الشعر العربي هو منهل عذب كثير الزحام يحمل الأصالة من منابع الإرث الثقافي واللغة المتجذرة في عروقنا، والقصيدة الرمزية هي المنجم الثري لإثراء التشكيل الشعري، ويعتبر الرمز عند بعض الشعراء مهماً للغاية فلا تكاد تخلو قصيدة من قصائدهم من استخدام الرمز فيها، وتبقى القصيدة أفق الشاعر الذي يدور في فضائه فيحلق بنا في مناخات القصيدة، عبر مفرداته التي تخدم الذائقة الحسية ببعدها اللغوي ومعناها الرمزي ولكل شاعر معجمه الخاص.
موقع eDaraa في 3/12/2009 التقى الشاعر "حاتم قاسم" الذي حدثنا عن أهمية استخدام الرمز لدى الشعراء في قصائدهم فقال لنا: «الرمز يشكل عند معظم الشعراء المادة الأساسية للغوص في مجاهيل النص البعيدة، وعلينا أن ندرك أن الرمز والدلالة والأسطورة المرتبطة به لا تعيب النص إذا استخدمها الشاعر وفق تقنيات تتيح للقارئ مساحة التخيل التي أرادها وإيجاد القواسم المشتركة بينها وبين المتلقي، فقد كان البوم نذير شؤم وفراق عند العرب وفي ذلك يقول "النابغة الذبياني":
يوظف الشاعر "محمود درويش" الحمام ليرمز إلى السلام المفقود في وطنه وفي نفسه يقول: ## يطير الحمام ## يحط الحمام ## اعدي لي الأرض كي أستريح ## فأني أحبك حتى التعب
زعم البوارح أن رحلتنا غداً/ وبذاك تنعاب الغراب الأسود».
ثم يقول: «وبما أن الأسطورة ترتبط بالرمز ارتباطاً وثيقاً، فقد واكبت مسيرة الإنسان في ماضيه وحاضره ومستقبله، ونجد أن الكثير من الشعراء يلجأ إلى الرمزية لعدم البوح بالأسرار أو الإفصاح عنها، ولقد جنح الصوفيون إلى الرمز فكانوا يؤثرون الإشارة وعدم البوح حقناً لدمائهم، وبهذا نجد أن الإشارة عندهم تطلق الفكرة وتحررها على خلاف العبارة التي تقيدها وتحدها، ويبقى الخيال الخصب هو ملكة الشاعر لفضاء الرمزية، والرموز حياة أخرى عبر سياقات أخرى جديدة عندما تمدنا بالذاكرة البيئية التي تفرز لنا وحدات من الرموز الجديدة».
ويتابع الشاعر "حاتم قاسم" بالقول: «يقول الشاعر الصوفي "محي الدين بن عربي" إن الرمز والألغاز ليست مرادة لنفسها وإنما مرادة لما رمزت إليه ولما أُلغز فيها، فالتعبير فيها ليس مباشراً والألفاظ تكاد تكون مستعملة في غالب الأحيان في غير ما وضعت له، والرمزية يجب أن تكون بعيدة عن الغموض والطلاسم، فالشعر ذائقة جمالية لا قيمة لها إن لم تترك أثراً في نفس المتلقي بطريقة رمزية موحية تضفي على نص الشاعر متعة وجمالاً، ويقال الشعر حديث النفس، وما تورده في شعرك هو رموز من ذاتك».
ويضيف: «يوظف الشاعر "محمود درويش" الحمام ليرمز إلى السلام المفقود في وطنه وفي نفسه يقول:
يطير الحمام
يحط الحمام
اعدي لي الأرض كي أستريح
فأني أحبك حتى التعب».
ويختم حديثه بالقول: «بهذا يكون الرمز في الشعر العربي القديم قد خدم معطيات الرمز في شعرنا المعاصر، وهيأ له البعد والدلالة وأسهم في أغناء الشعر العربي الحديث، ولا شك أن شعراء "حوران" قد أسهموا في إغناء الرمزية من خلال استعمال دلالاتها الحسية والمعنوية وقد مثل ذلك الشاعر "غازي الناصر" في قوله:
هل شربت من الضوء يوماً؟/ ربما قطرةً واحدهْ/ هل يراودك الموتُ؟/ أذكر أنّي انتحرتُ/ وأغلقتُ نافذة الروحِ/ أذكر أنّي رأيت دمي في المساءْ».