في الجهة الغربية من دار الفنانين التشكيليين، يعمل الفنان "محمد نور رشواني" في مرسمه بكل هدوء، مستغرقاً في اللون الزيتي محاولاً استغلال كل جزئيات وإمكانيات هذا النوع من الألوان.
هو من مواليد "حماة" /1967/ في حي "البياض"، ظهرت موهبته مبكراً، إذ كان يهتم برسومات العلوم الطبيعية بشكل عفوي، وأبدع في بعض الأشغال اليدوية، يقول: «أذكر أننا صنعنا في إحدى المرات بركاناً وأعجب فيه أستاذنا، كما قدمت إلى معرض المدرسة لوحة مائية لأستاذ الفنون الذي لم يصدق أنني أنا من رسمها».
الطبيعة هي وطني وهي تتجسد من خلال مدينتي "حماة" هذا ما يجعلني أركز على أزقة "حماة" القديمة وأوابدها الأثرية وشواهدها
في المرحلة الإعدادية انتبهت العائلة وخاصة والدته إلى انشغاله بالرسم في أغلب أوقاته، فقامت باستضافة إحدى قريباته التي لها إطلاع فنّي إلى حدّ ما، فرسمت أمامه موضوعاً بالألوان الزيتية، فعاد ورسم نفس الموضوع، وكانت هذه المرة الأولى التي يتعرف فيها إلى إمكانيات هذا اللون، يقول: «من وقتها لم أستطع مفارقة الألوان الزيتية، محاولاً في كل مرّة اكتشاف القدرات الغريبة التي تصنعها هذه الألوان، كنت أضع على اللوحة ضربة ريشة على اللوحة وأراقبها، أدرسها، وأستمتع بجماليتها».
انتسب إلى مركز "سهيل الأحدب" للفنون التشكيلية وظل فيه حوالي /4/ سنوات لاكتساب المعرفة والخبرات من خلال أستاذه "فايز عبد المولى"، والأستاذ "بديع العوير"، وبعد التخرج بدأ يرسم في المنزل، حتى استطاع تجهيز مرسماً في دار الفنانين التشكيليين، شارك في أغلب المعارض الجماعية في مدينة "حماة"، واتجه بعدها للرسم بشكل حرّ ومحترف، ويتواجد بشكل يومي في مرسمه في دار الفنانين التشكيليين.
انتسب لعضوية اتحاد الفنانين التشكيليين بصفة متمرن وشارك في العديد من المعارض الجماعية التي أقامها اتحاد الفنانين التشكيليين قبل أن يحصل على عضوية عاملة بعد سنتين حين قدم للنقابة مجموعة أعمال نالت رضاهم.
يقول الفنان "رشواني": «لا توجد مدرسة محددة يمكن أن استقي منها أعمالي، قد تجتمع أكثر من مدرسة في عمل واحد، الفنان عموماً يجب أن يكون خارج هذه الأطر والمحددات وخارج أسلوبية المدارس، أنا أنتمي لكل جديد في مجال الرسم والفن».
وعن كل ما استطاع أن يقدمه خلال هذه السنوات يضيف: «ليس هناك إضافة بمعنى الإضافة بل يمكن أن يكون هناك خصوصية، وخصوصية الفنان لا تتكون إلا نتيجة المتابعة الدائمة للفنان بشكل مستمر، أنا أرسم بالزيتي والمائي وبأي أسلوب ممكن، ولكني أحب أن أعمل بالزيت كونه يحقق عملاً أكثر ديمومة، إذ إن هناك العديد من الميزات التي يضيفها الزيتي مثل "الكولاج"، وقد أدخل في اللوحة بعض المواد من الطبيعة بما يخدم فكرة العمل».
الطبيعة تشكل مضمون أغلب أعمال الفنان "رشواني" إذ يشده إليها جمالها وصدقها وحقيقتها، يقول في ذلك: «الطبيعة هي وطني وهي تتجسد من خلال مدينتي "حماة" هذا ما يجعلني أركز على أزقة "حماة" القديمة وأوابدها الأثرية وشواهدها».
بعض اللوحات التجريدية المعلقة على جدار مرسمه توحي من خلال إدخاله أشكالاً هندسية تشكل خروجاً عن صفات الطبيعة التي يتبناها وتتبناه يقول فيها: «هي بعض المحاولات التجريدية التي أحاول من خلالها تجريب نمط جديد، وأحاول أن أعمل في هذا الاتجاه في بعض الأحيان، ولكن لست أدري إن كنت أنظر إليه كاتجاه مستقبلي واضح، في الحقيقة المستقبل ما يزال غير واضح لي كون الرؤيا الفنية تتجدد باستمرار».
وعن قدرة المتلقي على تفسير اللوحة يقول: «قراءة اللوحة تعتمد بشكل أساسي على ثقافة المتلقي الفنية وزيارته للمعارض، وقد يفهم المشاهد اللوحة لا كما أردت أنا، ويقرأ اللوحة بحالة مختلفة، هذا أمر طبيعي بحكم اختلاف توافر التراكم الثقافي التشكيلي لدى كل من الفنان والناس».
وعن رؤيته للتشكيليين السوريين يقول: «يوجد فنانون قديرون لاشك.. "فاتح المدرّس"، "عبد اللطيف الصمودي" وآخرون، الفنان السوري لا تنقصه الإمكانيات التي تؤهله ليكون عالمياً، ولكن العثرة هي الوسائل التي يجب أن توصله، فالإعلام هو جانب من المهم أن يأخذ دوره جيداً، ووزارة الثقافة يجب أن تقوم بدور أكبر».
يخطط "رشواني" لمعرض مشترك مع شريكه في المرسم الفنان "يحيى تويت"، ويتطلع لأن يكون له معرض فردي في العام 2010.
أما عن رؤيته للفن فيقول: «الفن التشكيلي يعزز كثيراً من الحقائق وله دور في صقل الذائقة العامة، ويلعب دوراً اجتماعياً بكل الأحداث التي تجري في العالم، بدون أن يكون العمل مباشراً وإعلانياً، الفنان ليس معزولاً عن العالم هو جزء من العالم وإلى العالم، ويتفاعل ضمن جزئياته وتكون مخرجاته هي إبداعاته، أعمال الفنان التشكيلي هي إحدى العيون التي تشكل رؤيا جديدة لهذا العالم».