"هيفاء الحاج حسين" فنانة تشكيلية خريجة كلية الفنون الجميلة عام 1987، صاحبة صوت شجي، تباغت ورقتها البيضاء بمفردات تشربت حنين الذكريات، تحترف الحلم والرقص مع المطر، اتقدت شمعة وتركت لعن الظلام لمتثائبين أثقلوا كاهل الأرض. من نافذة مطلة على وحدتها وضجيج الأرصفة، ترنو إلى هذه المدينة التي أحبت، تفلت من عينيها بضع نظرات من العتب الخفيف وسؤال يلوكها خلف الزجاج... أيها المارة إلى أين أنتم ذاهبون؟ هذه المدينة التي تسكننا تشيخ رويداً.. رويداً..
في مقر عملها كمسؤولة عن صالات المعارض في المركز الثقافي العربي في مدينة "مصياف" التقى موقع eSyria بالفنانة التشكيلية والمطربة "هيفاء الحاج حسين" يوم الأحد 29/3/2009 وهي من مواليد "مصياف" 1962 فكان معها الحديث التالي:
*أين ومتى تعرفت "هيفاء" على نفسها كموهوبة على صعيد الرسم والغناء والكتابة؟
**بالنسبة للغناء كان ذلك في حفلات المدرسة وكان عمري 8 سنوات ويومها غنيت زهرة المدائن لـ "فيروز"، وفي ما بعد في حفلات الجامعة وإحدى هذه الحفلات كانت مع اتحاد طلبة أريتيريا واتحاد طلبة لبنان.
** عام 2003 دعاني المركز الثقافي العربي في "مصياف" لإقامة أمسية غنائية وكان معي مجموعة أطفال منهم كورال ومنهم أصوات إفرادية عام 2005 أمسية غنائية مترافقة مع معرض الفنان التشكيلي "طه الطه" عام 2007 في "اللاذقية" في الاحتفال السنوي بعيد ميلاد "فيروز" وصاحب هذه الفكرة وممولها "اسماعيل حسن"
2009 أمسية في المركز الثقافي العربي في "تلدرة"
تكريم الكاتب الكبير الراحل "ممدوح عدوان"
*هل فكرت باحتراف الغناء؟
**انصرافي إلى الرسم ودراسته أبعدني عن ذلك وفي ما بعد مشاكل الحياة وهمومها
ولكني أجير كل أحاسيسي للأغنية التي أؤديها وأرفض بشكل قاطع كل أنواع هذا التلوث المدعو الأغنية الشبابية والغناء لشباك التذاكر لأني حين أغني لا أجسد حالة منبرية بل أقدم نفسي كما أنا
ولا يهمني كتابة اسمي بالقلم العريض بل ما يهمني أني أعتقد كل ما أقول وأقول كل ما أعتقد.
** شيء جميل أن يكون للشخص أشياؤه الخاصة، بالنسبة لهذا الموضوع أتمنى أن أقدم يوماً ما أغنية خاصة سواءً بصوتي أو بكلماتي.
** "سديم" هي ابنتي ورفيقتي في طريق الفن الملتزم، وهي الآن سنة ثانية كلية موسيقا، شكلت وإياها ثنائياً في أمسية "تلدرة" رافقتني غناءً وعزفاً على "الغيتار"، لن أجعل منها صدى لأحلامي ولكن ما ترغب أن تكونه سنسعى معاً لتكونه.
*الرسم وحكاية أصابع مضمخة باللون والسفر إلى البعيد مع الرّيش، عن هذه الرحلة ماذا تحدثنا "هيفاء"؟
** في ما مضى كانت الورقة البيضاء صديقتي أكثر، أيام الصغر كان تعارفنا أنا والألوان مايزال جديداً، تدفق أحدنا على الآخر بدا أكثر حميميةً حيث الإحساس المطلق أكثر حضوراً، التحقت بكلية الرسم في ما بعد ولم أكن أعلم أن الحالة المدرسية للرسم تختلف عن الخط الذي كنت أسير عليه لا أدري لماذا ولكن هذا ما حدث، شعرت بكثير من القيود تكبل خيالي وآفاقي.
** بالنسبة لموضوع المعرض أنا مقلّة بالإنتاج في الفترة الأخيرة أي لا أملك الكثير من اللوحات لأقيم بها معرضاً خاصاً بي ولكن يمكن ذلك في حالة مشاركة مع معارض أخرى، ففي ما مضى كنت أرسم أكثر من الآن ولكن أغلب لوحاتي قدمتها هدايا للأصدقاء فلا أملك منها ما يكفي لإقامة معرض.
يمة العمل الفني برأيك هل هي محكومة بالكم أم بالنوع؟
الأفضل هو الكم النوعي.. (وهنا تقول شيئاً مما كتبت):
علمينا أيتها الطبيعة فما زلنا أطفالاً نحبو ونرى الأشياء ملتصقة ً بأعيننا..
علمينا أيتها الطيور كيف نميز بين حريةٍ واهمة وضيعة وبين حريةٍ حقيقيةٍ رفيعة..
علمينا أيتها الأرض الأم، كيف نعطي دونما حساب، وما السبيل لتكون ثمار زرعنا يانعة ًوحلوة المذاق.
** أعشق البساطة في التعبير بكل شيء، فالفن ليس تكدّس الألوان، أو المفردات فوق بعضها البعض لنقدم نتاجاً مميزاً، بل أن نتنقل برشاقة في حدائق أحاسيسنا ومشاعرنا، ونمضي نسافر في القلوب نزرع فيها ذاكرةً تنبض بالحق والخير والجمال.
مرحى لكل من يعرف معنى الصلاة، فيصلي لينشر نور الحب في ابتهالاته. كيف نخشى أن نذوب حتى التلاشي في رحم الحب؟!
في النهاية تهدي السيدة "هيفاء" هذه الكلمات لقراء موقعنا:
أنا امرأةٌ لكل الاحتمالات، أنا إنسانةٌ لكل الأزمنة، تمتزج بي الأمومة والطفولة، الأنوثة بالرجولة، العفة والعهر، الملاك بالشيطان، الشجاعة المنبثقة من أعماق خوفٍ مروّع.. أنا توقٌ دائمٌ للحياة، أنا طائرٌ فضاؤه ورق وجناحاه بضعةٌ من أحلام، أنا الحزن البشري الأزلي الذي أتقن صنع الفرح على مسرحٍٍٍ فجائعيٍ يتشطّر بالآلام.