"الكي": طريقة قديمة استخدمت في الطب الشعبي، وتعود هذه الطريقة في العلاج إلى فترات زمنية بعيدة، حيث كان الإنسان يوظف كل ما أوتي في الكشف عن الكثير من الأمراض، وعلاجها إما بالمصادفة، أو بالتجربة التي لا تكاد تخلو من المخاطر الجانبية.
ولتسليط الضوء على هذا النوع من العلاج، والذي كان من الطرق المستخدمة في الطب الشعبي، eSyria التقى السيد "علي الجاسم"، من أهالي قرية "العبد"، والذي مارس عملية الكي مع والده، فبدأ حديثه معنا بالقول: «يستخدم "الكي" أو ما يسمى بلهجة أهل الدير "العطبة"، في الحالات التي لم تستجب للعلاج بالأعشاب أو ما شابه ذلك، ويجري "الكي" بطريقتين، إما باستخدام قطعة معدنية، وهذه في حالات معينة، أو باستخدام قطعة قماشية، مصنوعة من القطن أو الكتان، حيث تلف هذه القطعة على شكل اسطواني لا يتجاوز قطرها 1سم وطولها 3سم، وتشعل في مقدمتها النار، حيث يتم احتراقها ببطء ودون لهب، وأثناء الاحتراق لتلك القطعة القماشية تنطلق رائحة دخان خاص ومميز بهذا النوع من القماش، ويسمى هذا الدخان "العِطّاب" بكسر العين، ومن هنا جاءت تسمية من يقوم بهذه العملية بـ"العَطّاب" بفتح العين، ويستخدم "الكي" لعلاج عدة حالات مرضية، ومنها إصابة العين بالماء الأبيض، أي تشكل غشاوة في عدسة العين فتشكل عائقا للرؤية، فيتم الكي بطريقة "العطبة"، في منطقة الصدغ أو ما يسمى باللهجة العامية "الصابر" القريب من جهة العين المصابة، وتبقى النار مشتعلة في مكان "الكي" حتى انطفاء النار، أي انتهاء الفتيل القماشي الذي بطول 2سم تقريباً، ويحتاج مكان "الكي" من أن يبرأ من آثار الحرق حوالي عشرين يوماً، ويعالج بغلي نبات بري يدعى "الكريصة" مع السمن العربي، ثم يصفى والناتج يدهن به مكان الحرق، وكذلك يستخدم الكي لعلاج ما يسمى "البهظة"، وهي حمل شيء ثقيل يصاب على أثره بالوهن وعدم الشهية للأكل، حيث توضع "العطبة" في منطقة البطن والظهر في الأماكن التي يشعر بها بالألم، وأيضا يستخدم الفتيل القماشي حتى انطفائه بالجسم، ويحتاج إلى فترة طويلة للشفاء من آثار الحروق، وكذلك يتم "الكي" في منطقة ساعد اليد اليمنى في منطقة العضلة تماماً».
تعرضت للكي وأنا صغير، حيث أصبت بالتهاب "اللوز"، وكان آنذاك لا يوجد أي طبيب في القرية ولا حتى صيدلية، والنزول إلى المدينة صعب، لقلة وسائط النقل، فكان أهل القرية يعتمدون على الطبيب العربي أو الطب الشعبي، ولكن مع تطور العلم والطب بشكل خاص، أصبح في القرية عدد كبير من الأطباء باختصاصات مختلفة، وكذلك الصيدليات، ولم يبق أحداً يستخدم هذه الطرق من العلاج إلا ما ندر
وأضاف "الجاسم" بالقول: «يستخدم الكي لعلاج ما نسميه "عرق النسا"، وهو الإصابة بألم شديد يمتد من الظهر مروراً بالورك ومنتهياً بأصبع القدم المصابة، ويتم الكي في منطقة الساق فوق "كعب الموت" بقياس "العَطّاب" وهي ثلاثة أصابع من أصابع اليد بجانب بعضها، وتستخدم قطعة معدنية تكون موضوعة على النار مسبقاً، وكذلك يتم علاج من أصيب بـ"الشرقة"، وهي سحب ماء أو بقايا الطعام عن طريق القصبات الهوائية وتتركز في الرئتين، وتسبب مضايقة وسعالا شديدا ومستمرا، وتعالج بالكي عند التقاء أصبع الإبهام والسبابة في كف اليد اليسرى، ويكون الكي في أعلى الكف وليس في الباطن، وكذلك معالجة الإصابة بـ"الأكلة"، وهي تناول طعام لايوافق الجسم، حيث المصاب بتسمم الدم، ويكوى في البطن مقابل رأس المعدة، ويقابلها أيضا في منطقة الظهر، ويكون الكي على شكل متصالب في كلا المنطقتين، ومن الأمراض التي يمكن معالجتها بالكي "المطنطف"، وهي التهاب لسان المزمار أو التهاب اللوزات الحاد، ويتم الكي في منطقة أعلى جبهة الرأس بالقرب من الشعر، وكذلك في المنطقة الخليفة للرقبة أيضاً قرب الشعر، وأثناء عملية الكي يصاب المريض بألم شديد قد يصل في بعض الأحيان إلى مرحلة الإغماء، نتيجة تعرضه للحرق ودون تخدير موضعي».
وللطب رأي في هذا الموضوع حدثنا عنه الدكتور "حسن الصالح" بالقول: «الكي هو الوسم، وهو من الوسائط الطبية التي تستعمل لمعالجة الآلام والأمراض، ورغم تطور الطب لكن عمليات الكي مازالت موجودة في وقتنا هذا، يلجأ إليها الناس البسطاء الذين يئسوا من استعمال الأدوية وهم قلة، وفوائد الكي بوجهة نظر الناس، أنه يخفف الألم عند المريض الذي تعرض لكي جلده في منطقة معينة من الجسم، ويختفي الألم مؤقتاً، وهو قاطع للنزف الدموي، ولكن له مضار أخرى منها، تعرض الجلد للتشوه نتيجة تعرضه للنار وبشكل مباشر، والإصابة بالتلوث الجرثومي، وأحياناً يحدث للمريض صدمة عصبية، وزيادة في ضربات القلب إذا كان لديه نقص تروية دموية "احتشاء"، وعند الإصابة بتلك الحروق يجب مراجعة طبيب اختصاصي جلدية».
"علي الظاهر" من قرية "الطوب" قال: «تعرضت للكي وأنا صغير، حيث أصبت بالتهاب "اللوز"، وكان آنذاك لا يوجد أي طبيب في القرية ولا حتى صيدلية، والنزول إلى المدينة صعب، لقلة وسائط النقل، فكان أهل القرية يعتمدون على الطبيب العربي أو الطب الشعبي، ولكن مع تطور العلم والطب بشكل خاص، أصبح في القرية عدد كبير من الأطباء باختصاصات مختلفة، وكذلك الصيدليات، ولم يبق أحداً يستخدم هذه الطرق من العلاج إلا ما ندر».