"الموسيقا": لغة النفوس، والألحان، نُسيمات لطيفة تهز أوتار العواطف، هي نغمات رقيقة تستحضر على صفحات المخيلة، ذكرى ساعات الحزن إن كانت محزنة، أو ذكرى لحظات الصفاء والأفراح إذا كانت مفرحة.
ولأن عالمه مليء بالشغب الطفولي، أحب أن يتابع عبثه، على أوتار موسيقاه الخاصة، هو شاب في أوج الشباب، وسني العطاء، درس الموسيقا بشكل أكاديمي، فحصل على "إجازة في الموسيقا" من "كلية التربية الموسيقية" من "جامعة البعث" عام /2007/ وهو حالياً مدرس في ذات الكلية التي تخرج منها، إنه الفنان "أحمد داؤد" من مواليد "سلمية" في 21/4/1982. وعازف على آلة "الكونترباص".
موقع eHama التقاه يوم الاثنين 13/10/2008. لمعرفة المزيد عن عالم نعشقه، نحبه، نستمتع به، لكننا نجهل تفاصيله الدقيقة، ومن غير الاختصاصي يستطيع أن يطلعك على خفايا الأمور.
** لأنها وببساطة أسمى أنواع الفنون، وفيها وجدت ذاتي، وبها أستطيع أن أخاطب جميع الشرائح، كما أنها تريحني على الصعيد النفسي، وتجعلني أعيش في عوالم ممتعة، الموسيقا هي بحث في خبايا الروح.
*ما تعريف الموسيقا لديك؟
** هي علم رياضي، مشبعة بالأحاسيس والمشاعر، كما أنها تدخل في كل العلوم (الفلسفة، والطب) والكل يعرف أن الكثير من حالات العلاج تتم بمساعدة من الموسيقا، حتى أنها دخلت في عملية النمو عند النباتات، فالمردود لنبتة تتعرض للموسيقا أكثر من تلك التي لم تتعرض لها. هي في كل الأحوال "غذاء الروح".
** بطبعي أحب صوت "القرار" لأنها تشعرني بالوقار، والهيبة، القوة، والأرض. وآلة "الكونترباص" تتسم بالهدوء، والعمق، ووجودها في أي فرقة أمر ضروري، ولا يمكن الاستغناء عنها، لدورها المهم، والأساسي، واخترتها لأنني وجدت نفسي فيها، فهي تعبّر عما أملك من إحساس تجاه الآخر، تجاه من أتعامل معهم، فطبيعة حجمها الضخم، وطريقة العزف عليها، تشعرك بأنك مميز، وصاحب كينونة خاصة ضمن أي فرقة.
** أنا ما زلت متفائلاً، فالموسيقا حيّة، لا يمكن أن تستسلم بسهولة، لأنه ما زال من الناس من يستطيع أن يصغي لروحه، وعقله، ويستمتع في انتقاء ما يلذ للروح من موسيقا حقيقية، الموسيقا تموت عندما تموت أحاسيسنا وأعتقد أننا إلى الآن ما زلنا على قيد الحياة والإحساس.
** في أطروحة التخرج التي قدمتها، والتي بحثت في نظرة الأديان للموسيقا، تحدثت عن الغناء في دور العبادة، عند كافة الأديان، واختلاف النظرة إلى الموسيقا، فالأغنية لا تعبر عن هوية الموسيقا، مع أن هناك تقاطعات ما بين الكلمة واللحن، فيمكن اعتبار الموسيقا (حلية) تزين الكلمة، والعكس صحيح. وحالياً دخلت الأصوات البشرية لتحل محل بعض الآلات، ولتخلق نمطاً موسيقياً غاية في الروعة، فالصوت البشري عبارة عن آلة موسيقية.
