«تفتحت عيناي على ضوء في مدينة "سلمية" فكان النور والبهاء تزركش فيها، والعلم أعطيت هيبتها وقدسيتها في عقول الأجيال الذين مروا فيها، وكثير من الشعراء والأدباء وضعوا بصمتهم عليها، حتى بات أغلبية أهلها تسري في عروقهم الحب والمعرفة، فترعرعت في هذه الأجواء على الحب والثقافة، فـ"سلمية" هي الأصل والمحبة».
بهذه الكلمات عبر لنا الأستاذ والدكتور في الإعلام "كمال بديع الحاج" عن حبه لمدينته عندما التقاه موقع "eSyria" بتاريخ 14/8/2009 في مكتبه، حيث تحدث إلينا في البداية حول ماهية الرسالة التي قدمها في أطروحة الدكتوراه فيقول: «الأطروحة التي قدمتها في رسالة الدكتوراه تمحورت حول التأثير القائم على الاتصال بمضامين أجنبية وما مدى انعكاس ذلك على اتجاهات ومواقف المنتجين والمعدين والمذيعين والمخرجين للمواد الإعلامية الغربية في التلفزيون السوري والمصري، حيث أثار البحث عدة إشكاليات حول المحاكاة والتقليد، نماذج البرامج الغربية والمضمون الذي لا يتوافق مع ثقافة المجتمع المحلي، وخاصة في برامج "تلفزيون الواقع"، حين قدمت رسالتي في الدكتوراه لم يكن هناك برامج من هذا النوع بهذا الكم الذي نراه اليوم، إلا أن النتائج أخذت أبعادها المستقبلية حول كل ما يتعلق بمنهجية البرامج الثقافية في التلفزيون، فالعولمة بدأت تأثيرها بشكل جلي والواضح في مضامين برامج تلفزيون الواقع، وحالياً في كل فترة زمنية نكتشف بأننا نغوص في محاكاة وتقليد البرامج الغربية سواء في الدراما أو البرامج الأخرى».
إنني أرجع ذلك إلى عدة عوامل من أهمها الإعلان الذي روج لهذه القيم والسلوكيات والاتجاهات عند شريحة الشباب والجمهور بشكل عام، وإذا وضعت نفسي في موضع البحث الجديد سوف أجري دراسة مطولة حول برامج تلفزيون الواقع والدراما الأجنبية، لأنني أجد أنهما أكثر خطورة على ثقافة المجتمع
ويتابع "الحاج": «إنني أرجع ذلك إلى عدة عوامل من أهمها الإعلان الذي روج لهذه القيم والسلوكيات والاتجاهات عند شريحة الشباب والجمهور بشكل عام، وإذا وضعت نفسي في موضع البحث الجديد سوف أجري دراسة مطولة حول برامج تلفزيون الواقع والدراما الأجنبية، لأنني أجد أنهما أكثر خطورة على ثقافة المجتمع».
وعن خطط ومشاريع البحثية لتحليل تأثير العولمة الإعلامية على البرامج التلفزيونية المحلية، يقول "الحاج": «وزارة الإعلام معنية بإجراء البحوث في هذا الصدد ولديها إمكانيات كبيرة من أجل تقديم التمويل لتطوير المشاريع البحثية في مجال الإعلام، وعلى الرغم من هذه الإمكانيات فهي لا تقوم باختبارات علمية وحقيقية على الجمهور الذين يتعرضون لهذه الموجة الإعلامية، ولا تدرس مدى تأثير ما تقدمه البرامج التلفزيونية على المواطن السوري، إضافة إلى عدم قيامها بدراسات دورية وشهرية حول هذه المضامين لنتعرف عن قرب حول تأثيراتها على السلوكيات واتجاهات الجمهور، وهذا التقصير الواضح ينطبق على وزارة الثقافة أيضاً، ولكن شخصياً هذا الموضوع في صلب اهتماماتي وسوف أنجز البحث في هذا الموضوع، وسيكون هذا البحث الشامل حول كل ما يتعلق ببرامج تلفزيون الواقع في المحطات العربية».
