هو امتداد "لسوق الحميدية" العريق، ارتبط اسمه بالزوار القادمين إليه، من سكان الأناضول وبلاد الروم، فحيكت عراقته بخيوط ونول يدوي لصناعة السجاد الدمشقي. إنه سوق "الأروام" الذي يعد من أقدم وأشهر الأسواق في مدينة "دمشق"، والمعروف بدقته في تصنيع وتصليح السجاد بمختلف أنواعه.

السيد "ابراهيم التاجر" أحد الأشخاص المترددين على السوق أشار بالقول: «يعتبر من أقدم وأعرق الأسواق في "دمشق"، حيث كان يتردد إليه العديد من الناس ومن مختلف المناطق نظراً لجودة السجاد والمفروشات ودقة ومتانة صناعتها».

يعتبر من أقدم وأعرق الأسواق في "دمشق"، حيث كان يتردد إليه العديد من الناس ومن مختلف المناطق نظراً لجودة السجاد والمفروشات ودقة ومتانة صناعتها

مدونة وطن eSyria التقت الباحث التاريخي "حسن الصواف" بتاريخ 26/9/2012 ليتحدث عن سوق الأروام بدمشق: «بني السوق في عام /1780/، وكان يعرف باسم سوق "الأروام" ثم أطلق عليه "السوق الجديدة"، ثم سمي فيما بعد بالحميدية نسبة إلى السلطانين "عبد الحميد الأول" و"عبد الحميد الثاني"، لأن السوق بني على مرحلتين في عهديهما، إلا أن سوق "الأروام" الذي يحمل التسمية الرسمية في يومنا هذا، هو السوق الضيق الذي يمتد موازياً لسوق "الحميدية" من جهة الجنوب، حيث يتألف هذا السوق من مجموعة أسواق صغيرة ضيقة مغطاة، تتوزع عند النسق الجنوبي من البداية الغربية لسوق الحميدية، بما في ذلك شارع "أبو عبيدة بن الجراح" و"عبد القادر الحسيني" اللذان يؤديان إلى "الحريقة".

الباحث في التاريخ والتراث "حسن الصواف"

بالإضافة إلى أن سوق "الأروام" معقود بأقواس من الحجارة تحجب الضوء هذا ما يحمل على الاعتقاد أنه كان خاناً قديماً، بعدما وجد فيه موضع دار العدل أو ما تعرف أيضاً باسم "دار السعادة"، ويطلق على كامل هذه المنطقة اسم سوق "الأروام" بعد أن كانت هذه التسمية تطلق على النصف الغربي لسوق الحميدية قبل تنظيمه، ولا يزال المسنون يطلقون هذه التسمية على كامل سوق "الحميدية" إلى يومنا هذا».

أما عن سبب التسمية فيضيف "الصواف" بالقول: «إن تسمية "الأروام" تعود إلى سكان بلاد "السلاجقة" التي تعرف أيضاً باسم بلاد "الروم" في "الأناضول" بتركيا، فهؤلاء "الأروام" أتوا إلى بلاد الشام، وشغلوا هذا السوق في "دمشق"، وحتى القرن الثامن عشر بقيت المصادر التاريخية تشير أحياناً إلى هذا السوق، باسم مركب يجمع بين القديم والحديث سوق "السيباهية والأروام" فيما تلاشى الاسم القديم وبقي الاسم الجديد للسوق خلال القرن التاسع عشر، وبقي السوق يؤدي خدماته رغم تهدمه، حيث أدخلت عليه بعض الترميمات بعد نهاية الحكم العثماني وتحول إلى فرع لسوق الحميدية متخصص ببيع السجاد القديم والمفروشات، وهناك من يعتقد أن تسمية سوق "الدلالين" تطلق على سوق الأروام وهذا خطأ، لأن سوق "الدلالين" يقع في شارع "أبو عبيدة بن الجراح"، حيث يباع السجاد القديم النفيس وغير النفيس بالمزاد العلني، والطريف في الأمر "الدلال" كان يدوس على هذا السجاد الملقى على أرض الشارع ذهاباً واياباً ويطلب من "الزبائن" أن يفعلوا ذلك ليتأكد "الزبون" من متانة صنعها، كذلك كانت تباع بالمزاد المفروشات المعدنية والخشبية العتيقة وما شابه».

السجاد اليدوي في سوق الأروام

يتابع: «تنتشر في هذا السوق حوانيت بيع البسط والمساند المستعملة في المقاعد والدواوين، إضافة إلى المفروشات القديمة ذات القيمة التراثية من خزائن وصناديق خشبية محفورة أو مطعّمة بالصدف وما شابه ذلك، إلى جانب السجاد العجمي والتبريزي القديم المستعمل وغيره، كما ارتبطت صناعة السجاد اليدوي بهذا السوق، لتتبدل هذه الصناعة مع مرور الزمن إلى "تصليح" السجاجيد القديمة التي تتعرض أجزاء منها للتلف».

وحول صناعة السجاد في سوق "الأروام" قال الباحث في المهن القديمة "بشير زهدي": «إنه يصعب تحديد الفترة الزمنية التي دخلت فيها هذه الحرفة إلى هذا السوق، لأن وجودها في "دمشق" قديم جداً، ناهيك عن أن مهنة السجاد اليدوي ارتبطت أيضاً بسوق "الأروام" خاصة أن "دمشق" شهدت ازدهاراً كبيراً لهذه الصناعة في أيام العصر الأيوبي والمملوكي، وبعد سقوط دولة المماليك ودخول العثمانيين إلى "بلاد الشام" انتقلت هذه الصناعة إلى "تركيا"، و"السجاد الدمشقي" هو ذاته "السجاد المملوكي"».

سوق "الأروام" عبر غوغل أرث

يضيف: «لقد ظلت حرفة السجاد اليدوي في سوق "الأروام" زمناً طويلاً إلى أن قلّ مقتنو السجاجيد والبسط، وتحولهم إلى السجاجيد الحديثة الأرخص سعراً، نتيجة دخول الآليات الحديثة إلى المهنة، حيث بات الإنتاج كبيراً ما أدى إلى انخفاض سعره، علاوة على عدم إقبال الشباب على تعلم هذه المهنة لقلة العائد المادي منها، الأمر الذي أدى إلى تحول الحرفة في هذا السوق من صناعة السجاجيد إلى صيانتها، خاصة تلك التي بيعت في هذا السوق منذ زمن طويل».

"أحمد الدالي" صاحب أحد محال صيانة السجاجيد والبسط القديمة تحدث بالقول: «لقد تحولت صناعة السجاد اليدوي مع مرور الزمن إلى صيانة السجاجيد القديمة التي كانت تباع بكثرة هنا، نتيجة تراجع الإقبال على شراء السجاد اليدوي الذي يرتفع ثمنه مقارنة مع السجاد الصناعي، حيث اضطر صانعو البسط إلى التحول من صناعة السجاجيد إلى صيانتها».