**هناك العديد من التجارب، والمحاولات الجادة من قبل عدد من الأساتذة الموسيقيين في بلدنا، فلا يمكن لي إلاّ أن أكون متفائلاً، فخذ مثلاً تجربة الفنان "نوري اسكندر" والتي تعكس هوية "شمال سورية" على الصعيد الموسيقي المتنوع، كذلك تجربة الأستاذ "خالد جرماني"
والأساتذة "مهدي إبراهيم" و"رامي درويش" والذي عمل على إعادة توزيع الموشحات وقولبتها من جديد و(تهجيتها) بـ "الهارموني" و"الكونتربوان". ولا ننسى تجربة الأستاذ "عصام رافع" قائد الأوركسترا الشرقية في "المعهد العالي للموسيقا"، ومن التجارب الهامة، ما قام به الأستاذ "شفيع بدر الدين" الذي عمل على "كونشرتو ناي" مع الأوركسترا، وفي أساس هذه التجربة، أنها مبنية على "ألحان سوريّة تراثية" وهذه التجربة لاقت نجاحاً باهراً في "أوروبا".
** مع تلك المحاولات، والتجارب التي ذكرناه، بات من الممكن أن نقول أن هناك في الأفق ملامح لهوية موسيقية "سورية"، رغم السيطرة الغالبة، للأغنية "الهابطة" وللأسف، وهناك موجة متأثرة بالهوية الموسيقية "التركية"، بدليل أصبح من لا يعرف العزف التركي غير محبذ الاستماع إليه، لذلك المطلوب منا جميعاً أن تتضافر جهودنا، والعودة إلى التراث والموروث، ومحاولة تطويره، فنحن نمتلك في "سورية" موروثاً هائلاً، ومناطقنا غنية، ولا أقصد بالتراث الأغنية الشعبية الدارجة هذه الأيام ذات الإيقاع السريع ممن اعتمد على موسيقا الزمر، وإيقاعات "الأورغ".
** النمط الارتجالي، وهو عبارة عن تأليف حر غير مقولب، مثل قوالب التأليف المتعارف عليها (الكلاسيكي) الغربي منه والعربي. واليوم نحن نعمل على أسلوب التقسيم، والارتجال للموسيقا الشرقية على آلة "الكونترباص"، وعلى الصعيد الشخصي، فإنني أحاول أن أبحث عن أسلوب جديد لطريقة العزف والتقسيم على آلة "الكونترباص" في الموسيقا الشرقية، كما أنني أحاول أن أبحث عن إمكانية وضع منهاج (إيتودات ــ وتمارين شرقية للآلة، و"غامات" أي سلالم، مع وضع الأصابع والأقواس لها، لأثبت أن هذه الآلة تمتلك إمكانية أن تكون آلة "صولو" في الارتجال الشرقي، وليس كآلة مرافقة فقط، أريدها
(فعّالة). كما أنني أفضّل نمطاً آخر هو (الموسيقا الشرقية المهجنة) وهي مقولبة مثال: /كونشرتو ــ كونترباص/ يكون سلّمه الموسيقي (بيات، أو هزام، أو حجاز، أو رصت).
** فرقتنا تعتمد في عملها على الارتجال الموسيقي، وكل منّا يقدم ما يراه مناسباً، والكل مؤمن بأفكار الآخر، ومتبني لرؤيته الموسيقية، وبعد ذلك نعمل سوياً لتحقيق الارتجالية المطروحة، ونطورها، ومتى سنح لنا الوقت، نقدمها للجمهور الذواق، وكانت لنا عدة أماسي موسيقية لاقت استحساناً عند من حضرها، وهذا بالطبع يدفعنا لمتابعة مشروع ليس بالسهل المغامرة به، كما حدث مع الشعراء في الوقت الحالي عندما أرادوا للنمط الحر من الشعر أن يكون بديلاً، بل مسيطراً على الساحة الشعرية، ولسنا هنا بوارد أن نحدث انقلاباً في مفهوم الموسيقا، ولكن لنا الحق في إيجاد أسلوب وطريقة نستطيع من خلالها الوصول إلى روح المتلقي، فكما قلنا الموسيقا غذاء الروح، ونحن نبحث عن الغذاء الخالي من الكولسترول، وبعيداً عن المواد الكيماوية. ولا بد لي أن أذكر أعضاء الفرقة على قلتهم وهم: "محمد سعيد جرعتلي" "رامي الجندي" و"فؤاد قنوع" إضافة لي.