كثير من المهن اليدوية تقترب من مفهوم الفن لاعتماد أصحابها على العمل بأدوات بدائية وبسيطة، واستلهام واجهات البيوت الأثرية بأبوابها وشبابيكها وتفاصيلها الصغيرة واستعادة الماضي من خلال لوحات خشبية تملك جمالية وروح الحارة القديمة، هذا ما يحاول الحرفي "سعيد المدني" تجسيده في لوحاته وأعماله الفنية.
موقع eSyria زار مشغل الفنان "سعيد المدني" في"خان رستم باشا" الذي حدثنا قائلاً:
هذا الفن يظهر جماليات أسلوب العمارة السورية القديمة، وتجربة الفنان"المدني" في ابتكار لوحات خشبية تستعيد ذكريات الحارة القديمة هو فن يستحق التقدير
«منذ الطفولة كان الرسم هاجسي الأول وبدأت أرسم وأخربش على الورق ورسمت على القماش فرسمت النواعير والطبيعة وشجعني الأهل والأصدقاء، لكن لم يعترني إحساس بالإبداع في كل ما رسمته ودائماً كان ذلك الصوت الذي رافقني منذ الطفولة يناديني من الداخل ويصرخ، حتى عام /1995/ حيث انفجرت موهبتي في ابتكار شيءٍ جديد، فأحضرت قطعاً من الخشب والعيدان والألوان وأشياء مهملة، وبدأت برسم بعض الخطوط العريضة لمشروعي، وبعد أسبوع من العمل خرجت بلوحة خشبية تستلهم واجهات البيوت القديمة في "حماة"».
** «الحقيقة البداية كانت في مهرجان الربيع الثاني في "حماة" حيث زارني مدير السياحة في "حماة" ذلك الوقت وأبدى إعجابه بلوحاتي ووجه لي دعوة للمشاركة في المهرجان، وقد لاقت أعمالي استحساناً جيداً، ولم يبقَ في جناحي أيّ لوحة حتى نهاية الفعاليات، وطالبني كثير من الزوار بلوحات ليقتنوها وهذا ما أعطاني دفعاً معنوياً لأبتكر أعمالاً فنية أكثر».
** «نعم هو نوع من أنواع الفنون، فالنحات الذي يبتكر من الخشب أو الحجر أو الطين أشكالاً ومجسمات وأقنعة يسمى فنان، وابتكاري لواجهات البيوت القديمة بشكل فني وجمالية واضحة هو فن صعب جداً فهو بحاجة إلى رؤية فنية وثقافية وموهبة، وأنا أستعمل الألوان والطين والصلصال كأي فنان ولوحاتي تتكلم عن نفسها».
** «أهم المواد هي الخشب والزجاج المعشق وورق القصدير والصلصال والكرتون المقوى ورقائق النحاس، وأحيانا أستعين بالقش والبلاستيك والليف والطحالب وأستطيع أن أقول إنني أقوم بتدوير الأشياء المهملة والاستفادة من كل شيء من حولنا مهما كان صغيراً لخدمة اللوحة لتخرج بهذا الشكل».
** «الناس بدأت تبحث عن أشياء جديدة وقريبة من تراثنا، ولنقل شيء قريب من شخصيتها الحقيقية التي لا تنفصل عن المجتمع وحياة الناس، وأزعم أن هذه اللوحات بدأت تفرض نفسها على جدران الأبنية الحديثة التي لا تمثل شخصيتنا الشرقية لذلك يحاول الناس استعادة الماضي الجميل والقريب باّن معا باقتناء لوحة أو أكثر أوإقتناء نحاسيات قديمة وأشياء كثيرة موجودة في المدن القديمة،وزبائن كثيرون يأتون إلي يطلبون عمل عن بيوتهم القديمة ويذكرون لي كيف كان بيتهم وأحاول أن أشتغل كما يصفونه تماماً، وقد نجحت في استعادة الكثير من البيوت الدمشقية بلوحات ثلاثية الأبعاد ولاقت نجاحاً جيداً».
الفنان التشكيلي "وائل المصري" يقول: «إن لوحات "سعيد المدني" تختلف في الأسلوب عن اللوحة التشكيلية لكنها تستعمل أدواتها في الألوان والرؤية الفنية، وهذا يعطيها مشروعية الفن بمفهومه الجمالي ولوحاته أقرب إلى المدرسة التعبيرية التي ينتمي إليها أكثر فناني حماة».
وخلال زيارتنا التقينا الآنسة "بسمة علوش" الطالبة في الولايات المتحدة الأمريكية التي قالت: «هذا الفن يظهر جماليات أسلوب العمارة السورية القديمة، وتجربة الفنان"المدني" في ابتكار لوحات خشبية تستعيد ذكريات الحارة القديمة هو فن يستحق التقدير».
الجدير بالذكر أن الفنان "المدني" من مواليد حماة /1971/، ويقوم بالإشراف على دورات تدريبية للمهارات الفنية التطبيقية للمعاقين في مدينة حمص.