«ولد "محمد بك العايش" في دير الزور عام (1880) وتلقى علومه الثانوية فيها، فقد نشأ في أسرة عريقة في حسبها ونسبها ووجاهتها وثرائها». هذا ماقاله حفيده المحامي"بسام العايش" عندما التقته eDeir- alzor بتاريخ 1/9/2009:
«ورث الزعامة عن والده المرحوم" عايش الحاج" المشهور بكرمه وسخائه، حيث تروى عنه الأحاديث والقصص الشيقة في هذا المجال، أما عمه "عياش الحاج" فقد كان علما من أعلام السيادة في "دير الزور"وقد مات منفياً من قبل الاستعمار الفرنسي في مدينة "جبلة" على الساحل السوري عام ( 1926)، وبعد موته تولى الحاج "محمد بك العايش"مكان عمه بصفته أكبر أفراد الأسرة سناً، وقد دفع الأموال الطائلة ما يزيد عن ست تنكات ذهب لإعادة عائلة عمه "عياش"المنفية، وفي عام (1936)توفي ابن عمه المغفور له الحاج "فاضل العبود" زعيم "دير الزور" الأكبر، فأجمعت كلمة العشيرة على اختيار الحاج "محمد العايش" ليحل محله».
وفي محادثات الوحدة بين" سورية" و" مصر"نال على أثرها / وسام الجمهورية الأول/ من الرئيس " جمال عبد الناصر" على الدور الذي لعبه في عقد تلك الوحدة
«بدأ حياته العامة بأن كان مستشاراً في مجلس إدارة "دير الزور" ونائب رئيس غرفة التجارة فيها، كما شغل مدة خمس عشرة سنة عضوية لجنة الأوقاف في محافظة "الفرات"، وفي أثناء عمله السياسي أدى أدواراً مهمة على الصعيدين المحلي والعربي، وخاصة أثناء مؤتمر " فلسطين" المنعقد في مدينة " القاهرة" عام (1948)، وكان له الدور الكبير في ترتيب الزيارة التاريخية لفخامة رئيس الجمهورية "شكري بك القوتلي" إلى " لبنان" واجتماعه مع فخامة " بشارة الخوري" رئيس "لبنان" في "شتورة"، التاريخية بين الزعماء كما كان لمساعيه الأثر الأكبر في عقد الاجتماع والمصالح بين رئيس الجمهورية "السورية" "شكري بك القوتلي" ورئيس "لبنان" "بشارة الخوري" مع كل من جلالة الملك "عبد الله" ملك "الأردن"، وسمو الأمير " عبد الإله" الوصي على عرش "العراق"».
«وفي محادثات الوحدة بين" سورية" و" مصر"نال على أثرها / وسام الجمهورية الأول/ من الرئيس " جمال عبد الناصر" على الدور الذي لعبه في عقد تلك الوحدة».
«اعتزل العمل السياسي بعد قيام الوحدة، وعاش في "دمشق" أغلب وقته بعد ذلك، متفرغاً للعمل الصناعي والتجاري خاصة، فكان مالكا وعضواً في كثير من الشركات الصناعية القائمة في تلك الفترة مثل معامل السكر، فقد كان رئيسا لمجلس إدارة معمل السكر في "عدرا" وعضو مجلس إدارة سكر "حمص" الذي أوكل منصبه فيه لابنه "عبد اللطيف"، توفي في الشهر الأول لعام1968 في "دمشق" عن عمر قارب الثمانين عاما، ونقل في طائرة خاصة إلى مسقط رأسه في "دير الزور" ودفن فيها، متزوج وله سبعة أبناء هم "قاسم" و"أحمد" و"عبد اللطيف"و"يحيى"، وثلاثة بنات له من الأحفاد (41 ) ذكورا وإناث».
