يحب العتمة، والألوان التي تشعره بالدفء، يتمنى أن يرزق بطفلة، لأنه يحب أن يكون أباً لأنثى كي يرد الدين لأمه عن سنين تربيتها، هادئ الطبع، وسريع الابتسام، منظر الموت يؤلمه وإن كان الميت "حيواناً"، أراد أن يرسم ناعورة لا تشبه ناعورة جدّه، فأطبق اللثام على سريالية عنينها الذي يحبه "الحموي" أين كان، إنه فنان شاب، في جعبته الكثير من اللوحات الفنية ذات الطابع البيئي، والملامح في الوجوه غائبة ليترك عندك أكثر من سؤال، لكي تشبهك، وتشبهه، وتشبهها، فأيّ منها كان خيارك، فإنك بكل تأكيد على صواب.
موقع eSyria التقى بالفنان التشكيلي "عزام فرّان" في مدينته "حماة" يوم الأربعاء 19 آب 2009 وكان معه الحوار الآتي:
** الفنان التشكيلي إنسان مرهف الإحساس عاطفي، ويجب أن يكون صاحب قضية ورسالة، يدافع عن المظلوم، ويناصر الضعيف، أو يطرح بعض القضايا من واقعه الاجتماعي وأستطيع القول أن الفنان التشكيلي هو "داعية للسلام"، فهو يعرف جيداً كيف يجب أن تكون عليه الصورة الجميلة للحياة، بحسه المرهف، وعقليته التي ما يزال يقحمها في كل الزوايا.
** يمكن معرفة ذلك من خلال سبرٍ معلوماتيّ يطبق على المتلقي، لذلك فإنني أتابع أعمالي بعين المشاهد لا المنتج لهذه المادة الفنية، فتعتريني عفوية طفل يعبث أمام المرآة، كذلك هي اللوحة مرآة أراها كأني ما زلت طفلاً، فأجمل لحظة يعيشها الفنان ساعة يتابع في أعين الناس سر نجاحه.
** ليس هناك من ظروف معينة فأنا أرسم منذ نعومة أظفاري، وصقلت موهبتي في مركز "سهيل الأحدب" للفنون التشكيلية على يد أعظم فنان برأيي الشخصي، هو الأستاذ "بديع عوير".
** نعم.. معك حق.. اللوحة دائماً ناقصة رغم اكتمالها وإنك لتشعر إذا ما انتهيت من إحداها فالقرار الحاسم ألا عودة إليها ثانية، فقد اكتملت الرؤيا، وأصبحت اللوحة ناجزة. لكنك تكتشف في يدك أنها تقودك إلى حيث خلل ما رأته عينك المفكرة والمتخيلة، فلا تجد إلاّ والريشة بيدك تسير بك على ضفاف شواطئ نهر صخرية.
** عندما أجلس وحيداً أنا وصديقتي (اللوحة) أكلمها وتكلمني، أكلمها بلغة اللمس، فترد عليّ بلغة اللون، وأكتمها أسراري لأنها الصديق الوحيد الذي لا يفشي سر صاحبه، أنت تسألني عن لوحة تحاكيني وأنا ليس لدي لوحة لا تحاكيني قط.
** ليس للفنان وطن يكبله بأعرافه والتي ربما لن تواتيه. له وطن أو مكان محدد يثبت انتماءه، فالكون كله وطن له، بشرقه وغربه، شماله وجنوبه، و"الناعورة" هي أم لكل فنان، وليس الحموي بالضرورة، فعندما يراها لا يستطيع إلا أن يرسمها ففيها جاذبية خاصة، لهذا لا عجب إن رأيت في رصيد كل فنان حموي عدداً كبيراً من اللوحات التي تتحدث عن الناعورة، أو أنها حارس في كل لوحة لتكون شاهدة على الزمن الذي رسمت فيه.