وحول تقييمه للواقع الإعلامي في سورية، يشير "الحاج" بقوله: «إخبارياً وسائل الإعلام السورية في مرتبة متأخرة وهي دون المستوى المطلوب ولا تفي بغرض المشاهد والمستمع والقارئ، فالمواطن السوري يلجأ إلى القنوات الخارجية لمعرفة الأحداث التي تدور في بيئته المحلية، وتجربة الإعلام الخاص في سورية حتى الآن لم تحقق نتائج مرجوة، بل هناك ضبابية في الخطط والاستراتيجيات، وانجرار وراء الربح على حساب القيم والأخلاقيات الإعلامية، فنلاحظ ضعفاً في مضامين البرامج التي تقدمها وتدور في حلقة حلزونية، فالمطلوب انعقاد مؤتمرات من قبل وزارة الإعلام لتشخيص الواقع الإعلامي السوري ووضع الحلول المناسبة لها، والاهتمام بتفاصيل الإعلام المحلي والتركيز على المواطنين، ويجب علينا أن نسترد هذا المواطن وأن نقدم رسائل إعلامية جادة، بموضوعية تلامس همومه وتلبي احتياجاته وأن تكون هناك التفاعلية بين الجمهور ووسائل الإعلام المحلية».
أما بخصوص افتتاح قنوات فضائية في سورية يؤكد "الحاج" بقوله: «مع تأكيدي لأهمية الدراما هناك موجة في سورية تتجه نحو إحداث قنوات الدراما، ولا أجد من المهم جداً إحداث هذه القنوات في الوقت الراهن، فالدراما تعتبر الرفاهية بالنسبة المجتمع، فالمطلوب في هذه الفترة إحداث قنوات تعليمية وثقافية وإخبارية متخصصة ذات أبعاد علمية معاصرة، ففي المجتمع الذي تكون نسبة الأمية في بعض محافظاته 37% الأجدر إحداث فيها محطات ذات أهداف تنموية وتثقيفية لهذه المحافظات للتخلص من رواسب الأمية والنهوض بالمجتمع».
يأمل "الحاج" أن تتحقق خطوات أكثر جدية فيما يتعلق بقسم الإعلام في جامعة "دمشق" وعن هذا يقول: «رغم الإمكانيات المتواضعة في قسم الإعلام، فإننا نتلمس نتائج جيدة من الخريجين، حيث أثبتوا كفاءتهم وجدارتهم في السوق الإعلامي، ولكن مع التمويل الإضافي لبعض التقنيات من أجل إحداث برامج عملية وتدريبية في قسم الإعلام، سوف يخطو قسم الإعلام قفزات نوعية للمساهمة في تحسين الواقع الإعلامي السوري، فهنالك اهتمام في أعلى مستويات حيال ذلك، وسوف يكون قسم الإعلام مع قدرات تدريبية وتدريسية وتقنية متطورة في وضع مغاير عما هو عليه الآن».
ولدى سؤالنا "الحاج" حول خصوصية أساليب معينة في التدريس بقسم الإعلام يجيب بقوله: «قسم الإعلام ليس من الأقسام البطيئة الإيقاع فمناهج الإعلام مناهج سريعة، هناك تغيرات تؤدي بك إلى تغير القناعات، وفي هذه الحالة عليك مواكبة الأحداث والتطورات الجارية، وأن تتصف بديناميكية وحماسة في طريقة التعاطي مع المنهاج، إضافة إلى المرونة والثقافة العالية وأن تتابع ما يحدث في المجتمع وتتابع ما يقال عن المجتمع إعلامياً، فالإعلام هو نقل صورة المجتمع الحقيقية».
وفي النهاية تحدث الدكتور "كمال بديع الحاج" حول مشاريعه المستقبلية حيث قال: «أهدف مع طلابي للوقوف على قضايا المجتمع وربط مشاريع التخرج مع متطلبات سوق العمل، وهناك مشروع بحثي خاص يدخل في إطار المجال التنموي والثقافي كرؤيا للبرامج التلفزيونية ذات المضامين الهادفة، وفي الوقت الراهن أقوم بالبحث مع صندوق السكان ووزارة الإعلام لدراسة القائم على الاتصال في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية لتقييم أداء المعدين والمخرجين في الإذاعة والتلفزيون السوري بهدف تطوير أدائهم المهني وتحسين تنمية المجتمع في تلك المناطق».
والجدير بالذكر أن الدكتور "كمال بديع الحاج" من مواليد "سلمية" 1970 في محافظة "حماه"، وخريج جامعة دمشق في قسم الإعلام عام 1992، نال شهادة الدكتوراه في جامعة القاهرة عام 1997، وتم تكليفه كمعيد في الجامعة دمشق عام 1992، ومن 2002 وهو مدرس في قسم الإعلام بشقي التعليم المفتوح والنظامي في جامعة "دمشق".