تميز بتجربة شعرية أخذت تشق طريقها معتمدة على ركيزتين الأولى هي الصور الأصيلة من بيئتنا الفراتية، والثانية مساحة وجدانية كبيرة أبوابها مفتوحة على مصراعيها للتفاعل مع الواقع ومعطياته.
موقع eSyria التقى الشاعر "علي عبد الجاسم" وكان لنا معه هذا الحديث الذي ابتدأه بالقول: «ولدت سنة 1965 في قرية "الكشكية" التابعة إدارياً "للبوكمال" والتي أصبح اسمها الآن مدينة الكشكية، أحمل شهادة أهلية التعليم الابتدائي "صف خاص" منذ عام 1984م مارست التعليم وعملت مديراً لعدد من المدارس فترة طويلة ومازلت أمارس مهنة التعليم، متزوج ولديّ ست بنات وولدان، وأعيش حياة هادئة في جو ريفي مستقر.
لا تختلف الحركة الثقافية في "دير الزور" عن غيرها من المحافظات الأخرى ولكن النشاطات هنا أقل من باقي المحافظات، وهناك عزوف عن قراءة الشعر، وحضور قليل في المراكز الثقافية
وبالنسبة لعلاقتي بالشعر فقد بدأت عام 1982 إذ عرفت حينها أن لدي الموهبة ولكن بعد ذلك تابعت الدراسة وأهملت الكتابة، وفي عام 2000م عدت إلى الكتابة، ودعيت إلى الأمسيات الشعرية في المراكز الثقافية، والمهرجانات ونشرت عدداً من قصائدي في جريدة الفرات، ثم حاولت التواصل مع الأدباء في "دير الزور" والاستفادة من خبرتهم، وأحاول أن أكوّن شخصيتي الشعرية الخاصة بي لذلك لم أحاول التأثر بشاعر محدد.
وجدت نفسي في الشعر، وعبرت عن ذاتي ومشاعري في هذا الزمن المشحون بالمتناقضات، كتبت الشعر العمودي وأميل أكثر إلى شعر التفعيلة».
وكما تكلم عن مجموعاته الشعرية التي صدرت بقوله: «تطورت موهبتي إلى أن أنتجت في عام 2006 مجموعة شعرية بعنوان "ألق العيون"، وطبعت المجموعة الشعرية الثانية عام 2009 بعنوان "بين ظِلال الحروف".
ولدي الآن قصائد كثيرة وأحضر لطباعة المجموعة الثالثة. وأما عن المجموعتين، فقد تطورت تجربتي الشعرية كثيراً في المجموعة الثانية وهذا ما شهد به عدد كبير من الأدباء والقراء في دير الزور، وأحاول جاهداً أن أطور كتاباتي».
والمشهد الثقافي في "دير الزور"، يعاني من مشكلة عبر عنها "الجاسم" بقوله: «لا تختلف الحركة الثقافية في "دير الزور" عن غيرها من المحافظات الأخرى ولكن النشاطات هنا أقل من باقي المحافظات، وهناك عزوف عن قراءة الشعر، وحضور قليل في المراكز الثقافية».
و"الجاسم" يرى أن له دور خاص في المجتمع كشاعر لخصه بقوله: «أنا فرد من هذا المجتمع أعاني ما يعانيه، فيجب عليّ معالجة هذه المعاناة بأسلوب أدبي جميل، وأن أشير إلى ما هو سلبي وما هو إيجابي في حياة الناس وأكثر ما يشغلني هو ما يتصل بالقضايا الوطنية والقومية ويظهر ذلك في الكثير من قصائدي».
ومن قصيدته "حين ينأى الحلم" اختار لنا هذا المقطع: «كيف ندنو إلى لهفةٍ للتمنّي؟/ فلا غيمةٌ من هديلٍ تمرُّ/ ولا خاطرٌ من هيامْ/ بيننا حاجزٌ من غيابٍ/ وبضعُ لغاتٍ توارتْ/ وكومُ من الذكريات رُكامْ/ إنني طوْعُ أمركَ/ بل أشتهيكَ/ فهلاّ منحْتَ الفؤادَ السلامْ/ حين تنأى بعيداً تلوِّحُ ملءَ يديكَ/ فهل كنتَ تشمتُ/ أم لا وداعَ؟/ ففي سفر اليوم معناً قصياً/ يجردُ فيكَ امتدادَ الرؤى/ بين ماضٍ توالدَ فينا/ وأهزوجةَ الحاضرِ الغائمةْ/ صمتُكَ الآن موتٌ فغرّدْ/ لعلكَ توقظُ همسَ المنى النائمةْ/ أسمعُ الآن فيكَ احتراقي/ فغادرْ غموضَكَ حيناً../ مرَدُّكَ أن تحتويني/ فأنفُضُ عني غبارَ غيابِكَ آنَ الْتقينا/ وكان الختامْ».
ومن أصدقاء الأديب التقينا الشاعر "كاسر بعاج" والذي قال لنا: «تميز الشاعر "علي الجاسم" بتطويره المستمر لتجربته الشعرية، فساعده في ذلك ذائقة رفيعة تميز بها إضافة لتواضع كبير، مكنه من الاستفادة من ملاحظات وآراء الآخرين النقدية، فاستطاع أن يكوّن لغته الشعرية المستقلة».