«دخل الحياة السياسة من أوسع أبوابها، عندما انتخب نائبا عن "دير الزور" في المجلس النيابي "السوري" لدورة (1936) وظل نائبا في ذلك المجلس حتى دخول "سورية" في الوحدة مع "مصر"، عدا فترة الانقلابات العسكرية في "سورية" من 1945-1949 فلم يقم الحاج "محمد العايش" بترشيح نفسه، وإنما دخل المجلس ابنه المرحوم "قاس م العايش "وأخوه المرحوم "عبد الرزاق العايش"».
«شغل مهام رئاسة مجلس النيابي "السوري" من أواخر عام (1945) وحتى 23/8/1948 بصورة متواصلة، وذلك نيابة عن رئيسه دولة "فارس بك الخوري" الذي كان يمثل "سورية" آنذاك في منظمة الأمم المتحدة نظرا لدوره ومواقفه هناك».
كما التقينا ابنه السيد"عبد اللطيف العايش":«لم يكن والدي "محمد بك" يتكلم كثيرا أثناء جلسات المجلس النيابي، بل كان يعمل من وراء الكواليس كرجل ذكي مفرط في ذكائه دؤوب في حركته، صبور، بعيد النظر».
«سمي رجل الوزارات لتقلده عدة مناصب وزارية خلال حياته السياسية الطويلة، كما رفض عدة وزارات لأسباب عدة، ومن أهم المناصب الوزارية التي تقلدها وزارة الاقتصاد الوطني في الوزارة " السورية" الأولى في عهد صاحب الفخامة رئيس الجمهورية"الشيخ محمد تاج الدين الحسنى" والتي رأسها دولة"حسن بك الحكيم" والتي استمر فيها من (1941- 1942) والذي أعلن فيه استقلال "سورية"، واعترفت "السعودية"ومصر"و"اليمن"و"انكلترا" و"بلجيكا"و"يوغسلافيا"و"تركيا" و"ايطاليا" بهذا الاستقلال"، وتقلد وزارة الاقتصاد الوطني أيضا في الوزارة "السورية" الثانية التي شكلها وترأسها دولة "حسني بك البرازي"وكذلك وزارة الاقتصاد الوطني في الوزارة الالشية الثانية والتي شكلها رئيسها"دولة جميل بك الالشي"، وتقلد منصب وزير دولة ووزيرا للزراعة بالوكالة في الوزارة المدردمية الرابعة التي شكلها دولة " جميل مردم بك"، كما تقلد وزارة الزراعة التي شكلها دولة " خالد بك العظم" والتي استمرت من تاريخ(1948) ولغاية انقلاب "حسني الزعيم"الذي أطاح بها في 29/3/1949».
«عرض عليه الدخول في عدة وزارات تشكلت عقب الانقلابات العسكرية في سورية، لكنه رفض تلك المناصب لعدم شرعية تلك الانقلابات في رأيه، ولأنها تتعارض مع العملية الديمقراطية والحياة النيابية السائدة قبل حدوث تلك الانقلابات، ثم تولى منصب نائب رئيس الوزراء ووزيرا للدولة في وزارة دولة" صبري بك العسلي" القومية في عام (1956)، وكان يدير جلسات مجلس الوزراء بالنيابة أثناء تغيب الرئيس، وتم في عهد هذه الوزارة افتتاح مصرف" سورية المركزي"».
«ظل " محمد بك العايش" حتى وفاته كبيرا بنفسه عظيما بروحه، فلم يعتب ولم يحقد، بل كان يعد نفسه الأب الحنون لكافة أبناء "الدير"، يعاملهم كما يعامل أولاده».
كان " محمد بك العايش" تاريخا حافلا ورجلا كبيرا وزعيم منطقة من أهم مناطق "سورية"، فقد كان زعيما حقيق لايشق لزعامته غبار، وكان رجلا بكل ما تحمل كلمة اجو من معاني وأفعال، وهذه الكلمات باعتراف خصومه قبل أصدقائه، لقد فقدته "دير الزور" خاصة و" سورية" والعرب عامة.