لم يغيبه الموت ولم يرحل عنا، فأعماله مازالت باقية ترسم أفكارنا وتدغدغ مشاعرنا بحرارتها وجرأتها، "ممدوح عدوان" الروائي، والقاص، والمسرحي، والريفي والإنسان ما زال باقياً في الذاكرة.
موقع eHama التقى بعضاً ممن عاصر "ممدوح عدوان" وأجرى معهم حوراً حول علاقتهم بالأديب الراحل.
عرفت "عدوان" في حرب 1967 ومنذ ذلك الوقت تربطني به علاقة "الوطن"، الذي كان هاجس "عدوان" وموضوع كل أشعاره السياسية، والمسرحية التي أبدع فيهما
يقول الشاعر "عدنان عودة": «علاقتي بـ"ممدوح عدوان" هي علاقة طالب بأستاذه، لأني تتلمذت على يديه في المعهد "العالي للفنون المسرحية"، لكن هذه العلاقة ما لبثت أن تحولت إلى علاقة صداقة، لأن "عدوان" بالأساس يعامل طلابه على أنهم مشروع زملاء».
مكملاً: «الأهم بمسيرة "عدوان" الأستاذ المدرس أنه لم تكن لديه قواعد جاهزة للتعليم فهو أساساً ضد ما يسمى بالتعليم "التلقيني" الذي كان يرى فيه تعليماً "دكتاتورياً"، بل كان مهتماً بنشر التعليم "التحريضي"، بمعنى تحريضك لتظهر مواهبك وإبداعاتك، ولهذا يمكن القول حقيقة أن الدراما السورية مدينة "لعدوان" الذي تتلمذ على يديه أكثر من اثنا عشر كاتباً يعملون اليوم في الدراما السورية، من بينهم "غسان زكريا" و"لبنى مشلح" و"لبنى حداد" و"إيمان سعيد" وغيرهم».
ويتابع: «"عدوان" هو أروع أديب عرفته في حياتي، لأنه المبدع والوحيد الذي هو أجمل من أعماله، وغالباً ما يكون الشخص أدنى من أعماله لكن "ممدوح" هو المبدع الوحيد الذي يوازي إنتاجه الأدبي الكبير، بدليل أن الناس تتكلم عن ضحكته، و"نُكَتِهِ"، وسعاله، وهذا خير دليل على حضوره الإنساني القوي، وإذا أردنا أن نفهم "ممدوح عدوان" يجب أن نقرأ "ممدوح المسرحي"،و"التلفزيوني"، و"الروائي" و"القاص"، وذلك لأنه لا يفصل، أو يجزأ».
كما التقينا الأديب "رفعت عطفة" الذي تحدث قائلاً: «تربطني بـ"ممدوح" العلاقة الإنسانية، و"العلاقة- الصداقة" التي أتت من إنسانيته، التي أبدعت فيها روحه وقلمه، و"عدوان" كان رجلاً عاش حياته رجلاً وكتب رجلاً وذهب رجلاً، ويمكن أن أقول أن "عدوان" مدرسة وهو "قلم" و"علم أدبي سوري" لم يكن باتجاه واحد، بل كان متعلقاً وصادقاً وفي كل ما كتب، حيث دافع عن الفقراء، والمظلومين والأبرياء، وحقيقة هذا ما يميز "عدوان"».
ويتابع: «كتب في "الشعر"، و"المسرح"، و"المقالة" كما أنه ترجم، ولم يجد مجالاً أدبياً الإ وخاض غماره وأبدع فيه، الحقيقة أن كل أعماله مثيرة للإعجاب، وبرأيي فإن أهم ما كتبه هي "ملحمة الجوع" التي سماها "سفر برلك" حيث رصد فيها مأساة بيئته في بداية القرن الماضي».
بدوره يحدثنا "أحمد عدوان" شقيق الراحل: «ما يميز "ممدوح" هو تزاوج عشقه بين "الطبيعة والأرض والفلاح" وبين عشقه "للقلم والحبر والأوراق"، وبقي متوازناً في هذه العلاقة إلى آخر أيامه، فرغم متابعته لعمله الأدبي في "دمشق" إلا أنه لم يبخل يوماً على قريته وريفه التي كانت هاجسه في كل كتاباته، من خلال عكسه لقضاياه وهمومه، وأذكر في طفولتنا أنه حدثني عن رغبته في عبور "ضفة" نهر قريتنا للضفة الأخرى، التي كان يراها منفذه للعالم الواسع، العالم الذي أحبه "ممدوح" وتعلق من خلاله بعالم "الأدب والثقافة والفن"، وأذكر أنه من شدة تعلقه بهذا العالم، أن آخر أمنياته كانت أن يستمر في الكتابة».
من جهتها تقول الكاتبة "حنان درويش" واصفة عدوان: «هو قامة أدبية كبيرة، وعملاقة لا يمكن أن تموت، فكم من العمالقة الذين رحلوا وما يزال نبض أعمالهم محفور في ذاكرتنا، وهكذا هو "عدوان" الأديب والكاتب، والشاعر، والقاص، والمسرحي، والإنسان الشامل في أدبه، الذي بقي خالداً ومحافظاً على عظمة أعماله. وأرى حقيقة في "ممدوح عدوان" أنه الرجل مسرحي بكل معنى الكلمة، لأن شخصيته القروية وهمه التراثي انطبع في جميع أعماله المسرحية، فاستوحى الفلاح واستوحى "أبو العلاء المعري" و"علي ابن أبي طالب" و"عمر بن الخطاب"، والمميز فيه أنه لم يقرأ التراث باعتباره أدباً فقط بل متكأً ومسنداً أسقطه على واقعه».
ويقول الشاعر "عادل محمود": «عرفت "عدوان" في حرب 1967 ومنذ ذلك الوقت تربطني به علاقة "الوطن"، الذي كان هاجس "عدوان" وموضوع كل أشعاره السياسية، والمسرحية التي أبدع فيهما».
وختم: «أرى في "عدوان" ورشة ثقافية متعددة المجالات، لذلك أرسم له صورة المثقف الشامل القادر على العمل في كل المجالات الأدبية، من قصة قصيرة، وتلفزيون، ومسرح، بمعنى "رجل" متعدد المواهب، رجل لم يقدر أن يعيش بدون كتابة».