في الشارع الخلفي للمركز الثقافي العربي في "محردة"، يقبع مرسم الفنان "يوسف النجّار" في زاوية صغيرة لا تتجاوز مساحتها ثلاثة أمتار مربعة، ولكن كلمة "مرسم" لا تبدو مناسبة للحديث لوصف المكان..!
الفنان "يوسف النجار" من مواليد مدينة "محردة" عام /1965/ حوّل مرسمه لدكان يبيع فيه كلّ شيء بدءاً من ألعاب الأطفال حتى الأدوات المنزلية البسيطة وعلب الكبريت بحثاً عن مردود يؤمن من خلاله ثمن ألوانه ومواده الأولية اللازمة لاستمرار مشروعه الفني، يقول لموقع eSyria الذي زاره بتاريخ 3 آب 2009: «حولت مرسمي لدكان أبيع فيه كلّ شيء بغرض الحصول على لقمة العيش، أما مرسمي فهو يقبع في الزاوية محاولاً سرقة لحظات من يوم مجهد، الراغبون بشراء اللوحات قلائل وهذا ما يولد لدى الفنان بعض الإحباط، الجمهور لديه ردة فعل شبه معدومة أحياناً، العمل بات متقطعاً بسبب صعوبة المعيشة».
هناك موهبة تنمو مع الإنسان وتتطور بالتجارب، منذ بداياتي كان الرسم رفيقي، أحببت الفكر والتراث والتجديد، وأقمت حوالي /30/ معرضاً، لي منهم /13/ معرضاً فردياً في المركز الثقافي في "محردة"
تخرج الفنان "يوسف النجار" من معهد الفنون في "حماة" سنة /1986/، ليتعين مدرساً لمادة التربية الفنية في إحدى القرى القريبة من "محردة" مدينته.
يقول عن بداياته: «هناك موهبة تنمو مع الإنسان وتتطور بالتجارب، منذ بداياتي كان الرسم رفيقي، أحببت الفكر والتراث والتجديد، وأقمت حوالي /30/ معرضاً، لي منهم /13/ معرضاً فردياً في المركز الثقافي في "محردة"».
وعن الفرق بين الفنان والرسام يقول: «الفنان لو كان يرى مثل الآخرين لكان جامداً، بل عليه النظر إلى أبعد ما يراه الآخر ليصل إلى مرحلة الإبداع الذي يبدأ من فكرة جديدة ملهمة، المبدع هو الذي يوّلد عملاً غير عادي، الفنان ليس مصوراً بل عليه أن يضيف شيئاً من شعوره إلى اللوحة وإلا لتحول إلى عدسة كاميرا ضوئية».
وعن التحول الذي شهده فنانو "محردة" يقول: «تأثر الفنانون في محردة بالتغيير الكبير الذي حصل في البيئة الاجتماعية، مما جعل الفنان في "محردة" يقول بتوثيق واقع سابق يختلف في تقاليده، فنحن عشنا بالبناء القديم والأزياء القديمة، أما شباب اليوم فهم يعيشون في بيئة مختلفة تماماً، كما أن تزايد عدد المغتربين الذي يحصل في محردة يجعل الفنانين يحولون لوحاتهم إلى وثيقة تسجل لهؤلاء الغائبين ما فاتهم من تغييرات، وتؤرخ لمكونات قديمة ومرحلية».
وعن تصوره لما يقدمه من جديد يضيف "النجار": «أعتقد أن التجديد هو المحاولة التي أقوم بها باستمرار، الحداثة تكمن لديّ في تصور الطريقة المرسومة للعيش البسيط، التعبير يتجه اليوم نحو الألوان، ولم يعد في الخطوط الرسمية، ويتجه لوني في الغالب نحو القتامة، الأسود هو لون قوة يظهر بين الألوان المحيطة بقوة، ويظهرها بقوة؛ وأنا أحاول أن أقدم ثقافة وفكراً إلى الآخر بطريقة اللون بالتآلف مع الخطوط، أميل في بعض لوحاتي إلى السريالية وأعتقد أن هذا ما حققته في لوحتي "فينوس محردة"».
وعن تجربته في النحت يقول: «في النحت يكمن تخليد الأشياء وقابليتها للحياة أكثر، الاستاذ "مصطفى فاخوري" والذي درّسني النحت وكان أسلوبه يميل نحو التسطيح، وأنا بدوري بدأت أعمل قوالب من الصلصال وأصنع منها أشكالاً، أما مهنة الحفر على الخشب فأتت كمهنة لكسب العيش».
وعن المرسم الجديد الذي يعدّه لنفسه يقول: «جاءت فكرة المرسم من خلال المغارة التي توجد تحت بيتي حاولت ألا أغير في معالمها من خلال استغلال قطع من السيراميك –توالف البيئة- لتغطية جدرانه هذه المغارة، وأنا أقوم بهذا العمل منذ أربع سنوات».
وفي سؤال حول مساحة لوحة الرسم وتأثيرها الذهني على الفنان يقول: «نستخدم القماشة الكبيرة بأكثر من متر، القياس العالمي للوحة هو 100×70، إلا أن الفكرة قد تمتد إلى أكثر من حدود هذه اللوحة، اللوحة الصغيرة أشبه بنافذة سجن، ولكن كلّ ما كبرت مساحة اللوحة أصبح الجهد أكبر، إلا أن اللوحة الصغيرة هي أدق في العمل، القصيدة الطويلة لا تحمل المعنى، فقد تأتي بقصيدة صغيرة من عدة أبيات قليلة تحمل كلّ المعنى».
وعن طموحه الفني يقول "يوسف النجار": «كلّ فنّان في العالم يطمح إلى الإبداع وأن يصبح من الفنانين اللامعين عبر لوحته، وهذا لن يأتي سوى بالعمل الدؤوب والمستمر، نطمح للرقي باللوحة، فحضارة الأمم من فنونها، أتمنى أن أزرع في كلّ بيت من بيوت "محردة" لوحة من لوحاتي».