أفاد من تنقلاته في عدة دول عربية لتوسيع معارفه وإعادة إنتاجها بصورة علمية، يعرفه أبناء منطقة الفرات بأنه من أوائل من كتبوا عنها بعشائرها وعاداتها وتقاليدها، ويرجع إليه الفضل في توضيح تلك الصورة الضبابية التي كانت مأخوذة عن المنطقة في أيامه ورغم عدم انتمائه إليها وإقامته فيها ضيفاً فقط، هذا على الصعيد الاجتماعي، أما على الصعيد الزراعي فيعد من أوائل المهندسين الزراعيين في سورية ومن أكثر من خدم الزراعة نظرياً وعملياً إنه الباحث والمهندس الزراعي "أحمد وصفي زكريا".
وللتعرف عليه أكثر استعنا بما قاله عنه الباحث "عبد القادر عياش" الذي كانت تربطه به علاقة صداقة وطيدة فتحدث عن أهم الأنشطة والمحطات في حياته بالقول: «ولد المرحوم "أحمد وصفي زكريا" سنة 1889 تخرج في المدرسة العليا في "استنبول" سنة 1912 م كان أول عمل تقلده في زمن الحكومة العثمانية هو التدريس في المدرسة الزراعية في بلدة "سلمية" ثم صار مديراً لها، ونقل بعدها إلى مديرية "دار الحرير" في "بيروت" سنة 1914 م ثم إلى مديرية "دار المدرسة الزراعية" في "لطرون" بين "القدس" و"يافا" سنة 1916 م وفي السنة نفسها كلف بمهمة مكافحة الجراد في "دير الزور" وكان ضابط احتياط في الجيش العثماني برتبة ملازم.
عرف كثير منا بعضاً مما ألفه عالم دمشق الكبير "أحمد وصفي زكريا"، العالم الموسوعي والمؤرخ المدقق، يعرف ذلك من قرأ له، كما يعرف أنه باحث دؤوب ذو شهرة في المجالات العلمية والأثرية والزراعية في سورية وبعض البلدان العربية. كان رحمه الله رائد العلوم الزراعية في وطننا العربي فهو أول من أسس المدارس الزراعية في كل من سورية ولبنان وفلسطين والأردن واليمن ووضع مناهجها، وأول من عرب المصطلحات الزراعية وألف الكتب الزراعية ولا تزال هذه الكتب من أهم المصادر العلمية الزراعية وأدقها رغم مرور حوالي نصف قرن من الزمان عليها
وفي سنة 1919 كلف بإدارة مدرسة "سلمية" الزراعية ثانيةً والتي كانت أحرقت فجاء إلى المدرسة وأعاد فتحها وبناءها، كان أول من درس العلوم الزراعية في اللغة العربية ووضع مصطلحاتها وألف المؤلفات الزراعية في سورية كما أنشأ في سورية الرعيل الأول من المنتسبين لهذه الحرفة.
في عام 1924 م عين مفتشاً لأملاك الدولة في سورية وبقي في هذه الوظيفة إلى أن ألغيت في سنة 1933 م فراح يعمل في ميادين الزراعة الحرة إلى سنة 1936 م حيث استدعاه ملك اليمن "يحيى" ليكون مستشاراً فنياً للزراعة في المملكة اليمنية فذهب إليها وخدمها خدمات جليلة مازال اليمانيون يذكرونها له، فقد أقام في اليمن سنتين ونشر عدة مقالات عن اليمن في مجلة "المقتطف" المصرية.
وفي سنة 1938 م استدعته حكومة العراق ليدرس الزراعة في مدرسة "دار المعلمين الريفية" في "بغداد" فلبى الدعوة وبقي في هذا العمل إلى سنة 1941 م وكان في أثناء وجوده في العراق يزور علماءه وينقب في مكتباته العامة، وترجم كتاباً في الريادة في البلاد العربية، وعاد من "بغداد" فاستدعته حكومة شرق الأردن ليكون مديراً عاماً لوزارة الزراعة في "عمان".
