن، لم يطرأ عليه تطور ملحوظ، حتى بدأ عصر الاتصالات السريع وتنوع مصادر الثقافة الوافدة، ما جعل التطور يفرض ذاته على الشعراء وبالتالي كان الشعراء أمثال: "خليل روكز، وموسى زغيب، وزين شعيب"، يعملون على تطوير الجملة الشعرية، كتقديمهم جملة ثنائية تحمل دلالات الجمل الرباعية والخماسية، ومكثفة بشكل يعطي الموضوع المطروق حقه بأقل الجمل، لعل هذا كان نتاج الحالة الراهنة من استخدام قوالب الزجل العديدة والتي حاولت أن أكتب بها جمعياً، لكن أقترب أكثر نحو المعنى والقرادي، والشروقي، والموشح، وما يتداول حالياً من أنماط الزجل المعروفة، وهذا لا يبرر لنا كشعراء أن نعمل على تطوير منهجية الشعر الزجلي كي يواكب الحداثة والعصرنة المفروضة في كل حين.
** في الحقيقة كنت متخوفاً في الموسم الأول على الزجل نفسه، وأنا من متابعي الأستاذ "موسى زغيب" منذ صغري، لكن هناك إجراءات قد تفرض على البرنامج، تجعل منه برنامجاً استهلاكياً، لكن بعد أن وجدت فيه الصدق والمصداقية، خاصة بعد جولته الأولى في الموسم الأول الذي برهن على إعطاء كل صاحب حق حقه فيه لكل شاعر، والمعيار كان الموهبة والقدرة والشعرية والحضور ومقومات الشاعر المنبري الصحيح، تشجعت وتقدمت والحقيقة كما تصورت تماماً المعيار كان ثابتاً، ورؤيتي لم تخنّي، لأن اللجنة كانت على مسافة واحدة من المشاركين، وكثيراً ما جاءت اعتراضات نتيجة لعوامل الجغرافيا لكن اللجنة حافظت على مصداقيتها وخاصة "الشاعر الكبير موسى زغيب، والدكتورة كلوديا شمعون أبي نادر، والأستاذ اللطيف بتريك"، بالفعل كانوا على مقربة من موهبة الجميع وتصنيفهم وفق الرؤية العلمية والإبداعية وبالتالي لم يتأثروا بأي وافد لهم برأي أو فكرة، بل اعتمدوا على النص المكتوب والمعيار، والدليل عندما تقدمت للمشاركة استمعوا لأشعاري، والحق لم تربطني علاقة مع أحد من اللجنة، أعجبتهم طريقتي في الأداء والصور الشعرية، وكان الفوز حليفي في المراحل النهائية، ربما صدق برنامج "أوف" حقق له جماهيرية شعبية وثقافية واسعة.
** لابد لكل مرحلة من مراحل البرنامج من إضافة جديدة، فقد ذهبت وأنا محمل بكثير من الحفلات المنبرية والقصائد التي قلتها في بلدي سورية، مع التشجيع والانتماء وحب وجود وفرض الشخصية، ذلك لأنني أفخر بانتمائي السوري أولاً وما تحمله بلدي من تاريخ في الأدب والشعر والثقافة ثانياً، واضعاً نصب عيني أنني شاعر وقادر على فرض جملتي الشعرية في المنابر اللبنانية، ولهذا لم يضف لي البرنامج سوى الحضور والنافذة الإعلامية والحالة الأسروية التي كانت موجودة ضمن نظام البرنامج، والأهم الإعلام الذي نفتقر إليه في سورية في مجال الزجل وتشجيع الموهب الشعرية، وقد وجدناها في لبنان ربما لأن لبنان يهتم بهذا النمط من الشعر أكثر من سورية، رغم وجود شعراء استطاعوا أن يخترقوا الأوساط اللبنانية ويقدموا بلدهم بالشكل الأمثل في الأداء ونوع الشعر، لعل الإعلام بالنسبة لنا كشعراء مطلب مهم، لتكوين نافذة نساهم من خلالها بطرح أفكارنا وثقافة الزجل وما يحمل من مآثر ومقومات إبداعية خاصة به، تحتاج إلى دراسة ونقد موضوعي لوجود مواهب عديدة من الشباب والشابات الذين يملكون موهبة الزجل وهم يستحقون الظهور في الوسائل الإعلامية المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية.
** عندما تقول شاعر يعني أن الموهبة هي الأساس، ولا وجود للشاعر بلا موهبة، ثم يأتي الحضور المسرحي والثقة بالنفس وبالشعر الذي يقرضه، والصوت، إذا كان من شعراء المنبر فالصوت هو عامل هام، والشاعر يحتاج إلى ثقافة خاصة في طرح إشكاليات اجتماعية، ثقافية، فكرية، سياسية، وهو يدون وقائع تاريخية، ويعيدها للذاكرة باستشهاده بها لإثبات رؤيته ودحض فكرة الشاعر الخصم، في معالجة المواضيع والحوارات، والاهم أن يكون على يقين أن الشعر يأخذ دوره في تنمية الشخصية لدى المتلقي بمعنى أن يكون قادراً على إيصال ما يريد له عبر قصائده وأشعاره.
** ما أرغب في قوله الاهتمام بالزجل لأنه بحق ثقافة محلية غنية وركن أساسي في تاريخنا العربي المعاصر، وهو تعبير عن انتماء إلى أرض ووطن، وأهيب بالإخوة الشباب الحفاظ على هذا التراث الغني والزاخر بمواقفه ومعطياته وقد سجل عبر صفحات التاريخ أسماء شعراء من "ابن قزمان" في القرن الرابع عشر إلى تاريخ شعراء حققوا شخصية اعتبارية في مجتمعنا وذاكرتنا المحلية وساهموا بنشر ثقافتنا الاجتماعية والبيئة على أوسع مساحة من الكرة الارضية.