أخذت لوحاته طابع الواقعية، فهو يعشقها ويربط ذلك بما اعتاده من صراحة ووضوح في كل مناحي الحياة، فرشاته تتميز من خلال الاعتماد على الرموز والدلالات، وخلق للوحاته رؤية بصرية متنوعة استطاع المشاهد من خلالها أن يستقي التفاؤل، واستطاع "عماد جروا" أن يقف في الصفوف الأمامية للفنانين التشكيليين في "حماة"، تميز بتقنياته الخاصة التي يشكلها من (نشارة الخشب، والبيض، والقطن، والرمل، والأنسجة، والفحم، و...)، أحب الألقاب إليه هو "ابن حماة".
eSyria التقى الفنان "عماد جروا" في 10/9/2009 في محترفه في "حي الطوافرة"، وكان معه الحوار الآتي:
** انجذبت نحو الرسم منذ طفولتي قبل دخول المدرسة الابتدائية حيث مارس بعض من أفراد أسرتي هذا الفن، وفي المرحلة الإعدادية مارست التصوير الزيتي عن الطبيعة مباشرة، شاركت بمعارض الدولة الرسمية والتي تضم نخبة من فناني سورية وأنا ما أزال في المرحلة الثانوية، ثم دخلت كلية الفنون الجميلة كتحصيل حاصل، وأثناء فترة الدراسة فيها ساهمت أنا ومجموعة من فناني "حماة" بتشكيل جمعية "أصدقاء مركز الفنون التشكيلية"، وأقمنا عدة مخيمات ومعارض في المناطق الريفية، وكان مشروع تخرجي حول مناظر طبيعية بالألوان المائية والزيتية، وأعمالاً حول عاملات التبغ في "حماة"، فتخرجت بدرجة امتياز.
** طبعاً لا، ففي عام (1999) قمت بعمل مجموعة من الدراسات اللونية، ونفذت عدداً منها على القماش مجرباً بها تقنيات جديدة بالنسبة لي في محترفي بـ"الطوافرة"، حيث استخدمت المساحيق اللونية ممزوجة بالبيض، وهي طريقة من طرق تقنية "التيمبرا" القديمة، حيث كنت أحصل فيها على تأثيرات تناسب ملامس الجدران الحجرية والكلسية القديمة، وأيضاً في أعمال أخرى استعملت طريقة التلصيق على السطح القماشي بمواد مثل التربة والأنسجة وغيرها، استمريت في هذا حتى العام (2000) ثم عدت إلى الألوان الزيتية والمائية، وكان من شأن تجاربي هذه أنه أفادني لاحقاً في معاملتي للألوان الزيتية والمائية.
** نعم، فأنا أنتمي إلى مدرسة الواقع "الواقعية"، لكنني لا أعتمد على النقل الظاهري للواقع، إنما أفهم الواقع، وأهتم بمسألة الإنشاء والتصميم، وأكثر ما يهمني من الشكل هو المسألة الإنشائية حيث أتعامل مع الأشكال ككائنات تنمو باستمرار، وأستعمل اللمسة اللونية المشحونة بالطاقة والتي في النهاية تؤثر على المشاهد، وأنا أرى أن معظم أعمال الفن في التاريخ تنتمي إلى هذه المدرسة، وقد وجهت اهتماماً خاصاً نحو رسم الوجوه مباشرة، واستمتعت به جداً، كما أوليت اهتماماً نحو موضوعات الطبيعة الصامتة.
** لم أعمل بأعمال فنية غير الرسم، إلا أنني منذ طفولتي مارست "الخط العربي" وأتذوقه جداً، ومارست "النحت" أثناء دراستي، وبما أن المبادئ الأساسية في الفنون مشتركة، أجد نفسي قريباً من كل الفنون مثل (التصميم، الحفر، النحت، والتصوير)، وأنا أيضاً أستاذ أدرس في معهد إعداد المدرسين وأدرس أيضاً ضمن محترفي، وأنا لا أزال أشعر أنني أتعلم كل يوم، ومنذ بداية تجربتي الفنية منذ ثلاثين عاماً لازمني اهتمام بتجارب أساتذة الفن العالمي، فدرست عنهم من المراجع الأصلية، وترجمت أكثر من ثلاثة آلاف صفحة من الفن وخصوصاً ما يتعلق بالنواحي التقنية، وهي تنتظر فرصة للنشر لكون المكتبة العربية تفتقر إلى هذا الجانب العلمي العملي عن الفن التشكيلي.
** لقد صورت الأماكن التي عشت فيها منذ الطفولة والتي تعيش في عمق ذاكرتي، وتشغل فضاء يحلق في خيالي، والإنسان يجيد رسم الأشياء التي على صلة وثيقة معها، ولقد تأثرت بألوان "الطحالب" على النواعير والجدران المتاخمة لمجاري المياه وانعكاسات هذه الألوان مع الضوء والأشكال في الماء، وكنت أرسم "حماة" بطبيعتها وآثارها خالية من الناس، لكني كنت أشعر أن فيضها الروحاني قد أغناني عن تصوير الناس فيها، وكنت أشعر أنها مسكونة بالإنسان، ومؤخراً أدخلت الإنسان إلى اللوحات على شكل إيماءات.
** من يقول ذلك يبالغ جداً في قوله، صحيح أن أعمالي حظيت بتقدير كبير من قبل ذواقي الفن في كثير من دول العالم، ولكن ذلك بقي على مستوى خاص بعيداً عن اهتمام وسائل الإعلام وبيوتات الفن ذات التأثير الحاسم في مجال الشهرة، ومشكلتي أني لا أهتم لهذا الجانب وأعلم أني مخطئ، ولكن ما يوصل إلى الشهرة هو علاقات العمل التي تسفر عن تنامي الشهرة والمردود المادي.
* ماذا عن معارضك؟
** بعد تخرجي وعودتي إلى "حماة"، شاركت بملتقى التصوير في "ألمانيا" في عدة معارض بالمدن الألمانية، وفي عام (1988) أقمت معرضاً شخصياً في صالة عشتار، وفي عام (1990) قمت بمجموعة دراسات بقلم الفحم عن مشاهد عديدة في المدينة القديمة، وأنا مقل على صعيد المعارض، وذلك يعود إلى قلة الإنتاج لدي وانشغالي بالترجمة والتدريس، وقد سافرت إلى أمريكا في عام (2004) وجدت قبولاً مشجعاً من قبل من قابلتهم من أصحاب الصالات الفنية وأقيم لي معرض شخصي في إحدى الصالات وأسفر عن نتائج جيدة معنوية ومادية.
** لدي نسبة من الرضى، وأخرى من عدم الرضى، حيث أشعر أنني لا أستفيد من الوقت بشكل جيد، وأترك مجالاً كبيراً للمزاجية أن تبطئ عملي.