اختارت ما هو الصعب في الفن التشكيلي، الأسلوب الذي يحتاج إلى الحديد والنحاس والحجر والآلات الحادة، واستطاعت أن تتقن أدواتها بمهارة وغاية الجمال، إنها ابنة مدينة "سلمية" الفنانة "هبة عيزوق".
تخرجت في كلية الفنون الجميلة قسم الحفر والطباعة، وقد التقاها موقع ehama وكان الحوار التالي:
في معرضها الأخير الذي أقيم بالشراكة مع زوجها الفنان "عدنان جتو" في إحدى صالات "دمشق" القديمة: «لفت نظري ذلك الحزن الظاهر على الوجوه التي اعتمدتها في كل لوحاتها وعندما سألتها، لماذا كل أعمالك حزينة وأنت دائمة الابتسامة، فأجابت ليس بالضرورة أن يرسم الفنان نفسه ولكن يجب أن يعبر عن الناس من خلال نفسه.. "هبة" فنانة تمتلك كل أدوات الحفر والطباعة، تخطط بالإبرة على اللوحة النحاسية بأدق التفاصيل وتعمل على المكبس (الآلة الخاصة لفن الطباعة) كعامل في منجم الفحم، هكذا اختارت هذا الأسلوب الصعب الذي يهرب منه الرجال الأقوياء الجسد، أتمنى لها مزيد من النجاح والتوفيق
* حدثينا أكثر عن دراستك؟
** درست في كلية الفنون الجميلة بدمشق قسم الحفر والطباعة لمدة ثلاث سنوات، ورغم صعوبة هذا النوع من الفن إلا أنني درستها عن رغبة، ذلك لأن دراسته محصورة في الكلية وربما انسجامي مع الحفر هو تلك الرغبة للتعرّف على شيء جديد في الفن لم أعرفه من قبل.
** نواجه صعوبات عديدة في هذا القسم منذ فترة الدراسة، وسأبدأ من الكلية فهناك أعداد كبيرة من الطلاب في الكلية في هذا القسم ولا يوجد إلا "مكبس" واحد، وهذه الآلة ضرورية للفنان، لأن فن الحفر والطباعة يبدأ من "كليشة" ربما تكون مصنوعة من النحاس أو الحديد أو الخشب ومن ثم يطبع على الورق عن طريق آلة تسمى "مكبس"، ولأنها الآلة الوحيدة في الكلية نعاني من الضغط الكبير لإنهاء أعمالنا بسرعة وكما هو معروف بأن الفن بشكل عام يحتاج الوقت والتأني، وصعوبة هذه المهنة تكمن أيضاً في صعوبة تأمين موادها لثمنها الباهظ من المكبس والأحبار وأنواع الورق الخاص للطباعة و"الأسيد"، وهذه المواد ليست غالية الثمن فقط بل فيها خطورة الاستخدام، بالإضافة إلى الأدوات الحادة الخاصة التي تستخدم للحفر على المعدن حصراً فهناك الحز على المعدن وعلى الحجر والخشب واللينوليوم (الجلد)، وأيضاً من المواد المستخدمة هناك الشاشة الحريرية، فلكل أسلوب مواد خاصة به بالإضافة إلى درجات الجهد حيث تختلف من أسلوب على آخر.
** نعم يواجه الحفار مطبات أخرى خارجية ومتنوعة، فلوحة الحفر رغم كل الجهد الذي تحتاجه سعرها لا يوافق الجهد المبذول وبالتالي تجعل صالات العرض(الغاليري) لا توافق على عرض هذا النوع من الفن الذي يعتبرونه رخيصاً ولا تعود لهم بالأرباح المطلوبة وكما يتحجج أصحاب الصالات بالمواد التي تصنع منها اللوحة المحفورة كالكرتون الذي يعتبرونه قابلاً للتلف، وهذه الحجج غير صحيحة، كما أن هذا النوع من الفن قديم جداً عمل فيه الكثيرون من الفنانين العالميين كبيكاسو مثلاً.
** حاولت أن أجسد لفكرة بعيدة عن الوجه بقصد إظهار تفاصيله المجردة بل لما يحويه من مشاعر وأحاسيس أراها منطوية داخل كل إنسان، بمعنى أن داخل كل شخص هناك شخص يعيش غربة لا بمعناها الحرفي أي الغربة عن الأهل والمجتمع أي غربة الذات وهنا يكون دور المجتمع المحيط بإظهارها أو إخفائها لكنها موجودة بالفعل.
** لقد أضاف الكثير إلى ذاكرتي ومخزوني الفني، ومنذ أن كنت صغيرة كان الفن موجوداً في حياتي على كل جدران بيتنا، وهذا وحده يكفي أن أكون فنانة تشكيلية، ولكن والدي لم يرغمني يوماً على أن أختار هذا الاتجاه، بل تركني لحريتي حتى في اختياري لقسم الحفر وهو الذي قد تخرج في القسم ذاته في الثمانينيات.
تقول الكاتبة والناقدة "نورا محمد علي" عن "هبة عيزوق": «في معرضها الأخير الذي أقيم بالشراكة مع زوجها الفنان "عدنان جتو" في إحدى صالات "دمشق" القديمة: «لفت نظري ذلك الحزن الظاهر على الوجوه التي اعتمدتها في كل لوحاتها وعندما سألتها، لماذا كل أعمالك حزينة وأنت دائمة الابتسامة، فأجابت ليس بالضرورة أن يرسم الفنان نفسه ولكن يجب أن يعبر عن الناس من خلال نفسه.. "هبة" فنانة تمتلك كل أدوات الحفر والطباعة، تخطط بالإبرة على اللوحة النحاسية بأدق التفاصيل وتعمل على المكبس (الآلة الخاصة لفن الطباعة) كعامل في منجم الفحم، هكذا اختارت هذا الأسلوب الصعب الذي يهرب منه الرجال الأقوياء الجسد، أتمنى لها مزيد من النجاح والتوفيق».