كاتبة سورية تعشق الكتابة للطفل، ما جعلها تعطي جلّ وقتها لعالمه المملوء بالحكايا، فأضافت بجهد مميز بصمة روحها الطفولية وعلمها إلى ذلك العالم.
هي الكاتبة "لينا كيلاني" التي خصّت موقع eDamscus بالحوار التالي معها بتاريخ 15/12/2011:
** جداً.. وبحرارة فائقة.. الاحتفاظ بالحس الطفولي شيء مهم جداً لمن يكتب للطفل كي يستطيع من خلاله الوصول إلى الطفل ذاته، فخطاب الطفل يحتاج إلى إحساسه، وعقليته، لا أن تتم الكتابة عنه من الخارج. احتفاظي بطفولتي شيء ثمين جداً، ولعل نشأتي وظروف حياتي، وبيئتي، وطفولتي الأولى كلها عززت بقاء هذا الأمر لدي، فأنا الطقلة الوحيدة في العائلة، وقد غمرت بكثير من المشاعر والعواطف والاهتمام، إضافة إلى ما كان يصلني من ألعاب، وكتب.
ملامح وجهي موجودة في أعماقي، والوجه يعكس ما في داخلنا، لذلك مازلت أنظر للعالم بعين الطفولة.
** كان القرار شجاعاً وجريئاً، لكن هاجس الأدب، وهمّ الكلمة اللذين ورثتهما عن والدتي الكاتبة "قمر كيلاني" جعلاني أترك عملي لأن ذلك لم يكن يشبه تطلعاتي في الانطلاق إلى فضاء الحياة، والكلمة، والتجربة، وأن أعبر عن نفسي، وأن أكتب.
الجميع حولي استغرب تركي لعملي الجيد في منظمة دولية، لكن ذلك جعلني أؤمن أن تفرغي للكتابة أمر لا أستطيع الانفصال عنه، فأنا أكتب كل يوم، ومن أجل ذلك لدي انتاج غزير. وعندما وصلت للأطفال وتقبلوا إنتاجي كان ذلك أكبر دليل على صحة خياري حين لمست ذلك من رسائلهم المتواصلة إلى بريدي في المجلات التي عملت بها، وعبر الاحتكاك بهم في ورشات العمل التي كنا نقيمها من أجلهم، ومن خلال بعض الدارسين في رسائل الدكتوراه لبعض أعمالي، كل ذلك جعلني أنصرف للكتابة لهم بشكل كلي، رغم علمي أن هناك فقراً بتسليط الضوء على أدب الأطفال، لكن ذلك لم يثن عزيمتي بالالتصاق بهذا الأدب.
** لا.. فأنا أفصل بين عوالم الحياة حيث لكل مساره، ووقته، وانفعاله. لا يطغى شيء على شيء آخر. ولا يأخذ شيء من حيز الآخر. كل مسار يسير في طريقه الصحيح، فأنا أعيش حياتي الاجتماعية والانسانية كما أريد. ربما تسحبني الكلمة إلى ساعات أطول معها، لكني أعوض عن ذلك في وقت آخر.
** بالعكس.. يجب على الجهات المختصة أن تبادر اتجاه الكتّاب المختصين بأدب الأطفال. الكاتب لا يستطيع أن يطرح نفسه على جهة مختصة فيجد أن عمله قد رفض. نحن بحاجة لوجود الشخص المناسب في المكان المناسب كي لا يكون هناك أزمة. يجب أن نتحرر من الأفكار التي تجاوزها الزمن وننفتح على بعضنا بعضاً، وعملية المبادرة بالتعامل مع الكاتب يجب أن تكون مسؤولية الجهة المسؤولة. في "سورية" لدينا بعض المبادرات في مديرية الثقافة، وبعض المبادرات الفردية، لكن لن يستطيع فرد القيام بجهود مؤسسة.
** للأسف نعم. لأن البعض أصبحوا يتجرؤون للكتابة للطفل على أساس أن ذلك أمر سهل وبسيط ويصلح للطفل، لكن دعيني أخبرك أن الكتابة للطفل من أصعب الأجناس الأدبية لأنها تحتاج إلى تجربة ناضجة فكريا وأدبيا. أنا بدأت الكتابة بعمر صغير واستطعت الوصول للطفل لكني لا أنكر دور والدتي وقسوتها بالتعامل معي في الكتابة، فهي من علمني كيف أكتب القصة والرواية لهم. إن الكتابة للطفل تعني لدى البعض أن نكتب رواية تحكي عن بضعة أطفال في رواية ما. إن ذلك ليس صحيحاً لأن الكتابة للطفل تحتاج إلى أسلوب، ومعالجة. أدب الأطفال هو جنس أدبي له خصائصه، ولكل مرحلة عمرية خصائصها.
** هذه الطفلة هي التي تكتب. الطفولة لها مراحل، وكل مرحلة لها شروط، وهذه الشروط هي التي تفرز أدب أطفال صحيح يقرؤه الطفل دون أن يرمي الكتاب. في المرحلة الأولى من حياة الطفل يحتاج الكاتب إلى الكلمة المباشرة المفهومة والمكررة، لكن في مرحلة متقدمة يكون التكرار أقل، والمفردات تتغير، وكذلك الأفكار. في النهاية الطفل وحده هو المعيار النهائي لتقييم الكتاب.
** أمي لم تكن تريدني أن أنحو اتجاه الكتابة، لأن همّ الكلمة صعب، والأدب لا يطعم خبزاً، لكن البيئة التي عشت بها في ظلها كما أخبرتك هي التي أجبرتني على حب الكتابة.
** ليس ثراء.. هو تقدير لعملي، وأنا أشكر كل من اهتم بذلك. انتاجي صادق وحقيقي لأطفال الوطن العربي، وأتمنى أن يحتفى به، وإلا فإن الأمر لا يعنيني إلا ما يقرؤه الطفل لي.
في لقاء مع الدكتور الكاتب "طالب عمران" قال: «هي امرأة لا تضيع وقتا، فهي تكتب، وتبرمج حياتها بشكل دقيق. مسيرة الابداع لديها لا تتوقف فهي متفرغة كليا من أجل الكتابة، وهي عضو مهم في رابطة "الخيال العلمي" وتغني الرابطة بندواتها الدائمة في هذا المجال، وأعتقد أن جميع رواياتها للطفل تستحق الاهتمام والقراءة، لكني شخصياً أقول إن روايتها "بذور الشيطان" من أهم ما كتبت عربياً وأكاد أجزم "عالمياً"، وبكل ثقة، لأن الرواية مهمة جداً وملأى بالمعلومات حيث أفادها اختصاصها العلمي في الكتابة.