هو شاعر وكاتب سوري، تأثر بالبيئة الاجتماعية لمكان نشأته "الحسكة" فكتب عنها كما لو أنه "يصفّي حساباً مع ذاكرته" كما قال.
هو الكاتب والصحفي "خليل صويلح" الذي كان لموقع eDamascus الحوار التالي معه بتاريخ 15/12/2011:
إن خليل صويلح يؤكد قدرته على إبداع كتابة روائية تزاوج بين المتعة وصوغ أسئلة متحدرة من واقع عربي، يعاني الانغلاق، والقهر، والعبادة
** الصحراء موجودة دائماً في أعمالي، لكنها لم تكن متناً، إنما كانت تأتي عبر مشهديات خاطفة. في هذه الرواية سعيت لاستعادة ذلك النص المراوغ، وملامسة تفاصيل كانت غائبة عن بيئة مهملة لم يلتفت إليها السرد الروائي السوري قبلاً. هل ألحت عليّ تلك الطفولة البعيدة كي أغرق في رمالها؟ ربما، خصوصاً أنني استعيدها هنا من موقع الغياب، وبإلحاح وقائع كانت ترغمني على الاشتباك معها، فمنطقة الجزيرة السورية تعيش جفافاً مناخياً منذ سنوات. لعلّني رغبت أن أكتب عن التصحّر الروحي أيضاً، وفضح البؤس الذي تعيشه هذه البيئة، وربما كانت هذه الرواية تصفية حساب مع الذاكرة، كي أزيح جانباً طفولة مؤجلة وضائعة ومنهوبة، مثلها مثل تلك البيئة المحمولة على الأساطير وانتظار فرج لا يأتي.
** "ورّاق الحب" نصي الروائي الأول، وقد طبع ثلاث مرات في سورية ثم طبع للمرة الرابعة في "دار الشروق" بالقاهرة فكانت تلك الطبعة كإعادة اكتشاف لهذه الرواية. بالطبع الجائزة قدمت لي شحنة معنوية لكن المهم فيها كان ترجمتها إلى اللغة الانكليزية. إن الجائزة تعطي مسؤولية للكاتب كي يستمر بعمله، وقد كان لها دور في إعادة قراءتي كروائي، وكأنها نص جديد رغم أنها صدرت في عام 2002 والآن وبعد عقد على صدورها، أشعر بأنها صدرت للتو، إذ لطالما اعتبر قراء كثر بأن "ورّاق الحب" روايتهم المفضّلة. وإذا كان لكل روائي بصمة، فقد وشمتني هذه الرواية كلعنة، رغم اشتغالي بعمق أكبر على أعمالي اللاحقة.
** الانترنت ليس بديلاً من الأدب. قد يكون أدباً شفوياً ينتمي إلى ما قبل الكتابة، لأن ما أشاهده وأقرؤه ليس إلا كتابات على السطح، لم تشدني بلاغياً، أو سردياً، أو جمالياً. فالمدونات على أهميتها في البوح، هي أقرب ما تكون إلى كلام المقاهي.
ليس عزاؤنا بهذا النوع من الكتابة لكنه بشكل أو بآخر يشكل رافداً ثقافياً أو إنه عتبة أولى في التخييل. الكتابة للانترنت فيها ارتجال وسرعة وموهبة أقلّ، والمعلومات فيها ليست دائما سليمة، لذلك لا تعتبر مقياسا للجودة. الكتاب تعويذة تحمي أرواحنا من العطب، ولا أجد متعتي في القراءة على شاشة الكمبيوتر. ما يأتي من العالم الافتراضي سيبقى افتراضياً، وكأنه لم يحصل، أو أنه مجهول النسب.
** الرواية كانت فكرتها أوسع من الحديث عن الشلل الثقافية. لقد كتبتها عام /2000/ وسعيت إلى إماطة اللثام عن لحظة زئبقية، وإننا نعيش في كهف مظلم يقودنا إلى ظلمة أوسع. صحيح أننا اقتحمنا الميديا الحديثة لكن تفكيرنا ظلّ بدوياً وما قبل الحداثةً. لعلّ ما نعيشه اليوم من أزمة يثبت ذلك، فها نحن نعود الآن إلى القبلية والعشائرية، ونستبدل الخنجر بالكيبورد، كما كانت تفعل إحدى شخصيات الرواية. الثلج يذوب في النهاية ليتكشّف عن علل كثيرة يعيشها المريض السوري.
