بعد غيابٍ طويل عن إقامة النشاطات الأدبية والثقافية؛ عاد المركز الثقافي العربي في "البوكمال" من جديد لإعادة الروح لقاعة المحاضرات والندوات التي افتقدت لجمهورها منذ زمن، قصائدٌ وطنية وعاطفية كانت حاضرةً بخفة ظلْ على مسامع الحضور وبمفرداتٍ سلسة انبثقت من ثلاثة شعراء شعبيين هم:
"هادي الندوان" و"إبراهيم العلي" و"غانم الساير" الذين اجتمعوا احتفاءً بأعياد تشرين التحرير والتصحيح في أمسيةٍ واحدة على خشبة المركز الثقافي ليُسْمِعوا الحضور عدداً من القصائد الشعبية التي تناولت مواضيع حياتية مختلفة؛ لامست من خلال مضمونها الواقع الريفي وديمغرافية قاطنيها في لهجةٍ أقرب إلى لهجة سكان الأرياف. فمن بين ما قرأه الشاعر "إبراهيم العلي" عند اعتلائه للمنصة: «من تمشي تفوح العطور/ وبالظلمة انت تنور... يا ريحه ورد جوري/ ومن بستاني مقطوفة/ حلو ومعطرات زلوفه».
من تمشي تفوح العطور/ وبالظلمة انت تنور... يا ريحه ورد جوري/ ومن بستاني مقطوفة/ حلو ومعطرات زلوفه
موقع eSyria كان حاضراً ورصد في ختام الأمسية آراء الشعراء المشاركين والحضور، البداية كانت مع الشاعر الشعبي "يوسف الخالد" الذي كان موجوداً على مقاعد الحضور؛ يقول: «كانت أمسية مقبولة نوعاً ما؛ مع أنها لم ترتق إلى مستوى رفيع؛ قدّم الشعراء المشاركون ألواناً مختلفة من الشعر الشعبي كـ"الأبوذية" و"الزهيري" والشعر النبطي، وتميز مستواهم بالتفاوت في تناول المواضيع، بغض النظر عن الأسلوب البسيط الذي عادةً ما يتميز به هذا النوع من الشعر».
أما الشعراء المشاركون فكانت آراؤهم مختلفة، فالشاعر "إبراهيم العلي" صاحب ديوان شعري وحيد بعنوان "عسلك مر" تحدث قائلاً: «شاركتُ بعدد من القصائد الشعبية منها "جرح الفرات" و"بغداد" ونماذج من الشعر الغنائي وقصيدة غزلية بعنوان "حلوة ومزيونة" و"شفاف" كما طرحتُ من خلال قصيدة أخرى موضوعاً تربوياً بعنوان "وين الغلط" وهي محاورة بين الطالب ووالده وأستاذه في المدرسة؛ وفيها تم طرح تساؤلات عن سبب فشل هذا الطالب في دراسته. شاركتُ في العديد من الأمسيات الشعرية داخل المحافظة وهناك العديد من القصائد الغنائية التي لُحنت وغناها عدد من فناني المحافظة».
أما عن قلة الجمهور، فأضاف: «ليست العبرة في كثرة الجمهور أو قلته؛ بل في نوعيته، وعلى ما أظن جميع الحضور من المتذوّقين للشعر الشعبي ولاحظتُ ذلك من خلال اندماجهم بالكلمات المقروءة على أسماعهم».
الشاعر "هادي الندوان" الذي تحدث عن مشاركته الأولى في "البوكمال" قائلاً: «شاركت اليوم بمجموعة قصائد منها وطنية وأخرى عاطفية، إضافةً إلى بعض القصائد الساخرة، حاولت قدر الإمكان التنويع في أنماط الشعر الشعبي كـ "الأبوذية" و"الزهيري" وأظن أنها لاقت استحسان الحضور بالرغم من قلته وهذه المشكلة هي التي تعكر صفو جميع الأمسيات التي تُقام في مراكز المحافظة وبالتأكيد هي ظاهرة تجدر دراستها للوقوف على أهم الأسباب التي جعلت المتلقي يهجر المنابر الثقافية».
أما بالنسبة للشاعر "غانم الساير" فقد تحدث عن مشاركته بالقول: «حاولتُ في هذه الأمسية تقديم ألوان وأنواع مختلفة من القصائد؛ فالقصيدة الأولى وطنية حملت عنوان "تغنيْنا بحب الوطن" وأخرى حول حصار "غزة" أما باقي القصائد فمضمونها ما بين العاطفي والاجتماعي، كانت مشاركة جميلة بالنسبة لي مع أنني فوجئت بعدد الجمهور القليل والذي اقتصر على شخصيات رسمية وأخرى أدبية؛ لكن مع ذلك شعرتُ بالسعادة عند التصفيق».
عددٌ ضئيل من الحضور جاء إلى هذه الأمسية متمثلاً بشخصياتٍ رسمية في المدينة؛ ضمّ أمين شعبة الحزب وأعضاء الشعبة؛ ورئيس مجلس المدينة، بالإضافة إلى شعراء المدينة على قلّتهم، حضورٌ قد يُنذر بتراجع الشعر واضمحلاله في حال غياب الأسماء الأدبية القليلة الموجودة في المدينة.