عندما يسمع أحد اسم الدير العتيق فإنها توحي له أنها تعني ديراً قديماً قائماً في منطقة ما، لكن تلك التسمية تحمل دلالة على تاريخ منطقة وادي الفرات الأوسط ونواة "دير الزور" الحالية حيث استقرت هذه التسمية بعد فصل المنطقة عن حلب وجعلها مركز متصرفية "دير الزور" عام /1865/.
وأطلقت هذه التسمية وأصبحت للمدينة القديمة بعد أن توسعت مدينة "دير الزور"، ولكن أصبح ذلك الدير العتيق يؤرخ تاريخ المنطقة غير أن تفاصيله أصبحت تحت التراب حيث أزيل بشكل كامل في ستينيات القرن الماضي ليختزن عشرات القرون من الزمن.
الأبنية الواقعة في منطقة المجمع الحكومي (الدير العتيق) مشادة فوق تل اصطناعي كان يضم في داخله أنقاض خمس مدن متراكبة آثارها الواحدة فوق الأخرى، ويتمثل موقعها في مدينة "شورا" التي كانت في الألف الثالث قبل الميلاد وكانت جزءاً من مملكة "زوجي" الآرامية ومن يحلل صور رفع أنقاض بيوت "الدير العتيق" ويدقق فيها ير الطبقات المكونة للتل بوضوح
وللتعرف على تفاصل الدير العتيق التقى موقع eDeiralzor بتاريخ 3/8/2010 الباحث "عباس طبال" والذي قال: «دمرت "دير الزور" مرات عديدة قبل الميلاد وبعده حتى تكون منها تل أثري هو "الدير العتيق" القائم فوق التل والمبني على أنقاض المدن التي كونته وذكر الأب "متري حاجي أثنا سيو" دكتور دولة من جامعة السوربون في كتابه "موسوعة البطريركية التاريخية والأثرية" أن أوزارا أو دير الزور كانت تعرف في العصر الروماني باسم (آزورا) وهي تقع شمال شرق سورية على نهر الفرات وبينت هذه المدينة الكبيرة والقديمة على نهر الفرات تحت اسم "زعورا" وأطلق عليها اليونانيون أو الإغريق اسم "آزوارا"».
وتابع "الطبال" حديثه بالقول: «الأبنية الواقعة في منطقة المجمع الحكومي (الدير العتيق) مشادة فوق تل اصطناعي كان يضم في داخله أنقاض خمس مدن متراكبة آثارها الواحدة فوق الأخرى، ويتمثل موقعها في مدينة "شورا" التي كانت في الألف الثالث قبل الميلاد وكانت جزءاً من مملكة "زوجي" الآرامية ومن يحلل صور رفع أنقاض بيوت "الدير العتيق" ويدقق فيها ير الطبقات المكونة للتل بوضوح».
وأوضح "الطبال" بالقول: «الدير العتيق تل أثري قام على أنقاض دير من أديرة تغلب التي كانت تسكن المنطقة منذ العصر الجاهلي، ومن بعدها تمت الإشارة إلى وجود ديرين كما يذكر الأب العلامة "مار أغناطيوس يعقوب" الثالث بطريرك "أنطاكية" وسائر المشرق عضو مجمع اللغة العربية في "دمشق" والذي يقول: «إن دير الزور تحريف للعبارة السريانية "دير زعور" وأنه عرف بالدير الصغير تمييزاً له عن الدير الكبير الذي كان بجواره وهذا ما جاء في كتاب الأصول السريانية في أسماء المدن والقرى السورية فالدير الصغير بني على الفرع الصغير لنهر الفرات وهو باق وقامت على أطلاله مدينة "دير الزور" والمتمثلة سابقاً بالدير العتيق أما الدير الكبير فربما دمره نهر الفرات مع ما دمر من المدن التي قامت على ضفافه وبقي أحد جدرانه حتى نهاية القرن التاسع عشر وزاد على جدرانه ليصلح لحمل نواعير ما زالت آثارها باقية إلى اليوم على الفرع الكبير من نهر الفرات».
كما التقينا الباحث محمد الجاسم" والذي تحدث عن الدير العتيق بالقول: «وجد الدير الصغير أثناء هدم "الدير العتيق" عام /1952/، وكان هذا الدير موجوداً في أوائل القرن الثالث الهجري، وهدم فيما هدم من قرى على شاطئ الفرات على يد "سليمان بن سعيد الجنابي القرمطي" عام /316/ هجري وأعيد بناء مدينة "الدير" فوق أنقاض المدينة المدمرة بعد سنوات من استتباب الأمن حتى أن "السري الرفاء" شاعر "سيف الدولة" قال في قصيدة يمدح صديقاً تغلبياً كان يسكن الديرين:
أناشد دهري أن يعود كما بدا/ فقد غار بي في الحادثات وأنجدا
فزار من الديرين إلفاً ومألفاً / وجاد على النهرين عهدا ومعهداً».
وبين "الجاسم" تاريخ هدم الدير العتيق فقال: «هدم "الدير العتيق" بالبلدوزرات وأزيلت آثاره عام /1968/ وأثناء الهدم وجد آثار كثيرة حيث وجدت كنيسة أو دير مهدم قيل عنه إنه مسجد ووجد بجانبه ما يشبه المحراب وصليبان أحدهما عليه مسجد المسيح كما وجدت ثلاث أوان (تشبه القدور) من البرونز حول فتحتها شكل شبيه بالشمس كما عثر على جرتان في أحداهما دنانير ذهبية والأخرى تحتوي على عملة فاطمية من الفضة».
الموقع التقى "نشوان علوني" والذي قال: «لا يوجد دليل أثري يثبت إلى أي عصر أو زمن ينتسب الدير العتيق وأقدم ما تم الوصول إليه في "الدير العتيق" كان تحت فندق رغدان حالياً حيث يوجد عدة سويات أحدثها تعود إلى الفترة الأيوبية حيث وجد تيجان للأبواب منقوش عليها عنقود عنب مع كلمات باللغة العربية وذلك يعود إلى فترة السنة السابعة أو الثامنة الهجرية ومن الممكن أن يكون هناك سويات أقدم منها لم يتم الوصول إليها وعندما أزيل الدير العتيق أزيلت السوية الأحدث وهذا خلف خللاً في السويات وعموماً الدير العتيق هو تل أثري صناعي 100% ويوجد فيه سويات مختلفة من كلاسيكية وعصر البرونز القديم ويمتد التل الأثري من المحافظة القديمة إلى جامع السرايا طولاً وعرضاً من كنيسة الأرمن مروراً بسوق الصاغة وحتى جامع العمري».