تتعدد ألوان الغناء في "حوران" كأنها لوحة فسيفسائية شكلها فنان ماهر، كما تتداخل مع أغاني ما جاورها من مناطق، بحيث يصعب الفصل بينهما، فإذا أضفنا إلى ذلك جمالية الأغنية وصداها الواسع في "حوران" وخارجها، برز إلى الأذهان ضرورة الاهتمام بهذا التراث الغنائي العريق.
الفنان "أحمد زطيمة" المغني الفلكلوري، هو أحد المهتمين بتوثيق التراث الغنائي في "حوران".
تميّز الفنان "أحمد" بتلحين الأغاني الشعبية والوطنية الخفيفة، وبالأخص لحنه لأغنية "أنت من والأقصى يهدم"، الذي برع فيه كثيراً باعتقادي
الكاتب "أسامة السعداوي" يقول: «"أحمد زطيمة" فنان ناجح وموهوب، تخصص بالأغنية الحورانية وبرع فيها، كما طور بعض الألحان، فهو ملحن وخبير بالمقامات، وأضاف ألحانا جديدة منسجمة مع روح الأغنية الحورانية».
ويضيف "السعداوي": «كما أن الفنان "أحمد" باحث مثابر ونشط، قام بمشروع ضخم لجمع وتوثيق التراث الغنائي لمنطقة "حوران"، ما تطلب منه القيام بجولات ميدانية كثيرة داخل وخارج المحافظة، لمعرفة أصل وصحة أغنية ما أو لحن ما، ولسماع الأغنية بروحها التراثي والجمالي الأصيل.
كما يفسر بحثه بعض المصطلحات المستخدمة في الغناء الحوراني، مثل "الهجيني، الشروقي...الخ" من حيث اللغة، وأيضاً كقالب غنائي».
"أحمد زطيمة" هاو للغناء والموسيقا إلا أنّه نجح وبرع بشكل ملحوظ، هذا ما يؤكده الأستاذ "حابس الكور" مدرس الموسيقا في معهد إعداد المدرسين، ويضيف: «تميّز الفنان "أحمد" بتلحين الأغاني الشعبية والوطنية الخفيفة، وبالأخص لحنه لأغنية "أنت من والأقصى يهدم"، الذي برع فيه كثيراً باعتقادي».
السيد "محمود الأكراد" باحث، يقول: «اختار الفنان "زطيمة" لونا غنائيا متوافقا مع صوته، ومتفاعلا مع طبيعة المنطقة، وحتى عندما طور بعض الألحان لم يخرج عن نسق الغناء الحوراني، فالتطوير كان في الجملة اللحنية.
كما تميز بغناء "الهجيني"، الذي أعتبره العمود الفقري للغناء الحوراني، و"الهجيني" كما هو معروف تأثر بالأحداث والمناسبات التي مرت بها المنطقة، وما أكثرها في "حوران"، فجاء متعدداً متلوّناً، وغنياً بالملاحم والبطولات».
ويضيف "الأكراد": «فيما يتعلق بالبحث الذي يقوم به "أحمد" منذ خمسة عشر عاماً، فهو مهم وضروري للمنطقة، لأنّ توثيق التراث الغنائي "لحوران" يحميه من الضياع والتشويه، ويمكنني القول إن "أحمد زطيمة" أول من وثق التراث الغنائي الحوراني بأسلوب علمي».
للاقتراب أكثر من شخصية الفنان "أحمد زطيمة"، التقاه موقع "eDaraa" مؤخراً، حيث قال: «استهواني الغناء منذ نعومة أظفاري، حيث ترافق ذلك مع مواسم الحصاد، التي تشتهر بها المحافظة، بالإضافة لترديدي لأغاني الأعراس، ويمكن القول إن اهتمامي بالغناء بدأ منذ ثلاثين عاماً، وتخصصت بالأغنية الفلكلورية الحورانية، ذات الطابع المميز، وإتقاني لهذا اللون من الغناء كان باجتهاد شخصي، رافقه عمل عدة دورات في الموسيقا».
بدأ أولى نشاطاته مع "اتحاد شبيبة الثورة"، يضيف الفنان "زطيمة": «ثمّ رحت أشارك في المهرجانات بتكليف من مديرية ثقافة "درعا"، وقد ساهمت في العديد منها على مستوى "حوران وسورية"، وأغلب مشاركاتي كانت في مهرجان "بصرى الدولي"».
وعن تقييمه للفلكلور الحوراني، قال الفنان "أحمد": «تقسم الأغنية الحورانية إلى خمسة أنواع رئيسية هي "الهجيني، المطاليع، الرّدة، الشروقي، الحدادي"، بالإضافة إلى أغاني الأعراس المتلونة، وبشكل عام الأغنية الحورانية تغنى على مقامين أساسيين هما "البيات والرست"، اللذين يعتبران من أقرب المقامات الشرقية للموسيقا الغربية.
أمّا بالنسبة لمكانة الفلكلور الحوراني، فهو وباعتراف المختصين من أقوى وأجمل أنواع الفلكلور على مستوى "سورية" والعالم».
يملك حوالي 200 لحن غنائي خاص به، منها حوالي 40 لحنا للأغنية الحورانية، هذا ما أكده فناننا العزيز، وأضاف: «أعتز بأنني استنبطت أول لحن يحمل الطابع الحوراني وأيضاً له صفات الأغنية الكاملة، من حيث اللحن والإيقاع والجملة الموسيقية، بحيث يطرب له أي مستمع غير حوراني.
كما قمت سابقاً بإعداد بحث موسع عن الأغنية الحورانية، وموقع هذه الأغنية من الفلكلور العالمي، وقدمت شرحا مفصلا عن هذا البحث في لقاء على "القناة الفضائية السورية"، وأيضاً جرى في هذا السياق تعاون بيني وبين الباحث الكبير "عوّاد الجدي" من محافظة "دير الزور"، من أجل عمل مقارنات بين الأغاني الفلكلورية في "حوران" ومثيلاتها في منطقة "الفرات"».
بقي أن نذكر أن الفنان "أحمد زطيمة" من مواليد "درعا" عام /1958/، وهو يتقن العزف على العود والكمان.