** هناك شيء شخصي لم يكن معروفا عن "الماغوط"، وهناك تفاصيل في حياته جعلتني أعرفه جيدا. وقد ألفت كتابا كاملا عنه اسمه "اغتصاب كان وأخواتها" هو مجموعة حوارات قديمة أضفت إليها أسئلة جديدة وصغتها بطريقة جديدة. في مقالتي هذه قلت: آن الأوان لمحاكمة نص "الماغوط" بعيداً عن سطوته الشخصية. وذلك لم يكن مديحاً لتجربة الماغوط بقدر ما كان بحثاً عن أسئلة. قلت إننا يجب أن نحاكمه لأنه ليس أيقونة مقدسة. كان آخر ديوان أصدره "الماغوط" عام 1970، وعندما أحس أن نصه ابتعد عن الشعر لجأ إلى الكتابة للمسرح، ثم انتقل لكتابة المقالات الأسبوعية، لأنه هو نفسه شعر بنضوب النص لديه منذ فترة طويلة. مشكلة شعر "الماغوط" أنه ولد متوهجاً، ولم يتطوّر بعد ذلك، ولكن لابد من القول إن "الماغوط" هو علامة فارقة بتاريخ الشعر العربي المعاصر.
** أرى أن الجوائز تضرّ بالأدب رغم أنها إنقاذ مالي بالنتيجة. الجوائز في بلادنا ليست إلا إعانات مالية بالدرجة الأولى. لنتحدث مثلاً عن جائزة "البوكر الأدبية" التي يتم التقديم لها في شهر حزيران من كل عام، فقد جعلت هذه الجائزة البعض يكتب وكأنه في "موسم قطاف" كي يلحق بالقافلة. إن أغلب جوائز الرواية تذهب إلى الموضوع وليس إلى التقنيات بمعنى أن هذا الموضوع "ساخن" لكنه مكتوب بطريقة رديئة، وهذا "إشكال مهم" فلم يعد ينظر إلى النص الأدبي أو الروائي بعين نقدية. أنا أرى أنه لابد للكتاب أن ينضج، وأن يأخذ وقته الكامل للصدور، لأننا نرى سرعة في نشره ما جعلنا نكتشف نصوصا هزيلة.
** يفترض ذلك، ولكن على الصعيد السوري هناك جيلان على الأقل (الثمانينيات وما بعدها) بقيا في العراء النقدي، لم يواكب تجارب هؤلاء أي حراك نقدي فعليّاً، ولم نسمع خلالها بظهور ناقد يبشر بمرحلة أو حقبة أدبية. المحزن أنه لا يوجد اعتراف بالكتّاب وبتجاربهم، فماذا يعني أن ينقد كتابك ناقد من جيل الستينيات ليؤكد شرعيته، في حين أنه لا يوجد ناقد من جيلنا الحالي يكتب عما يصدر حديثاً ويكون أقرب إلى حساسية ما يُكتب؟ المشكلة إذن بعدم وجود نقّاد، إضافة إلى غياب المنابر النقدية رغم ما نقرؤه في الصحف إلا أن "الجريدة لا تصنع ناقداً". بغياب المشروع الثقافي والمنابر الجديّة، يغيب النقد، وتُدفن تجارب كثيرة في مقابر الصمت.
** لا.. أنا أحب أن أعيش في عصرنا الحالي رغم ظلاميته وعسفه الروحي. لا أتخيل نفسي في عصر آخر، فرغم كل المكابدات التي نواجهها أنا أحب أن أصنع شيئا جميلا اليوم. أحياناً أفكر أنني لو بقيت في "الحسكة" لكانت حياتي أكثر طمأنينة وأقل تلوثاً. أنا لم أتخلص من بداوتي، لكن لابد أن نواجه المصاعب في مدن الزحام.
** أسوأ النصوص هي التي تنشر في الأزمات. الكتابة المباشرة للحدث أراها سيئة، لذلك لو خيّرت فيمكن مثلاً أن أتمنى إعادة صياغة الكتابة عن الحب.
قال الكاتب والناقد "محمد برادة" عن "صويلح": «إن خليل صويلح يؤكد قدرته على إبداع كتابة روائية تزاوج بين المتعة وصوغ أسئلة متحدرة من واقع عربي، يعاني الانغلاق، والقهر، والعبادة».
يذكر أن الكاتب "خليل صويلح":
مواليد الحسكة 1959.
إجازة في التاريخ – جامعة دمشق – 1986.
صدر له:
أوديسة الغجر "نصوص" - دار الحصاد 1993.
ورّاق الحب، دار البلد، 2002، دار نينوى 2008، دار الشروق، 2008.
بريد عاجل، دار نينوى، 2004، 2008.
دع عنك لومي، دار الآداب، بيروت، 2006.
زهور وسارة وناريمان، دار الآداب، 2008.
اغتصاب كان وأخواتها "حوارات مع محمد الماغوط".
سيأتيك الغزال - رواية - دار رفوف بدمشق - 2011.