** الحركة الفنية في نشاط متزايد أما في "حماة" فأتمنى أن تنشط أكثر لأن "حماة" هي منبع الفنانين.
** نعم هو مظلوم من الناحية الإعلامية، أو لنقل هناك تجاهل لما يحدث من حركة فنية على صعيد الفن التشكيلي، في الوقت الذي صنع هذا الفن مجد العديد من الدول الأوروبية فيما مضى من الزمن، وباتت محجّاً لكل متذوق، أو هاوٍ، أو مقتنٍ لبعض من لوحات ذاع صيتها.
** أول الأمر تكريس مثل هذا الطقس، على أن تقيم المراكز الثقافية معارض وبشكل مستمر، كما ويجب العمل على المستوى الإعلامي، والإعلاني للترويج لهذه المعارض، كما وقع على عاتق الفنانين أنفسهم أن يكونوا متواجدين في معارضهم لتقديم بعض التفسيرات التي يطلبها البعض ممن عصي عليه فهم لوحة ما، بشكل عام نحن بحاجة لخلق ثقافة فنية تشكيلية عند عموم الناس، وهذا أمر يتطلب وقتاً طويلاً، ولكن يجب العمل عليه.
** ولعت بمختلف مدارس وأساليب الرسم إلى أن أدركت أن على الفنان أن يبحث عن الهدف الذي يضعه نصب عينيه في لحظة وقوفه أمام اللوحة وهناك عليه أن يختار ما يحلو له من وسائل لتحقيق هدفه، فقد جربت كل ما يمكن أن يقودني إلى تكوين شخصيتي الفنية، ومتى وجدت نفسي في أسلوب ارتحت له وجدت نفسي داخل هذا النوع من المدارس، رغم أني لا أجد في التسميات ما يبرر أن يكون ما أقدمه هو فنّ أم لا بغض النظر عن التسميات النقدية التي ظهرت لاحقة للفن وليست سابقة عليه.
** الألوان بإبداعها وليس بلونها المعروف، فتارة تكون هادئة وأخرى ضاربة عنيفة حارة، وأحياناً باردة وأحياناً أخرى فأنا أحب كل لون أضعه في لوحتي.
** وأنت ترسم لا تستخدم العقل بل هي الروح المكنونة، تأخذ من وحيها ما تريد أن تسجله على اللوحة فتمتزج الروح مع أرواح أخرى هي الألوان لتشكل لوحة، إذاً.. فإن مزج الألوان هو انسجام في تناقض انسجام في المحصلة وتناقض باللون، فمثلاً اللون الأحمر حار والأزرق بارد وعندما يكونا جنباً إلى جنب في لوحة بتناسب معين يكونا منسجمين تماماً مع أنهما متناقضين.
** لا أرى في المرأة إلاّ أنها الأم، وهذه أقدس صفة اكتسبتها وجعلت الجنة تحت أقدامها، لذا الأم ستكون حاضرة بنسب كبيرة في هذا المعرض، وأيضاً نساء بلا ملامح واضحة كي تعكس رؤيتي لها كأنثى بعيداً عن مسائل لها علاقة بالجمال، وما يتبعه من حس نابع عن الشهوة.
** حتى الآن أقمت معرضين، فعلى المستوى الفردي كان معرضاً تحت عنوان "حصاد" في العام 2001، والمعرض الثاني حمل عنوان "قطوف" وذلك في العام 2004، أما مشاركاتي على المستوى الجماعي، فقد شاركت في المعرض السنوي الذي يقام سنوياً في "دمشق" وذلك في الأعوام: (2001- 2002- 2003- 2004- 2006)، وفي معرض "مهرجان الباسل" في "اللاذقية" في عام 2001، وهناك العديد من المعارض المتجولة في المحافظات السورية مع فناني المحافظة، وفي فرع الاتحاد ومهرجان الربيع في كل عام.
بطاقة "عزام فرّان" الفنية:
هو من مواليد مدينة "حماة" في العام 1971
خريج مركز "سهيل الأحدب" للفنون التشكيلية
عضو اتحاد الفنانين التشكيليين.
شارك في العديد من المعارض المحلية على مستوى القطر.