وفي سنة 1943 م عينته الحكومة السورية مفتشاً عاماً لوزارة الزراعة بقي في هذه الوظيفة حتى إحالته على التقاعد بمناسبة بلوغه السن القانونية سنة 1950 م».
وحول علاقته "بدير الزور" أضاف "العياش": «جاء "زكريا" إلى "دير الزور" حاضرة الفرات الأعلى سنة 1916 م مديراً لمكافحة الجراد آفة هذه البلاد وجاء إليها سنة 1944 و1948 وسنة 1950 مفتشاً في أملاك الدولة وطاف في أرجاء وادي الفرات وزار آثاره وكتب عن عشائره.
كان يتقن العربية والتركية ويلم بالفرنسية ويطالع المراجع فيها، وكان يتألم لكساد سوق الكتب العلمية في بلادنا ولقلة القراء للكتب المفيدة وندرة من يقتنون مكاتب في بيوتهم، كانت أمنيته تتلخص في بيتين يرددها:
"يا لهف نفسي على شيئين لو جمعا/ عندي لكنت إذن من أسعد البشر
كفاف عيش يقيني ذل مسألة/ وخدمة العلم حتى ينقضي عمري".
ورغم بلوغه الخامسة والسبعين كان نشيط الفكر والجسم، مات بالسكتة القلبية في بيته بدمشق في 21/4/1964 ودفن فيها، لم يتزوج بغير ابنة خاله "صدودة" رزق منها 6 أبناء 2 ذكور و4 إناث».
أما حول أهم المؤلفات التي قدمها المرحوم "أحمد وصفي زكريا" فقد تحدث عنها الأستاذ "غسان رمضان" بالقول: «كان له العديد من المؤلفات أهمها:
1- "عشائر الشام" في جزأين طبع الجزء الأول سنة 1945 بمطبعة الهلال بدمشق، ويقع في 396 صفحة من الحجم الكبير يهتم بجغرافية بادية الشام وتاريخها وعمرانها والعادات والأخلاق والشرائع في المجتمع البدوي.
وصدر الجزء الثاني سنة 1947 وهو خاص بكل عشيرة من عشائر الشام وهو الكتاب الأول من نوعه لكاتب سوري في هذا المجال.
2- الريف السوري في مجلدين صدر المجلد الأول سنة 1955 ويقع في 448 صفحة من الحجم الكبير، وصدر الجزء الثاني في 1957 ويقع في 600 صفحة.
وفي المجال الزراعي لديه:
1- الدروس الزراعية سنة 1924.
2- المفكرة الزراعية 1930.
3- زراعة المحاصيل الحقلية 1951.
4- جولة أثرية في البلاد الشامية.
أما المخطوطات التي تركها فهي:
1- حيوانات بلاد الشام.
2- مقالات عن رحلته إلى اليمن وتاريخ اليمن وأحواله.
3- مقالات مختلفة زراعية وتاريخية وأثرية وجغرافية كانت قد نشرت في الصحف والمجلات السورية والعربية».
كتب عنه المحامي "أحمد غسان سبانو" في تقديمه لكتاب "عشائر بدو الفرات": «عرف كثير منا بعضاً مما ألفه عالم دمشق الكبير "أحمد وصفي زكريا"، العالم الموسوعي والمؤرخ المدقق، يعرف ذلك من قرأ له، كما يعرف أنه باحث دؤوب ذو شهرة في المجالات العلمية والأثرية والزراعية في سورية وبعض البلدان العربية.
كان رحمه الله رائد العلوم الزراعية في وطننا العربي فهو أول من أسس المدارس الزراعية في كل من سورية ولبنان وفلسطين والأردن واليمن ووضع مناهجها، وأول من عرب المصطلحات الزراعية وألف الكتب الزراعية ولا تزال هذه الكتب من أهم المصادر العلمية الزراعية وأدقها رغم مرور حوالي نصف قرن من الزمان عليها».