مرمية بصمت القبور/ تحت أقدام العابرين كنت/ ألملم بالآه الحزينة/ صدى جراحي وهمسَ اغتراب الوجع/ حلوة كنت/ جديلتي ريح طويل على غصن الحريق وعلى كتفين من انتظار/ صرت شمساً/ حجبتها الغيوم/ رافضة قطار الغياب/ وتابوت الرحيل.
هو مقطع من قصيدة للشاعرة "غيثاء مازن نيّوف".. التي التقاها موقع eSyria يوم الأحد 5/4/2009. والشاعرة من مواليد "سلمية" عام 1991 طالبة في كلية الهندسة المعمارية جامعة "البعث" في "حمص" شاركت في العديد من المهرجانات الشعرية، في /سورية ـ تونس ـ الأردن/ وكانت سفيرة الطفولة في مؤتمر الأطفال العرب في الأردن، تفوقت مذ عرفت قراءة الحرف، فأتقنته وأجادت لفظه لتكون عريف حفل لأكثر من مناسبة، كرمتها الملكة "نور الحسين" ملكة الأردن،.. ظهرت في حلقة خاصة عنها في برنامج "نجوم صغيرة" لصالح التلفزيون السوري، في أرشيفها عمل مسرحي "عرس المطر"، و"ملائكة بيرل هاربر" وتعتبر، والدها السند القوي الذي يشد أزرها، ويواكبها خطوة بخطوة، ويزرع في نفسها الثقة.
** قد يظن البعض أن هذه الكلمة عادية، ولكنها بالنسبة لي عالم آخر، عندما أدخله أنسى نفسي، وأعبّر عما يجول في خاطري دون قيود، كما أنها تختلف عن الكلمة البسيطة لأنها أجمل وتصل للقلب بسلاسة كما الأنغام العذبة. على هامش الروح، وفي ظلال الآه العتيقة.. كتبت كلماتي.. طيرتها حمامات نحو السماء.. ونغمة حالمة على وتر الصباح.
** بكل تأكيد الكلمات لا تخرج هكذا دون دافع.. دائماً يوجد شيء ما يحرك المشاعر والأفكار حتى تخرج القصيدة، والتي هي أكبر من مجرد حروف على الورق.. فأنا عندما أكتب أخرج أحاسيسي وأتركها هي لتعانق أصداء الحروف.
** أعيش، والله في قلبي، أعشق الوطن، أحب الإنسانية في الإنسان.. وأحزن لما يحدث له. وأنا بكل بساطة فتاة تنتظر الغد.. وتحب الحياة.. لأن فيها كل ما ذكرت.
** الكلمة هي الأساس، فعندما تكون نابعة من القلب تصل للمتلقي بسرعة ودون استئذان، ولكنها تصل بشكل أسرع عندما يحسن إخراجها، وهنا تكمن أهمية الأداء الذي من خلاله تفتح باب عالمك الشعري ليدخله الآخرون ويشاركوك فيه. وعندما قلت الكلمة لم أقصد المعنى البسيط لها وإنما يجب أن تطرّز باللغة السليمة التي يجب أن نحافظ عليها دائماً وأبداً.
** ربما تنتظر مني إجابة معينة كأن أقول أن مشاهد الدمار والقتل في "غزة"، وفي العراق.. تستفزني، نعم إنها كذلك، وكل المشاهد التي تنتهك حقوق الإنسان في أي مكان في الأرض تستفزني، وتدفعني لأكتب، ولكني أيضاً أكتب لأمور قد لا تشد انتباه شخص آخر، المهم أنها تحرك في داخلي شيئاً ما.
** أمي.. قصيدتي التي بدأت بكتابتها مذ عرفت الكتابة، وحتى اليوم أكتبها، ولا أظنني سأنهيها أبداً، لأن حروفي في وصفها لم تنضب بعد.. فالأمل الحلو الذي يملأ حياتي، يطل من عينيها، وشلالات الشعر التي تسدل عذب قوافيها على قصيدتي، تنبع من هناك، من معبد الحسن على شفتيها.
** أنا فتاة تعشق الكلمات، وتحب الغوص في بحر الشعر حتى وإن اضطربت أمواجه، أنا ببساطة أكتب لأنني أهوى ذلك، وأشعر برغبة في التعبير عما يجول في خاطري وإيصال أفكاري للآخرين.
في كل مرة أصعد فيها إلى المنبر، تضاف إلى سجل ذاكرتي لحظات حلوة لن تمحى أبداً.. وخبرات جديدة أحملها معي حتى أمضي نحو الأمام، فكل رأي أسمعه سواء أكان من صغير أو كبير ــ مع تحفظي على هاتين الكلمتين ـ يفيدني ويدفعني للعطاء.
* كيف تكتب "غيثاء" نفسها؟
** سأترك ذلك للأيام المقبلة وأدعها تخطني على صفحاتها.
** قد تستغرب أنني أعشق الشعر الجاهلي، وأحفظ المعلقات، لأنني أرى فيها عيناً من عيون الشعر العربي والتي ستبقى مهما طال الزمن، كما أنني أحب شعر "محمود درويش"، و"محمد الماغوط"، ومع هذا لم أكن لأستمتع بالشعر العمودي لولا الشعر الحر الذي أكتبه لأنني أشعر بحريةٍ في التعبير.
** أنا والحلم عاشقان
** هذه العبارة تختصر كل شخص، فالمرء لا يستطيع أن يفصح عن كل ما يجول بداخله بسهولة، أحياناً أشعر برغبة عارمة في الكلام عن أمر ما، ولكن قبل أن أفعل ذلك، أجد أن الصمت أجمل وأفصح من أي لغة، هذا فيما يخص الشعر، ولكن هذه العبارة حركت فيّ شيئاً آخر، فقد تعرفت على أناس كثر، كان أجمل ما فيهم كامناً في داخلهم، لا يظهرونه للعالم الخارجي. لكنني أفضل أن تكون العبارة (اجعل أثمن ما فيك قابلاً للتعبير).
** لأنني أشعر فيها فناً خالصاً، وإبداعاً يوسّع آفاق معرفتي.
** "محمود درويش" يستفزني بمقاومته، وإرادته الصلبة، وكلماته الملتهبة بحب الوطن. و"محمد الماغوط" يستفزني بثورته على الواقع وعشقه للحرية، وتمرده على كل ما هو موروث وقديم. "نزار قباني" يستفزني عندما ينتفض على غطرسة الرجل، مدافعاً عن المرأة، ويحيي فيها كل معاني الجمال.
** عند حدودك مدينتي/ كنت أحلم أنني نبض/ أو ربما صوت نبع عتيق/ وحين اقتربت/ لم أسمع موال حبك العتيق/ لم أرَ مطر الحياة يسقيك/ لم أشعر أنك المدى الذي طالما انتظرته/ هل ناموا يا مدينتي الحلوة؟/ هل غفوا خلف الظل؟/ هل هذه العيون من زجاج لا تعرف ألوان الطيف؟/ أكل البوادي صارت رماداً لتخيلاتي؟/ أذاك الأخضر صار يابساً؟ وتلك اليمامة/ ما عادت تطير؟/ لماذا أرى بين البسمة والبسمة/ دمعة من حنين؟ ولماذا تهمسين لي أنا؟ ما أنا/ إلا فتاة/ تحب الربيع/ ولدت في شتاء عنيد.