من واقع الحياة وهمومها نسج كتاباته المسرحية مستنداً إلى كوميديا ساخرة ليعبر عما نعيشه، بآراء وأفكار اجتماعية وإنسانية.

إنه الكاتب المسرحي الشاب الدكتور "صفوان بطيخة" الذي التقاه موقع eDamascus بتاريخ 8/12/2011 في الحوار التالي:

يعد الكاتب من الكتاب الشباب الذين أثبتوا تميزهم في عالم الكتابة المسرحية، ومن الواضح أنه ترك بصمة واضحة في الحركة المسرحية السورية من خلال تقديم مشروع فني مرتبط بالواقع الحياتي للمواطن العربي البسيط، وتسليط الضوء على مشاكل وهموم الإنسانية أملاً في حلها، كما أن الطابع الكوميدي السياسي الذي تتميز به معظم كتاباته المسرحية ما هو إلا سمة من سمات القوة والنجاح في عالم الكتابة المسرحية التي أعتبرها من أصعب أنواع الكتابة، وخصوصاً مسرحيته الأخيرة "السيرك" والتي أعتبرها نقلة نوعية في عالم المسرح، لأنها مسرحية ناجحة ومميزة من جميع الجوانب الفنية والتعبيرية من خلال الرسالة التي أراد إيصالها بطابع كوميدي في غاية الروعة، ما جذب المتابع للحركة المسرحية لمشاهدة عرضها أكثر من مرة، وأنا من الذين تابعوا هذه المسرحية عدة مرات

  • كيف كانت ملامح اللحظة الأولى للإبداع لدى الكاتب "صفوان بطيخة"؟.
  • من مسرحية "فوزية"

    ** المسرح له حضور خاص يختلف عن التلفاز والسينما، فهو حالة خاصة لا بد أن تتوافر لمتابعي المسرح. بالنسبة لي كنت في السنة الثانية في الجامعة عندما استهواني المسرح، فقصدت المسرح "القومي" لأشاهد عرضاً مسرحياً، وكانت المسرحية آنذاك بعنوان "كاليغولا" للفنان الكبير "جهاد سعد"، وكانت فائزة بجائزة "قرطاج" في "تونس" في ذلك الوقت، فتركت هذه المسرحية أثراً كبيراً في نفسي كهاو للمسرح، وأعطاني ذلك دافعا كبيرا للكتابة ليبدأ بعدها حبي لقراءة المسرحية، وكنت أواظب على دخول مكتبة "الأسد" وقراءة كتب عن الفنانين المسرحيين العالميين أمثال "شكسبير وموليير" وكنت معجباً كثيراً بطريقة عرض "توفيق الحكيم والماغوط"، وكنت أقضي معظم أوقاتي في القراءة المسرحية، وبعدها تملكني شعور بالرغبة في كتابة نص مسرحي، وهنا كانت حلاوة العمل أو اللحظة الأولى للإبداع المسرحي كما وصفتها، كان ذلك في السنة الرابعة لي في الجامعة، وكانت أول مسرحية لي بعنوان "السرمد" كان ذلك في عام 1997، فكانت المسرحية من بطولة ثمانية عشر شخصاً في البداية، ولكن لعدم التزام الممثلين معي ولعدم قدرتي على القيادة غاب سبعة عشر بطلاً، ولإصراري على العرض عملت وحدي "بطلاً، ومؤلفاً ومخرجاً"، فكانت فكرة المسرحية تدور حول الاختيار والتفكير والعلاقة الجدلية بينهما، فكان الطابع التراجيدي طاغياً على المسرحية لتأثري الكبير بالمسرح التراجيدي في بداياتي المسرحية، أما المسرحية الثانية فجاءت بعد سنتين أي في عام 1999، فكانت بعنوان "بلا مسرحية" وكانت نتيجة لعدم التزام أبطال مسرحية "السرمد" معي، وكانت بسيطة جداً من جميع الجوانب حتى من ناحية الإنتاج، فقد بلغت تكلفة نفقاتها آنذاك "45 ليرة فقط"، وتم عرضها على المدرج الخامس بكلية الآداب في جامعة "دمشق"، وكانت فكرة المسرحية أن "بين الممكن والمستحيل شعرة". وكانت تدور أحداث المسرحية حول مخرج فاشل يفكر في البروفة الأخيرة كيف يمكن أن يقول للجمهور إن المسرحية تم إلغاؤها بعد نشر الإعلانات بسبب عدم التزام الممثلين والمنتجين بعرض المسرحية، العرض كان جيداً، لاقى إعجاباً من أغلبية الحضور، وانتخبت لسنوية "سعد الله ونوس" عام 1999 وفازت بجائزتها، ولمست بعدها أن الجمهور يحتاج لفكرة سريعة، نظراً لضيق وقت الناس، فبدأت العمل على كتابة نصوص مسرحية سريعة تحمل معلومات وأفكاراً قيمة، وتوالت بعدها كتابة مسرحيات من واقع الحياة ومشاكلها منها "فقاعات صابون، فوزية والمؤامرة...الخ".

