«كل إنسان له ميول فنية معينة، ولا أعتقد أن هناك إنسان لايريد أن يتعلم الموسيقى».. بهذه الكلمات بدأ يحيى عبد الجبار حديثه لـedair-alzor وأضاف: عشقت الموسيقى منذ الصغر، وتعلمت العزف على بعض الآلات الموسيقية أثناء دراستي في الكنيسة في فصل الصيف، فتعلمت على آلة المنوديكا والأكورديون، وفي نهاية السبعينيات تعلمت العزف على الناي، وعزفت مع فرقة اتحاد شبيبة الثورة، وبفضل أستاذي المرحوم «أبو حياة» تعلمت العزف على آلة العود، وتفرغت لتلحين بعض الأغاني الوطنية في المنظمات الشعبية، وشاركت بها داخل وخارج المحافظة.
ويتابع عبد الجبار: في منتصف الثمانينيات، انتسبت إلى فرقة الفرات الموسيقية بقيادة الأستاذ يوسف الجاسم، وكنت أعمل في تلك الفترة عازفاً وملحناً، وأول تجربة لي بالشعر الغنائي كانت للسيد وليد علوش، والحق يقال انتشرت الأغاني بسرعة كبيرة، فغنى لي المطرب عبد السلام خضر، كما لحنت أغاني وطنية تخص الانتفاضة، وشاركت بها في المهرجانات والأعياد الوطنية، وانطلاقتي الحقيقية كانت عند لقائي بالمطرب العراقي وصاحب المقام الأول فؤاد سالم، وكتبت له أغنيتين اشتهرتا بداية التسعينيات وهما: «عاش من شافك حبيبي» من كلماتي وألحاني، وأغنية «اتمايل يالعود الزل» من كلمات وليد علوش وألحاني، ورافقته آنذاك كعازف للناي في عدد من محافظات القطر، ولتطوير موهبتي التحقت بدورة للعزف على الآلات النحاسية، وفور تخرجي عدت إلى دير الزور، وأسست أول فرقة نحاسية في اتحاد شبيبة الثورة وذلك عام 1987م ، ونلت جوائز في دمشق وحلب وحمص بالعزف الإفرادي على الناي.
عند ذكر اسم يحيى عبد الجبار، لابد من ذكر «مدلل والله مدلل» تلك الأغنية التي انتشرت في الوطن العربي، وذاع صيتها عنها حدثنا عبد الجبار فقال: جاءت أغنية «مدلل» التي كتبتها ولحنتها للمطرب الفراتي عبد القادر حناوي، ولم أكن أعلم أنها ستكون عنوان الشريط وستحقق هذا النجاح، والحقيقة الكثيرون كانوا لايعلمون أنها من كلماتي وألحاني، إلا أنها موثقة باسمي، وتعدى انتشارها حدود الوطن العربي، حيث غنتها المطربة التركية شكران، وغنيت في مهرجان القاهرة، كما طلب مني المطرب العراقي العيساوي أن يغنيها، ومازالت إلى اليوم تعتبر من أفضل الأغاني الفراتية السورية، كما غنى لي الكثير من المطربين، منهم المطربة نوال سالم.
وعن استضافته لمرتين في برنامج «إبن البلد» أوضح عبد الجبار أن هذه المرحلة تعتبر من أهم المراحل التي مرّ بها، ويضيف: وقتها استدعوني لأكون ضيفاً في البرنامج مع الأستاذ توفيق حلاق، وتكلمت في تلك الحلقة بجرأة، عندما ذكرت انه لاتوجد ثقافة فنية في بلدي منذ أكثر من عشرة سنوات، وبعد الانتهاء من بث الحلقة، بدأت تتوالي علي الهواتف من دول عربية كثيرة لدعم الثقافة الفنية، واستدعاني السيد محافظ دير الزور المهندس خالد الأحمد، وطلب مني تنشيط الحركة الفنية وتشكيل فرقة موسيقية غنائية لإحياء التراث، فكانت البداية صعبة حيث بدأنا بثلاثة فنانين هم: حازم الأحمد، محمد سلامة، واحمد سويد كعازفين، وأمين ياسين، واسكندر عبيد، وحمدان العيسى كمطربين، وأقمنا المهرجان الأول لإحياء التراث، ثم انتسب للفرقة الكثير من الفنانين الذين يحبون بلدهم ، فنحن نعمل دون مقابل مادي، وإنما لإنعاش ثقافة وموسيقى الفرات السوري، بعد هذا النجاح استدعيت مرة أخرى لبرنامج ابن البلد، وأصريت هنا أن يكون معي عد من أعضاء الفرقة، لإبراز تلك المواهب الحقيقية المحبة لبلدها.
وبالنسبة لأهم نشاطات الفرقة، قال عبد الجبار: نقيم مهرجانين في السنة الواحدة، الأول لإحياء التراث الفراتي، والثاني مهرجان للأغنية الفراتية الجديدة شعراً ولحناً وغناءً، ونعمل بكافة طاقتنا لإحياء التراث الموسيقي لمحافظتنا، علماً أننا لم نتلقى أي دعم مادي إلا من السيد المحافظ، ومرة واحدة من مؤسسة المياه، وعلى الرغم من جهود مديرية الثقافة والمركز الثقافي إلا أنها إمكانيات ضعيفة، ومع هذا مازالت الفرقة مستمرة وتتابع نشاطها داخل وخارج المحافظة، وهي اليوم تتألف من20 عازفاً ومطرباً، ولدينا مطربة واحدة «ربا دوير»/ هي إبنة الفنان جمال دوير، والحمد لله استطعنا أن نعزف في أكثر من محافظة، وبثت لنا معظم القنوات الفضائية العربية كالأردن وفلسطين، وبعض الفضائيات الخليجية، ونحن الآن بصدد التحضير لمهرجان الأغنية الجديدة، الذي سيقام في الشهر الرابع من هذا العام على مدى يومين في صالة المركز الثقافي، ونحضر لإقامة حفل فني لمناسبة مؤتمر الاستثمار الدولي الذي سيقام في ديرالزور.
واختتم عبد الجبار حديثه بالقول: هذا التراث يبقى أمانة، ومن حق الشعوب أن تتناقله كموروث ثقافي، وأناشد ضمائر المهتمين بثقافة بلدي، أن يمدوا يد العون لهذه الفرقة التي تحيي تراثهم، وتذكرهم بأرضهم ووطنهم.