لعبة تحتاج لذكاء وتركيز، كما أنها لا تحتاج سوى لمخطط يرسم على الأرض وبضعة أحجار، وتلعب بعدة طرق، ولها ثلاثة أشكال وهي خاصة بالشباب، والأولاد بدءاً من سن الثامنة، إنها لعبة "الإدريس"، والتي يخفف الديريون الهمزة بلفظها فيقولون "ادْريس" ولم نصل إلى مصدر يفسر سبب تسميتها بهذا الاسم.
ولأخذ فكرة كافية عن هذه اللعبة التقينا الباحث "عباس طبال" الذي حدثنا بالقول: «هناك عدة طرق للعب "الإدريس"، الطريقة الأولى: وتكون بين شابين يلعبانها في أي وقت يريدان فيه اللعب. شكله : مربع تنصف أضلاعه وترسم فيها محاور له.
وأعلاق الكواكب مرسلات/ كحبل "القرق"، غايتها النصاب
الطريقة: يرسم "الإدريس" على ورقة أو خشبة أو على الأرض ويختار أحد الشابين ثلاث حصوات أو حجرات أو "عجمات" (نوى تمر)، ويختار الآخر شيئاً مخالفاً له لوناً أو نوعاً
بدء اللعب: يبدأ أحد اللاعبين بوضع حصاة على أحد الزوايا أو تقاطع المحور مع الأضلاع أو تقاطعه مع الآخر.
ثم يضع الآخر حصاته بشكل يحاول فيه أن يسد الطريق على الأول في تفكيره بوضع حجره أو حصاته بموقع مجاور للحصاة الأولى وهنا تبدأ مهارة اللاعب الثاني بسد الطريق أمام الأول، وذلك بأن يضع حجره أو حصاته في الموقع الثالث من الخط حتى لا يضع الأول حجره فيتشكل من أحجاره الثلاثة خط مستقيم أو شاقولي.
ثم يضع كل اللاعبين حجره بشكل يتمكن من تحريكه ليصل إلى وضع تكون فيه أحجاره على خط واحد مستقيم ويحاول اللاعب الآخر إفشال مخططه والقيام بمبادرة لتكون أحجاره على خط مستقيم.
انتهاء اللعبة: تحتسب نقطة اللاعب الذي يستطيع وضع أحجاره بعد تحريكها بالدور "بالتوالي بينه وبين زميله" على خط مستقيم وتحتسب نقطة أو (دودة) على زميله.
ملاحظة: "الجومة": النول الذي ينسج به الحائك الأقمشة، وأخذت حركة "الجومة" من حركة النول يدك الخيوط ويغير اتجاه خيوط السدى ارتفاعاً ونزولاً ليدخل بينهما خيط اللحمة، وحركة "الجومة" في الإدريس هي أن تحرك حصاة واحدة خلال خطين متجاورين في أحدهما ثلاث حصيات، وفي الثاني حصاتان، فإذا حركت حصاة من الثلاث نحو الإثنين صارت ثلاثاً، وفي كل مرة تحرك حصاة من الثلاث إلى الإثنين، لتصبح ثلاث حصيات على نسق واحد.
فتأكل حصاة من اللاعب الثاني، والتحريك بهذه الطريقة يسمى "جومة"».
وهناك طريقة ثانية لهذه اللعبة شرحها "الطبال" بالقول: «الطريقة الثانية: وهي أكثر تعقيداً من الطريقة الأولى فأحجار "الإدريس" تسعة بدلاً من ثلاثة، وشكله عبارة عن ثلاثة مربعات وصلت محاورها كما يوضحها الرسم الذي يمثل أطفالاً يلعبون لعبة الإدريس في الصورة المرفقة.
يبدأ اللعب بأن يبدأ اللاعب الأول "أ" حصاة مما معه في نقطة من النقاط ثم يضع اللاعب الثاني "ب" حصاة في مكان يختاره ويكون الدور الأول، وهنا يحاول أن يضع حصاة بشكل تمكنه من عمل "إدريس" في لعبة قادمة، وهنا يكون على اللاعب الثاني أن يسد عليه الطريق، وهكذا تستمر الحال كل يخطط لكسب "إدريس" وعلى الثاني أن يخطط لإفشال ذلك، حتى إذا انتهى وضع الأحجار بدأ كل بتحريك حجرة بعد الأخرى بخطة مرسومة في ذهنه وذلك بالتتالي بين الأول والثاني، فإذا تمكن أحدهما من عمل "إدريس" أخذ حصاة يختارها من أرض زميله، وإذا تمكن الثاني من عمل "إدريس" أخذ حصاة من حصى الأول وهكذا، وقد يخطط أحدهما لعمل "جومة" تشبيهاً لها "بجومة" الحائك: وهو النول والخشبة التي يدك بها خيوط السدى، بحيث يتكمن من نقل حصاة واحدة بنقلة واحدة ليعمل "إدريس" يكون بذلك قد أنهك زميله، وأخذ حصاة واحدة تلو الأخرى، وفي هذه الحالة يحاول الثاني أن يسد الطريق ويفتح فتحة "الجومة" التي تتحرك بها الحصاة، وإن لم يستطع خسر اللعبة كانت عليه "دودة" لرفيقه.
تنتهي اللعبة عند بقاء حصاتين لأحد اللاعبين، وإذا استطاع اللاعب الخاسر أن يربح في الدور الثاني قال: "هاي سدد بدد" أي واحدة بواحدة سدّت مكانها».
وفي مقالة نشرت عن لعبة "الإدريس" في مجلة "الفواصل" السعودية: «هي لعبة جاهلية كانوا يسمونها "القرق" ويسمونها في السعودية والخليج "أم تسع" وفي بعض الدول العربية: أم خطوط، أم عويدات – مقطار التسع – أم غريبين – المقطار».
كما جاء في معجم "لسان العرب" مادة "قرق" ما يلي: «"القرق" لعبة يلعبها الصبيان يخطون في الأرض خطاً ويأخذون الحصيات ويأخذون حصيات فيصفّونها. وقال أبو اسحاق الحربي في "القرق" الذي جاء في حديث أبي هريرة: إنه كان ربما يراهم يتعبون بـ"القرق" فلا ينهاهم؛ "يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم"، "القرق": هو خط مربع في وسطه خط مربع في وسطه خط مربع ثم يخط من كل زاوية من الخط الأول إلى الثالث وبين كل زاويتين خط، فيصير 24 خطاً- وقال أبو إسحاق: هو شيء يلعب به».
كما قال الشاعر "أمية بن أبي الصلت": «وأعلاق الكواكب مرسلات/ كحبل "القرق"، غايتها النصاب».
ومن الذين مارسوا هذه اللعبة في طفولتهم التقينا السيد "صبحي الفواز" فحدثنا بقوله: «كانت لعبة الإدريس تشكل تحدياً في الذكاء والفطنة ليس بين الأطفال فحسب، وإنما حتى بين الشبان، وأروع ما فيها أنها لعبة تناسب الفقراء إذ أنها لا تحتاج لتجهيز أو شراء أي معدات للعبها».
المراجع:
** "مجلة الفواصل" العدد 144، صفحة 108 تاريخ 1/8/2004.
** "لسان العرب": ابن منظور - ج1: صفحة 322 الطبعة الأولى، دار صادر، بيروت.
** "الموسوعة الشعرية الإصدار الثالث، مجمع أبو ظبي الثقافي".