  • ماذا عن القصة القصيرة في حياة الكاتب "صفوان بطيخة"؟.
  • نسخة من كتاب مسرحية السيرك

    ** إن القصة القصيرة تعني لدي إيماناً بتتبع أثر لحظات إنسانية حياتية شديدة الأهمية منتقاة من صميم الذات وتفاعلها مع كل ما هو محيط بها، والقصة القصيرة كظاهرة إنسانية نشاط ينشأ بالضرورة ويتطور منذ طفولة الإنسان، وهي كظاهرة قد وجدت منذ أن وجدت المجتمعات الإنسانية المبكرة لتلبي حاجات نفسية واجتماعية، هي حكاية خيالية لها معنى، ممتعة بحيث تجذب انتباه القارئ، وعميقة بحيث تعبر عن الطبيعة البشرية، فكان لدي بعض المحاولات التي أعتز بها في هذا النوع الأدبي المبدع، منها "الحرابي، بابا نويل مطلوب فوراً، أبسط طريقة لتصبح حمارا".

  • مسرحية "السيرك" لاقت نجاحاً كبيراً خلال عرضها، كيف تراها من منظورك ككاتب؟.
  • من مسرحية السيرك

    ** أنا سعيد جداً بالنجاح الذي حققته مسرحية "السيرك" وأعتبر هذه المسرحية نقلة نوعية في حياتي ككاتب مسرحي، النص كان يحاول الاقتراب من أعمال المسرحي الكبير "محمد الماغوط ودريد لحام"، النص الأساسي للمسرحية كان مؤلفا من ثلاثة فصول موزعة على ستين صفحة، ولكن تم اختصاره وتكثيفه في العرض من قبل المخرج ليتحول إلى فصلين فقط، وليتم حذف الجزء الثالث بالكامل، الذي أعتبره أهم جزء، لأنه كان يناقش الواقع العربي بطريقة كوميدية جريئة، وكنت أتمنى من جميع المتابعين لهذه المسرحية قراءة النص الأساسي للمسرحية، لأنه غني بالأفكار الداعمة لتلك التي تطرحها المسرحية أثناء عرضها، والمسرحية في فكرتها الأساسية هي مقاربة أوضاع السيرك المهلهلة بالواقع العربي.

  • ما علاقة مهنتك كطبيب بالكتابة؟.
  • ** أعتقد أنه لابد لكل إنسان من ممارسة هواية أخرى إلى جانب مهنته الأساسية يلجأ إليها عندما يريد أن يزيح عن نفسه هموم الحياة اليومية، فكانت هوايتي الكتابة، أما الرابط الذي أجده بين الطب والكتابة المسرحية فهو معالجة القضايا الإنسانية، فالطب يعالج الإنسان من الفيروسات التي تهدد حياته الصحية، أما المسرح فيحاول بطريقة أو أخرى معالجة الإنسان من الفيروسات التي تهدد البنية الاجتماعية للإنسان بكاملها، إذاً الهدف هو واحد "معالجة القضايا الإنسانية"، كما أن أسلوبي في الكتابة المسرحية تأثر بالطب، فكثيراً ما استخدم مجازا عبارات طبية في كتابة المسرحية لأعبر بها بطريقة غير مباشرة عن حالة اجتماعية ما.

