"هزي التوتة يا توات، توتك شامي يا توات"، عبارةً كنا نردهها مراراً وتكراراً ونحن نركب الأرجوحة التي علقت حبالها في شجرة التوت، حتى صارت أغنية فلكلورية لها مكانها في الموروث الشعبي، وغدت الشجرة الثمينة ذات الثمار الحلوة والتي يعتبر شرابها شراب الأفراح والمناسبات السعيدة.
يحق لها أن يطلق عليها الشجرة الملكية فهي شجرة الحرير الطبيعي، وشجرة من أشجار الجنة التي تمنح الظل والخير والعطاء كما ذكر في "القرآن الكريم".
هناك عبارات يروج بها شراب التوت أشهرها النداء التقليدي الذي تعود الناس على سماعه "شفا يا توت شامي شفا"
موقع eSyria التقى السيد "محمد بدر الدين" بتاريخ 9/8/2009، الذي حدثنا بإسهاب عن شجرة التوت وثمراها، فقال: «ثمار التوت يتم جنيه من شجرة معروفة يقال أن أصلها من بلاد فارس "إيران" لها أوراق عريضة الشكل ذات لون أخضر جميل، تمر ثمارها بثلاثة ألوان حتى تصبح ناضجة، وجاهزة للأكل، فهي تبدأ باللون الأبيض ويكون غير صالح للأكل ثم يتحول التوت للون الأحمر الوردي ذو الطعم الحامض وأخيراً اللون الأسود الداكن وهو الثمر الناضج تماماً والذي يصنع منه الشراب، ومربى التوت».
ثم أضاف: «تتوزع أشجار التوت في بلدنا كلها، وخاصة في المناطق الساحلية، الذين يهتمون بها كثيراً كونهم يستعملون أوراقه كغذاء لدودة الحرير (القز)، وتكثر أيضاً وغوطة دمشق، ويوجد التوت على نوعين الأول البلدي اللين ذو الطعمة الحلوة، يميل لونه إلى الأحمر الوردي أو الأحمر الذي يخالطه البياض، فوائده كثيرة منها أنه يستخدم كملين للمعدة، أما النوع الثاني "الأسود" يسمى التوت الصناعي لأنه يدخل في صناعة بعض الأغذية والأشربة، ويعد هذا النوع غني بالأملاح المعدنية والفيتامينات، ويسمى عندنا في سورية التوت الشامي المعروف عنه طبياً وشعبياً بأنه يفيد المصابين "بالقلاع" والتهابات الفم، كما يستعمل لتحلية الأدوية وتلوينها وخاصةً أدوية الأطفال كشراب السعال».
وعن طريقة صنع شراب التوت الشامي قال: «يجب أن يكون أسوداً وناضجاً تماماً حيث نقوم باختيار الثمار الجيدة ونقطع الأعناق عنها ثم تغسل بواسطة رذاذ الماء للتخلص من التراب العالق بها ونضعها في مصفاة لمدة 6 ساعات للتخلص من الماء، في المرحلة الثانية نضيف كمية سكر متوازنة مع كمية التوت الأسود، أي ما يعادل تقريباً 1 كليو غرام سكر لكل 5 كيلو غرام من التوت، ونتركها لمدة 24 ساعة، وتلي الخطوة السابقة مرحلة عصر الثمار، ثم تصفية السائل الناتج حتى يصبح نقياً خالياً من الشوائب يضاف إليه السكر ويحرك جيداً حتى يذوب، أما الثمار المتبقية فتغلى في الماء لمدة 5 دقائق وتعصر وتصفى بمصفاة عادية ثم بقطعة قماش نظيفة حتى يتم الحصول على خلاصة لسائل التوت، ويضاف له قليلاً من عصير الليمون».
وتابع قوله: «يخلط الشراب المستخلص أولاً، مع الشراب المستخلص في المرحلة الثانية ويتم مزجهما معاً بشكل جيد ويترك في وعاء لمدة يوم كامل، يكشط عن وجهه السائل الزبد إن ظهر فيكون شراب التوت المركز والمكثف جاهز للتعبئة في قوارير مصنوعة من الزجاج، وبالنسبة لنا نحن الباعة المتجولين نستعمل هذا الشراب بالإضافة إلى حبات التوت الناضجة حتى تستمر بفرز خلاصتها».
الشاب "كنان الحلو" (بائع عصير توت) قال: «يستعمل كشراب ملطف ومنعش، خاصةً أيام الصيف الحار، كما يدخل في إعداد بعض أنواع الحلويات والمربى والمثلجات لنكهته الطيبة ولونه المميز، وهناك استعمال طريف له، يكمن قي تصويره وكأنه دماء في المسلسلات».
وأضاف: «هناك عبارات يروج بها شراب التوت أشهرها النداء التقليدي الذي تعود الناس على سماعه "شفا يا توت شامي شفا"».
ومن الزبائن السيدة "فلك الصياد" التي التقيناها وهي تشتري شراب التوت، حيث قالت: «نحن نقدم في المناسبات شراب التوت لأنه يدل على كرم الضيافة، وهو شراب طيب جداً ومفيد، لذلك أشتريه كلما نفذ من منزلي».
أما السيد "عزت القادري" فقال: «شراب التوت الشامي، أحلى شراب في الشام، وشجرة التوت شجرة كلها خير، لأن الكل يستفيد ويأكل منها حتى العصافير، وأنا أتذكر أنه كان عند أحد أقاربي شجرة توت كبيرة جعلها مشاعاً ليأكل الناس منها».