هناك شيء ما يدور في خلده، إنسان طموح، ومثابر حد البحث عن الكلمة والمعنى الجميلين، مربي أجيال في مدارس قريته "بري الشرقي"، دخل عالم الموسيقا في سن مبكرة لكنه لم يكن يوماً أكاديمي الصنعة واللحن، استطاع أن ينهج أسلوباً مغايراً لما هو سائد في قريته التي اشتهرت بالعتابا والمولية وذاع صيتها من خلال الراحلين "صادق حديد" وابنه "محمد" وكذلك الفنان "محمد خضر المغربية". ببساطة هو عازف العود والموسيقي "صدر الدين الحلاق" الذي التقاه موقع "مدونة الموسيقا السورية" ليتعرف على نمط جديد يبدو على أقل تقدير جديد على أهل هذه القرية.
عن بداياته تحدث قائلاً: «بدا تعلقي بالموسيقا منذ سنواتي الأولى وتحديداً عند بلوغي سن العاشرة، فأول آلة موسيقية انجذبت إليها كانت "آلة العود" حتى أنني كنت أول من عزف على هذه الآلة من أبناء قريتي، وقد يستغرب البعض أنني صنعت آلة موسيقية من علب السمن المصنوع من "التنك" وشددت عليها أوتاراً بوارد العزف عليها، ربما كان للواقع الاقتصادي العام أثره الكبير على ذلك».
حقيقة يوجد شح في أغاني التراث، ولكن هذا لم يمنع من بعض الأغنيات التي استفادت من مفردات تراث القرية وكذلك مفرداتها، ربما لهذا السبب اتجهت إلى كتابة القصيدة الزجلية التي وجدت فيها سهولة في التلقي لدى المستمع، وقدرتها الغوص في مواضيع لا تستطيع اللفة الفصيحة أن تتناولها
ويتابع رحلته مع الموسيقا فيقول: «عندما اشتد عودي يممت وجهي قاصداً العاصمة بغية العمل كان ذلك في العام 1965 وهناك اشتريت أول عود حقيقي وليس علبة سمن، بدأت البيع على "بسطة" وأتعلم العزف على العود بشكل سماعي حتى أصبحت هذه الآلة رفيقتي، ولكنني ومع ضغط الحياة كنت اهجر عالم الموسيقا ليس رغبة مني ولكني كنت مجبر على ذلك».
المرحلة الثانية في حياة "صدر الدين الحلاق" الموسيقية بدأت في العام 2006، وعنها يقول: «عندما وصلت إلى سن التقاعد وأصبحت بعيداً عن الروتين الذي فرضه عليّ عملي في سلك التدريس عاد بي الحنين إلى الموسيقا، وهنا بدأت رحلتي من جديد ولكن بقالب مختلف نوعاً ما، وعملت مع المدرسة في إحياء أنشطتها الفنية، وهذا ما جعلني أشعر بالحنين في العودة إلى السلك الوظيفي، وكثيراً ما تمنيت ذلك وبشكل مغاير لما كنت عليه سابقاً رغم شهادة الجميع بأسلوبي المميز في التدريس».
ننطلق لنتحدث عن اللون الذي اعتمده الأستاذ "صدر الدين" في الموسيقا، فيقول في هذا المنحى: «عملت على الكلمة التي تدخل القلب دون استئذان، وهذا ما دفعني لكي أكون مغامراً بعض الشيء في تقديم الألحان وأنا الذي لا أعرف كتابة النوتة الموسيقية ولا أقرؤها حتى، ولكن اللحن عندي حالة من الارتجال استطعت أن أقدم نوعاً ما قد يرضى عنه المستمع، وأنا من الأشخاص الذين لم يتأثروا بأحد من الفنانين على وجه الخصوص، ولكنني كنت أنتهج الأسلوب الذي يريحني فريشة الفنان الراحل "فريد الأطرش" كانت تدهشني وتشدني إلى سماع كل ما يلحن أو يغني أيضاً، وانا أجد فيه فناناً عالمياً بكل ما تعني الكلمة».
ورغم أنه وجد في نفسه القدرة على إبداع الألحان إلا أنه رفض أن ينطلق بعوده للمرابع الليلية، بل فضّل عليها جلسات السهر مع الأصدقاء، ويضيف: «وكنت أشارك ببعض المهرجانات التي أقيمت في مناسبات عدة، وهذا ما دعاني إلى تشكيل فرقة كورال للبلدة، ولكن ما صادفني من عوائق هو ندرة الأصوات المميزة التي تستطيع من خلالها تقديم الأغاني المميزة وهنا نصل إلى أن للغناء أركان ثلاثة كلمة جميلة ولحن مناسب وصوت مميز، فانتفاء أحدهم يضعك في مشكلة حقيقية».
أما التراث فكان له نصيب فيما قدم، يقول: «حقيقة يوجد شح في أغاني التراث، ولكن هذا لم يمنع من بعض الأغنيات التي استفادت من مفردات تراث القرية وكذلك مفرداتها، ربما لهذا السبب اتجهت إلى كتابة القصيدة الزجلية التي وجدت فيها سهولة في التلقي لدى المستمع، وقدرتها الغوص في مواضيع لا تستطيع اللفة الفصيحة أن تتناولها».
أما ن واقع الموسيقا في بلدته وكذلك الغناء، قال: «تعتبر بلدة "بري الشرقي" من المناطق التي اشتهرت بتقديم لوناً غنائياً خاصاً بها عبر أسماء لا يمكن نسيانها مثل: "صادق حديد"، و"محمد صادق حديد" و"محمد خضر المغربية" الذين اشتهروا جميعاً بالغناء والعزف على الربابة، وهذا ما يمكن أن نقول عنه أنه وضع حاجزاً بينه وبين أي لون جديد من ألوان الغناء، وأعتقد أن هذا تحدياً بعينه».
ــ بطاقته الفنية: عازف عود، له عدد من الألحان، منها: "صرخة البراعم"، "يا ساكن الروح"، "يا ستي الختيارة"، "جدي"، وغيرها.
ــ له مشاركات في بعض المهرجانات المحلية على مستوى بلدته ومدينة "سلمية"، كتب الزجل، والأغنية ذات الطابع الفراتي.
ــ يقول أن ألحانه تأتي بالفطرة، وأن الكلمة واللحن مترافقان وليس لأحد أن يسبق الآخر.
ــ هو من مواليد "بري الشرقي" التابعة لمدينة "سلمية" في محافظة "حماة".