«الدرب يوصلك إلى قرية اقترن اسمها بالتفاح، وعيون الماء والتصوف والفقه. هنا الناس، الوجوه بشوشة، والأخضر لون منتشر على جنبات المكان، والشجر والثلج والماء، وقصص الذين انتسبوا إلى القرية، فصار الخلط الجميل بين من ينتسب إلى من؟. القرية للناس أم الناس للقرية؟. هناك دائماً من ينتظرك في القرية،
بيوتها ومقاصفها السياحية الشعبية، وعيون مائها الزرقاء، وأماكن التزلج على الثلج، حيث يتعانق الوادي مع الجبل، والماء والربيع والشجر، مع الجبل والثلج، في لوحة فنية طبيعية رسمها الخالق».
أن بالعمل الشعبي والتعاوني، تم بناء قاعة "جبل الشيخ" للأفراح والعزاء، وتعد من أكبر القاعات اتساعاً في المنطقة، مؤلفة من طابقين يتسع كل طابق إلى نحو 1000 كرسي
بحسب كلام المهندس "صياح أبو مرة" رئيس الوحدة الإرشادية في بلدة "عرنه" في لقاء مع موقع eSyria بتاريخ 27/3/2009 مضيفاً: «تنام القرية بين أحضان "جبل الشيخ" وتمتد سهولها على بساط أخضر. يقصدها كثيرون من السياح والوفود الطلابية والزوار، الكثيرون منهم مروا من القرية، فاستراحوا لبعض الوقت تحت ظل أشجار التفاح، وشربوا من عيون مائها العذب، وتناولوا طعامهم في مقاصفها الشعبية. اليوم القرية تشهد تنظيم مهرجانات غنائية زجلية، يحتشد فيها الشعراء والزجالون من "سورية ولبنان"، كحدث غنائي وحضاري ثقافي في القرية».
وأضاف: «يحد قرية "عرنه" من الشرق قرية "الريمة وبقعسم" ومن جهة الغرب والشمال تحدها سلاسل "جبل الشيخ" المحاذية للسلسلة الشرقية لجبال "لبنان". أما من جهة الجنوب فتجاورها أراضي قرية "دربل".
من أهم معالم القرية السياحية انتشار العشرات من المقاصف والمتنزهات على جانبي الطرقات، وفي السهول والتلال المجاورة للقرية، إضافة إلى قصر "شبيب التبعي" الأثري، الواقع في أعلى قمة "جبل الشيخ" إلى الجهة الشمالية من القرية، والذي يعد أقدم ما بقي من المعابد الوثنية، فوق جبل "بعل حرمون" المعبد القابع أعلى قمة الجبل، هناك تشير البقايا الحجرية المكتشفة، إلى تصميم تقليدي ينقسم بين ساحة مسورة بحائط حجري على شكل بيضوي، وهيكل مستدير الشكل، يبلغ طول قطره حوالي ستين قدماً، وبداخله قدس الأقداس المحفور داخل صخرة ارتفاعها نحو خمسة عشر قدماً، بعمق ثمانية أقدام.
ويبدو أن الموقع استعمل في وقت لاحق مكاناً للسكن، لذلك أسماه الناس بقصر "شبيب"».
ولدى سؤالنا عن الأسطورة التي تحكى عن "شبيب" قال: «إن "شبيب" كان أميراً يمنياً، مات على يدي "أبي زيد الهلالي" في إحدى حجرات القصر، الذي عرف أيضاً بقصر "عنتر". وما زال الناس في المنطقة يتحدثون عن القصر ويفضلون إطلاق تسمية "شبيب" على قمة "جبل الشيخ"، ويضربون به المثل، في العز والمجد».
وعن المجتمع في "عرنة" أخبرنا: «أن بالعمل الشعبي والتعاوني، تم بناء قاعة "جبل الشيخ" للأفراح والعزاء، وتعد من أكبر القاعات اتساعاً في المنطقة، مؤلفة من طابقين يتسع كل طابق إلى نحو 1000 كرسي».
