استثمر موقع eDair-alzor وجود الرحالة السوري "محمد حاج قاب" رئيس فريق "جوالة الأرض" في "دير الزور"، وذلك ضمن مشاركته في الرحلة النهرية من "توتول إلى ترقا"، وحاول أن يتعرف منه على رحلاته وفريقه، والأهم: رسالته من كل ما يقوم به...
*البعض قال بأنك خليفة الرحالة السوري الشهير "عدنان تللو" ماذا تقول أنت؟
هذا كثير علي، ولا أرى نفسي هكذا أبداً، أو على الأقل ما زال الوقت باكراً
**«هذا كثير علي، ولا أرى نفسي هكذا أبداً، أو على الأقل ما زال الوقت باكراً».
*كيف بدأت ولماذا؟
**«عندما بدأت بالترحال وكانت البداية إلى "اليمن"، كانت فكرتي الأساسية هي أنني أحب وطني، وأريد أن أقوم بشيء له ولعالمي الذي أحيا به، فوضعت أمامي هدفاً هو إعرف جغرافية وطنك، وانطلقت إلى "اليمن" سيراً على الأقدام، ونمت في الشوارع والطرقات، وكنت أقيم معرضاً للصور الضوئية عن تاريخ سورية في كل بلد أصل إليه، ومن ثم أرسل المعرض بالشحن إلى البلد التالي الذي سأقصده، وأتابع أنا بطرقي المختلفة.
استغرقت مني الرحلة إلى اليمن أربعة أشهر، وفي كل مكان كنت أعرض فيه صور سورية، كانوا يقولون لي: بلادكم جميلة، وكنت أجيب: نعم بلادي جميلة وأنا تعرفت عليها، فهل تعرفتم على بلادكم؟
ومن هنا جاء اسم رحلتي: (إعرف جغرافية وطنك)، وذلك برأيي الأمر الطبيعي، أي أن يعرف ابن البلد بلده، بدلاً من أن يعرّفه عليها الأجنبي و السائح.
وعندما عدت إلى "سورية" من رحلة "اليمن" التقيت ببعض الأشخاص وقررنا تشكيل فريق، وبالفعل كان فريق (جوالة الأرض).
*تركز في أحاديثك ولقاءاتك على الناس؟
**«لا بد من معرفة شيء ضروري، وهو أن أدب الرحلات من الجغرافية، والجغرافية شقان، الأرض والبشر، وجانب الجغرافية البشرية هو التعرف على الناس، حياتهم، عاداتهم، طباعهم، وأنا ضد النظر إلى الجانب المضيء من القمر فقط، فربما يكون الجانب المظلم أكثر جمالية، لكنه غير واضح، ومن هنا بدأنا نبحث عن الكتّاب والفنانين المغمورين خلال رحلاتنا، ونعرض أعمالهم ونعرّف بها خلال رحلاتنا، ثم ومع تطور الرحلات، أصبحنا نقيم معارض وندعو لها من مختلف الأمكنة، ثم بدأتُ أقيم عن هؤلاء الناس وحياتهم دراسات بيبلوغرافية، فوصلت إلى مرحلة أنهم أصبحوا جميعاً أصدقائي وتركوا في حياتي أثراً كبيراً».
*هل صحيح أنك تحب الفرات كثيراً؟
**«من نشاطاتي الدائمة المشاركة في الرحلة النهرية (من توتول إلى ترقا) منذ انطلاقها، وأنا من مدينة "دمشق"، لكن دمي فراتي، ومشاركتي الدائمة في الرحلة جعلت لي معارف وأصدقاء كثر من هذه المنطقة، وفي كل رحلة هناك ما هو مفرح وما هو مؤلم أيضاً، ومن الأمور المؤلمة التي ربما ستمنعني من المشاركة مرة أخرى في الرحلة، هو أنني ومنذ ست سنوات أزور قرية اسمها "تل الحميضية" وأصور فتاة معينة صورة كل عام، وفي العام الذي يليه أعطيها صورتها وأصورها صورة جديدة، وفي هذا العام لم أستطع تصويرها لأنها توفيت بسبب مرض التهاب الكبد الوقائي الذي يتسبب به تلوث نهر الفرات في بعض الأماكن، وكان ذلك قبل أن أصل إلى القرية، فحزنت كثيراً لدرجة أنني تذرعت بحاجتي إلى (حمام) سريع والحقيقة أنني كنت بحاجة للبكاء السريع.
*ربما يستغرب أحد ما لأنني أرى هذه الفتاة مرة كل عام، فلم كل هذا الحزن؟
**«بالنسبة لي هذه الفتاة تكبر في صوري منذ ست سنوات، وبعد أن كانت مادة أصبحت الآن ذكرى».
*ماذا تريد أن تقول، وما هي رسالتك؟
**«لدي غير هذه القصة الكثير من القصص والمعارف التي ستجعلني كلما زرت "دير الزور" أتذكر كل الوجوه الطيبة التي التقيت بها على مدار زياراتي، وهذا ما أحاول أن أزرعه في الجيل الجديد، وهو أن يكون لهم هدف في الحياة، وألا يكونوا مجرد أسماء في سجلات النفوس، نريد أن يكون أبناء سورية فعالين ولهم بصمتهم الواضحة في الحياة».
«أنا لا أسعى إلى شهرة ولا مال، بل على العكس نحن في الفريق ندفع كثيراً من مالنا الخاص، حيث لا يتجاوز اشتراك رحلة (جوالة الأرض) 100 ليرة فقط، وحتى أنا رئيس الفريق لا أستثني نفسي وأدفع الاشتراك كالبقية.
وبالنهاية، أنا واثق أن عملي هذا سيسجل عبر التاريخ، وبهذه القناعة لا أترك مجالاً للانكسار، وفي حال انكسرت في مرة، سأكون أقوى، فالضربة التي لا تقصم ظهرك تزيده قوة».