كثيرة هي القرى والبلدات المترامية هنا وهناك في مناطق محافظة "درعا"، ومما لاشك فيه بأن لكل بلدة أو قرية قصة خاصة بها، واليوم سنتطرق إلى واحدة من المناطق الأثرية البارزة في المحافظة، فهي تضم الكثير من المواقع والصروح التاريخية البالغة الجمال، ففي هذه البلدة والتي لم يؤكد اسمها القديم حتى اليوم الكثير من البيوت الحجرية البازلتية العائدة للقرنين الثاني والثالث الميلاديين والتي قامت بعثة سورية أوروبية مشتركة في صيف عام 2004 بتوثيقها بالصور والمعلومات والمخططات وقد حملت تلك البيوت أسماء ساكنيها (بيت الشواهين).
بلدة "كفر شمس" الواقعة إلى الشمال من مدينة "درعا" بـ/60/ كم وبنفس المسافة عن مدينة "دمشق" إنما باتجاه الجنوب، هذه البلدة التي كنا على موعد مع زيارتها بتاريخ (21/8/2009) بهدف وضعها تحت المجهر والتعرف على خباياها وأسرارها، السيد "سعيد الخليل" مدير المركز الثقافي في بلدة "كفر شمس" سيكون أول من سيتحفنا بالمعلومات عن البلدة وقد أمعن في وصفها حيث قال:
يعتقد أن هذه التسمية رومانية وكفر تعني المزرعة أما شمس فهي الملك بمعنى مزرعة أو حديقة الملك
«هي واحدة من بلدات منطقة "الصنمين" في الجهة الشمالية الغربية للمحافظة، يصل عدد سكان البلدة لحوالي /18000/ نسمة، وتحوي العديد من المباني الأثرية، حيث يوجد فيها بقايا بناء يعتقد بأنه معبد وثني من العصر الروماني ما لبث أن تحول إلى كنيسة في العصر البيزنطي بدلالة الإشارات والعلامات المسيحية عليه، لا تزال القناطر الحجرية النصف الدائرية الممتدة غرب شرق تنتصب في أروقته هذا فضلاً عن وجود جامع قديم قوامه القطع البازلتية المنحوتة بدقة، الجميل في بيوت "كفر شمس" والتي بقي منها أربعة بحالة جيدة تلك الأروقة الحاملة لقناطر نصف دائرية ذات طابقين والتي تعكس الطابع المميز للعمارة الحورانية من احتوائها على قاعة مركزية في البداية وغرف جانبية تنفتح عليها».
ويتابع السيد "سعيد" وصفه للبلدة بالقول: «يحيط بالبلدة عدد من القرى والبلدات وهي: قريتي "قيطة" و"جدية" من الجنوب، و"الحارة" و"عقربة" و"المال" و"كفر ناسج" من الغرب، و"دير العدس" من الشمال ومن الشرق قرية "دير البخت"، وتضم عدداً من المراكز الخدمية وأهمها: مجلس بلدة- مركز صحي- مركز هاتف- وحدة إرشادية زراعية- جمعية فلاحية- ورشة مياه- ورشة كهرباء، ويوجد فيها ثانوية عامة واحدة وست ابتدائيات وإعداديتين».
أما عن سبب تسمية بلدة "كفر شمس" فيقول السيد "سعيد":
«يعتقد أن هذه التسمية رومانية وكفر تعني المزرعة أما شمس فهي الملك بمعنى مزرعة أو حديقة الملك».
والتقينا مع مختار البلدة السيد "أحمد نمر العودات" والذي قال بدوره: «يعود السكن الحديث للبلدة إلى ما يقارب المئتي عام، وتقع البلدة في منطقة زراعية خصبة يساعد على ذلك المناخ المعتدل شتاء وصيفاً ووقوعها ضمن منطقة الاستقرار الثانية بمعدل أمطار سنوي يجاوز (300) مم، وترتفع البلدة عن سطح البحر حوالي /600/ م، وهي محاطة بواديين سيليين (تمشي المياه فيهما شتاءً فقط) هما وادي "العرام" من الجهة الشرقية ووادي "أبو الجاج" من الغرب والجنوب».
ونختم لقاءاتنا مع السيد "مصطفى الحمادي" رئيس الجمعية الفلاحية في بلدة "كفر شمس" والذي قال: «تبلغ مساحة الأراضي الزراعية في البلدة (48) ألف دونم المستثمر منها يقدر بحوالي 85 %، و"كفر شمس" بلدة زراعية بامتياز حيث تزرع فيها الحبوب وفي مقدمتها القمح والشعير والبقول وخاصة الحمص والأشجار المثمرة لا سيما الزيتون بالإضافة إلى مختلف أنواع الخضراوات، كما تنتشر تربية النحل في البلدة ويقدر عدد خلايا النحل بألفي خلية، ولكن الأهم من ذلك هو تربية الدواجن والتي تنتشر بشكل كبير في البلدة إذ تعتبر الأولى في تصدير لحوم الدواجن والبيض، ويزيد عدد المداجن عن /200/ مزرعة لتربية الدواجن».
وأردف السيد "مصطفى" بالقول: «تأسست الجمعية الفلاحية في "كفر شمس" عام 1975 ويصل عدد الأعضاء في الجمعية إلى (600) عضو وهناك /9/ أعضاء منتخبين كمجلس إدارة، وتقوم الجمعية بتأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي للإخوة الفلاحين، وتتمثل أهم مطالب فلاحي "كفر شمس" بما يلي: إنشاء سد على وادي "أبو الجاج" المجاور للبلدة ومد شبكة ري من السدود في المنطقة العربية، تطوير الأراضي عن طريق منح القروض من المصرف الزراعي للفلاحين، فتح المزيد من الطرق الزراعية للفلاحين، إعادة التعاقد مع مؤسسة إكثار البذار مع العلم بأن "كفر شمس" من أوائل البلدات التي كانت قد تعاقدت معها، وفي النهاية تخفيض أسعار الجرارات الزراعية لمساعدة الفلاحين».