يسعى الفن والموسيقا بأعلامه لإظهار مكنون جماله ليقدم لوحته الفنية الموسيقية بمقاماتها وأنغامها لعالمه العربي في زمن الفوضى الفنية.
وإن كان الفن هو فرح الإنسان فمن المفرح لك وأنت تبحث في قاموس المفردات لتجد كلمة تعبر عن الموسيقية المتألقة السوبرانو "تالار دكرمنجيان"، التي انطلقت من بلدها سورية إلى عالم الأوبرا والأركسترا العالمية، عادت "تالار" إلى بلدها مسلحة بدراستها الأكاديمية وخبراتها الكبيرة في عالم الغناء الأوبرالي، فجاءت تلبية لدعوة لحضور حفل اختتام مهرجان "بصرى" الدولي بمثابة حلم تحقق لها، ذكّر الجمهور السوري بها مرة أخرى، بعد هذه النجاحات التي حققتها "تالار"، كان لابد من الحديث عن تجربتها التي قضتها في سورية ودول العالم، فكان لموقع eDaraa بتاريخ 10/9/2008 أن التقاها وكان هذا الحوار:
** بدايتي بالغناء الأوبرالي كانت مع الأستاذة "أراكس تشيكجيان" التي كانت مغنية الأوبرا الوحيدة في سورية، وبعد أن سمعت صوتي وكان عمري 13 سنة، قالت لي لديك أذن موسيقية وخامة صوت جيدة، وعند وضوح صوتي في السادسة عشر من عمري بدأت أتعلم وأمرن صوتي، ودخولي المعهد جعلني بمركز تحيط به الموسيقا من كل جانب، ومن خلاله تعرفت على الآلات الموسيقية والأوركسترا والغناء والمواد النظرية والعلمية فكانت البداية.
* ما شخصية مغني الأوبرا؟
** يجب على مغني الأوبرا مهما كانت جنسيته من إتقان لغة الأوبرا التي يقدمها، ويجب عليه تقمص الشخصية وتحليلها وفهمها، وكل إنسان يعبر عن هذه الشخصية من خلال مخزونه العاطفي والإنساني، ويختلف كل شخص في رؤيته لهذه الشخصية، فالحزن يختلف بين الحضارات، والشرق أكثر عاطفة وعمقاً وصدقاً، فالصوت والموهبة في الأوبرا مهمان جداً، وبالأهمية ذاتها هناك التمثيل، وهناك الجزء الأكبر ويتعلق بالحركة على المسرح، ولا أنسى تعابير الوجه أيضاً.
** درست في ألمانيا- وهولندا - وبلجيكا وحالياً في فرنسا، وفي كل دولة أتعلم شيئاً جديداً، في هولندا درست 3 سنوات وحصلت على درجة الماجستير، حيث درست الأوبرا وعرفت كيف تؤدى الأغاني الكلاسيكية، كما تعلمت أداء المسرحيات الدينية التي تتحدث عن الإله، وعلينا كمغني أوبرا تعلم هذا النمط، وفي بلجيكا بدأت مهنة الغناء الأوبرالي حيث عملت مع مغني أوبرا كبار ومشهورين في العالم، أما في فرنسا فأنا أتابع الآن مع أساتذة مختصين مراقبة صوتي وكيفية تطوره.
** جئت من بلجيكا للمشاركة بالحفلة بدعوة من قائد الفرقة الوطنية السورية، أنا سعيدة جداً خاصة إنه خلال سبع سنوات لم تقدم لي دعوة في بلدي، وخلال فترة طويلة لم ألتق بالأوركسترا الوطنية السورية التي تربيت فيها من أول أيام دراستي في المعهد العالي والتي أوصلتني لما أنا عليه حالياً، وبفضل أستاذي أيضاً الراحل "صلحي الوادي"، وليس هناك شيء أجمل من الوقوف أمام السيد الرئيس وعقيلته، إنه شرف كبير لي، ويعد الحدث الأهم والأسعد بالنسبة لي في كل حياتي.
** غنيت عام 2001 في القداس الذي أقيم في "دمشق" أثناء زيارة البابا لدمشق، وغنيت أيضاً في بروكسل أمام الملك "ألبرت الثاني" والملكة "باولا"، غنيت في الاحتفال السنوي في قصر الفنون الجميلة في "بروكسل"، وغنيت في العديد من دول العالم منها إيطاليا- ألمانيا- هولندا - أميركا– الأردن- تونس- لبنان- اليابان، وبمشاركة أشهر الأوركسترات وقوادها.
** من التجربة ومنذ انطلاق الفرقة في بدايتها وحتى الآن، من الملاحظ أن الجمهور السوري تقبل تجربتنا بشكل رائع، ففي جميع الحفلات التي قمنا بها في سورية كانت الصالات مكتظة بالحضور، الشعب السوري شعب مبدع وخلاق، وعلى مر الزمان احتضنت هذه البقعة من العالم الموسيقا والفنون عامة، لذا فتذوق تجارب موسيقية جديدة ليس بعيداً عن ذائقة الشعب السوري بشكل عام، على الرغم من الشوائب الموسيقية التي تعم مجتمعاتنا السورية والعربية وحتى العالم، لكن أعود للقول إن هناك الكثير ممن يبحثون عن تجارب موسيقية جديدة تنقذهم من هذه الشوائب.
** لدي حفلة في الخامس من كانون الأول، وسأغني في القداس الجنائزي لموزارت في لندن مع فرقة لندن لموسيقا الحجرة، وأعتبرها من المحطات الهامة في حياتي الفنية، لكون الفرقة من أهم فرق الموسيقا الحجرة في العالم.