أما السكان فيبلغ عددهم حسب الاحصاءات البلدية قرابة 5000 آلاف نسمة، يعمل معظمهم في الأعمال الزراعية، والخدمات السياحية، ويوجد في القرية مجموعة من المرافق الخدمية، منها البلدية ومستوصف طبي كبير، إضافة إلى مركز للهاتف ووحدة إرشادية، وعدد من المدارس الابتدائية وثانوية عامة بفرعيها العلمي والأدبي.
تشتهر القرية بأشجار التفاح بنوعيه "الكولدن والستاكينغ" إضافة إلى نوع "التفاح السكري" الخاص بالقرية دون سواها من القرى في المنطقة. يقدر إنتاج القرية من ثمار التفاح سنوياً نحو 13 ألف طن، والمساحة المزروعة بأشجار التفاح تبلغ قرابة 6700 دونم.
وعن أهمية القرية السياحية والزراعية أشار السيد "نبيه بدر الدين" مضيفاً: «اقترن اسم التفاح هنا، نسبة إلى اسم القرية، وأصبح يعرف في الأسواق السورية، بتفاح "عرنه"، وهذا إن دل إنما يدل على المذاق الطيب والنكهة المميزة لتفاح القرية، الذي يعزوه الكثير من المهندسين الزراعيين إلى الماء العذب وطبيعة المنطقة الباردة شتاء والمعتدلة صيفاً، يعيش أهالي القرية في جو من المحبة والتآخي الديني، حيث يصعب على المرء تمييز الأشخاص، من يذهب منهم إلى المسجد، ومن يردد ترانيم أجراس الكنيسة. تجمعهم الكلمة الطيبة، في كافة المناسبات الدينية والاجتماعية. ومن العائلات الموجودة في القرية، نذكر عائلات "كبول- مسعود- أبو مرة- زخم- البابا- زغيب- شموس- شاهين- بدر الدين- أبو قيس". ينتشر بعض أهالي القرية في دول "أوروبا وأمريكا"، إضافة إلى استقرار الكثير من العائلات في "الولايات المتحدة الأميركية وكندا"، ويأتون إلى القرية بين الحين والآخر. كما ينتشر بعض الأفراد في دول "الخليج العربي" بهدف العمل مثل دول "الإمارات العربية المتحدة- قطر- الكويت". كما يعيش قسم من أهالي القرية في بلدات محافظة "ريف دمشق- صحنايا- الاشرفية- جرمانا- قطنا- جديدة عرطوز"،
يوجد في القرية أكثر من 25 نبعاً وعين ماء، دائمة الجريان طوال السنة، إضافة إلى العديد من العيون والينابيع الموسمية، التي تتفجر في فصلي الشتاء والربيع، وتجف في أواخر فصل الصيف. ومن أسماء العيون على سبيل المثال: عين "عيسى- الزرقاء- جبران- علي". والزائر للقرية سوف يرى بأم عينه، جريان المياه العذبة على جانبي الطرقات، أينما اتجه وكيف سار، وسط أقنية بيتونية تجر المياه من أحياء القرية، نحو الحقول والبساتين. إضافة إلى تفاح القرية وعيونها وطبيعتها الساحرة، يلفت انتباه الزائر للقرية، لباس أهالي القرية الموحد، المؤلف من الشروال والحطة والجاكيت، بألوانها المميزة والمعروفة. هذا الزي الموحد أعطى القرية ميزة خاصة، يرتديه الناس في سهراتم وأثناء إنجاز أعمالهم الزراعية وغيرها. حيث بإمكان الإنسان معرفة أهل القرية، بمجرد رؤيته للباسهم الموحد، سواء كان ذلك في الأفراح أو في الأتراح، ونادراً ما تجد شخص لا يرتدي لباس القرية أثناء خروجه لزيارة صديق أو أحد معارفه وأصدقائه في قرية أخرى. هذه هي قرية "عرنه" باختصار، بمعالمها الأثرية، وعلاقات التآخي الاجتماعية والدينية التي تربط بين ناسها، ومقاصفها السياحية، وينابيعها العذبة، لباس أهاليها التقليدي الموحد».