لن يستغرب أحد إن سمع صوته فهو ابن أبيه، من قرية رضعت العتابا، ولوّحت بالميجانا، وسهرت على أنغام الربابة، في صوته بحة وقوة، يحاول أن يخط لنفسه طريقاً مختلفاً عن والده، لكنه في الأحوال لا ينكر هذا المورث الذي وجد معه منذ الولادة.
موقع eSyria التقى بالفنان الشعبي "حسين المغربية" ليقلي الضوء على مسيرته الفنية وهو الذي يأمل بغد أفضل لواقع الأغنية الشعبية، ويتمنى أن يخرج منها من هو غير كفؤ لهذا التصدي.
العتابا أكثر الألوان التي يطلبها الجمهور ربما لأن من يعرف والدي يعكس علي طبيعة ما كان يقدمه، وهذا مؤشر على أن والدي ترك بصمة عند الناس وما زال والحمد لله
بدايته مع الغناء وكما يقول: «فقط لأنني ابن لمطرب شعبي ذائع الصيت وهو "محمد خضر المغربية" عمل مدرسو مادة الموسيقا الذين تناوبوا على تدريسي أن يعاملونني على أنني المؤهل الأكبر لإحياء حفلات المدرسة والمشاركة في مسابقات الطلائع ومن ثم الشبيبية، هذا الأمر شجعني عليه الوالد وكأنه كان يستشف في صوته شيئاً سيكون ذي شأن، ومنذ ذلك الوقت وأنا أغني».
يتابع: «يبدو أن الأمر قد أعجبني فبت أغني طوال الوقت، في البيت، في المدرسة، والحقيقة أنني اتخذتها بشكل طبيعي ويمكن القول أنني هاوي غناء، لكنني وجدت أن الاحتراف بات ضرورياً ولا أريد أن يمضي بي قطار العمر لأجد نفسي كمن سبقني من المطربين الشعبيين يفرحون الناس وينامون بلا لقمة تسد الرمق، فالواقع يقول أن الفنان محبوب طوال وقت الحفلة أو السهرة، بعد ذلك كل يذهب إلى شأنه، والفنان يعود إلى متاعبه، الفن الحقيقي هو احتراف لأجل الاحترام».
ننطلق للحديث عن الأغاني التي يقدمها والتي أغلبها هو من المنتج المحلي والذي بات في عداد التراث والفلكلور، فيقول: «التراث غني ويمكن أن ننهل منه على الدوام، هو نبع لا ينضب، وعلينا أن نختار ما يناسب أصواتنا، وبالمقابل فإنه على الجهات المعنية أن تتصدى للأصوات المشوهة للأغنية التراثية، بالنسبة لي أبحث في بطون الماضي عن بيت من العتابا، أو مفردة باتت منسية فأعيد إحياءها من جديد، وكثيراً ما ضمّنا أغانينا مفردات الطبيعة "السلمونية" الغنية بتضاريسها، بمبدعيها، بتاريخها الموغل في القدم، والتي تمتد من شرقي العاصي على مساحة واسعة، وهذا ما جعلها متنوعة التراث والفلكلور أيضاً».
وسألناه عما يميز الأغنية في منطقة "سلمية" على العموم، فقال: «تمتلك الأغنية في "سلمية" هوية خاصة لا يمكن لأحد أن يتناولها كما هو ابن هذه المنطقة، فباستطاعتنا أن نغني اللهجة البدوية، واللهجة المحلية لأبناء المنطقة، وكذلك نغني اللون الجبلي وكله بإتقان تام، وسمعت أن أحد الباحثين في شأن الفلكلور أن "سلمية" جامعة الفلكلور وهذا رأي سديد، وكنت في كل مرة أحيي حفلة ما يطلب مني الحضور أن "أُشرّقْ" كناية عن الإيغال في الفلكلور، وهناك عبارة شهيرة كانت تقال للفنان الشعبي الراحل: "محمد صادق حديد": (شَرّقْ يا بو صادق) ففي مرة رد على أحدهم من كثرة ما قال له (شرّق): (من كتر ما شَرّقْت صرت بالصين)».
وعن اللون الغنائي الذي يتناوله المطرب الشعبي "حسين المغربية": «العتابا أكثر الألوان التي يطلبها الجمهور ربما لأن من يعرف والدي يعكس علي طبيعة ما كان يقدمه، وهذا مؤشر على أن والدي ترك بصمة عند الناس وما زال والحمد لله».
في سؤالنا حول واقع الطرب الشعبي وكثرة المطربين الذي نزلوا إلى ساحة الغناء يقول: «ربما اتساع المساحة وازدياد عدد السكان أدى لازدياد عدد المطاعم والمقاصف وصالات الأفراح، وهذا ما جعل الحاجة لوجود مغنين أمر غايته سد الفراغ، ولكن لم يسد بالشكل اللائق، وخرجت أصوات لا تسر أحداً ولكن التقنية الحديثة للآلات الموسيقية ساعدت هؤلاء على التصدي لملء هذا الفراغ الذي ذكرناه».
وتمنى المطرب الشعبي "حسين المغربية" أن تنشأ نقابة للمطربين الشعبيين، ولجنة لحفظ التراث من التلاعب.
من الجدير بالذكر أن الفنان "حسين المغربية" من مواليد عام 1971، تعاونه مع جميع الموسيقيين الموجودين في المنطقة، ومن الشعراء تعاون مع الشاعر "محمد الحواط"، وفي رصيده ألبوم غنائي وحيد "أم العيون السود" صدر عام 2003.