    * كيف تتعامل مع النقد؟.

    ** الناقد الصادق يتجه نقده إلى صاحب العمل كيف يطوره ويرتقي به دون أن يدمره، فلا يكون هدفه إسقاط الآخرين أو إبراز ذاته من خلال نقده، وأعلم أنه من السهل جداً انتقاد الآخرين واكتشاف الأخطاء وإبرازها، ولكن من الصعب بمكان إكمال البناء وإتمام النقص وسد الثغرات، وطبعاً أنا مع هذا النوع من النقد لأنه بشكل أو بآخر يدفعني إلى أمام بتطور عن طريق كشف الأخطاء وتجنبها، فهو الذي يدفع المركبة إلى الأمام ويعطي الإنسان قدرة على الإنتاج والتطور، ولكن للأسف أصبح النقد الإيجابي عملة نادرة، فقد يستغرق الإنسان عمراً طويلاً وزمناً مديداً كي يجد شخصاً يقدم له نقداً إيجابياً بناءً، فالدخول إلى النيات والمقاصد ليس من النقد البناء، وللأسف هناك كثير من النقاد يطالبونني بمعلقات آمرئ القيس وهم لا يعرفون فك الخط.

  • من أين تستوحي أفكار مسرحياتك، وكيف تختارها؟.
  • ** النصوص المسرحية لا يكتبها الكاتب إنما هي تأتي من الحياة، وتلك هي الحقيقة ومن أتى بغيرها فقد ضل ضلالاً كبيراً، ‏فالكاتب المسرحي ليس هو من يكتب إبداعاته إنما الحياة هي التي تكتب له، وهكذا نجد أن أي نص مسرحي في حقيقته هو نبض الحياة ونبض الناس ونبض الأرض والزمن، أما المؤلف المسرحي فإن دوره كما هو دوري يكمن في نقل هذا الواقع الحياتي بكل أمانة وإخلاص.

    التقينا الفنان التشكيلي الشاب "محمد حمدو"، وحول رأيه بالكاتب "صفوان بطيخة" قال: «يعد الكاتب من الكتاب الشباب الذين أثبتوا تميزهم في عالم الكتابة المسرحية، ومن الواضح أنه ترك بصمة واضحة في الحركة المسرحية السورية من خلال تقديم مشروع فني مرتبط بالواقع الحياتي للمواطن العربي البسيط، وتسليط الضوء على مشاكل وهموم الإنسانية أملاً في حلها، كما أن الطابع الكوميدي السياسي الذي تتميز به معظم كتاباته المسرحية ما هو إلا سمة من سمات القوة والنجاح في عالم الكتابة المسرحية التي أعتبرها من أصعب أنواع الكتابة، وخصوصاً مسرحيته الأخيرة "السيرك" والتي أعتبرها نقلة نوعية في عالم المسرح، لأنها مسرحية ناجحة ومميزة من جميع الجوانب الفنية والتعبيرية من خلال الرسالة التي أراد إيصالها بطابع كوميدي في غاية الروعة، ما جذب المتابع للحركة المسرحية لمشاهدة عرضها أكثر من مرة، وأنا من الذين تابعوا هذه المسرحية عدة مرات».

    الجدير بالذكر أن الكاتب "صفوان بطيخة":

    من مواليد دمشق 1977، يعمل طبيباً ويمارس هوايته في كتابة العمل المسرحي، حيث كتب في المسرح: "فوزية، العلاكون، كوكب الحمير، سكوت الحشرات تتكلم، الغزال الحكيم، لغز العراف، السرمد، فقاعات صابون، بلا مسرحية، المؤامرة، الثعلب الماكر، سامحونا، ضاملت، أبحد هوز، الساعة الثانية بعد منتصف الليل، الطلقة والسيرك....".

    وفي القصة: "اركض يا فؤاد اركض..."، وفي القصة القصيرة "الحرابي، بابا نويل مطلوب فوراً، أبسط طريق لتصبح حماراً"،

    وفي السيناريو التلفزيوني: "حياتنا، رقص على حد السيوف، اسكتشات".