ليس سهلاً أن تحاوره، يريد للكلمة أن تأخذ موقعها بين الأسطر، لكنه بقدر ما هو هادئ، إلاّ أن في عينيه غضب مشوب بحزن قديم خلفه غياب أخيه في ريعان الشباب، فقد صديقه، فكتب فيه، رسم الأنثى فكانت جميلة، داعب أرق الطفولة فكان ابنه "رحيم" بطلاً في "التايكواندو"، يعرف جيداً ماذا يريد، لكنه يعرف أكثر أن ليس باستطاعته أن ينهي كل أعماله، فهناك أشياء مؤجلة، رواية، أو بحث أدبي، مسرحية قصيرة، أم كتاب في الفن التشكيلي.. باختصار هو "لؤي آدم" ابن "سلمية" التي يعشقها.
موقع eSyria التقى به يوم الجمعة 31 تموز 2009 وكان معه الحوار التالي:
** المتلقي العربي مكبل بقيود قهرية، شكلت شخصيته عبر أجيال وأجيال، لتكون شخصية غير مستقلة، وغير مستقرة، ولا يعول على مواقفها طالما أنها في الظل منذ قرون، ولا سبيل لفك هذه القيود إلا إذا استيقظ البركان الجمعي الداخلي للشخصية العربية.. ولكن متى؟ لا أدري.. لذلك فالمتلقي العربي على ضوء ما ذكرت مجرد طاقة شبه استيعابية تترنح ما بين سندان الواقع ومطرقة القمع.
** البعض قيّم تجربتي معه بأنها ناجحة، والبعض الآخر قيّمها بأنها فاشلة وأعتقد أن كلاهما محق في ذلك..
** قبل عشر سنوات وتحديداً إثر قدومي من بيروت في نيسان 1999 لإجراء مقابلة صحفية معه لإحدى المجلات اللبنانية، ويومها فشل اللقاء ولكن نجحنا في بناء صداقة صادقة، وبعدها تكررت زياراتي له وكان وقتها يعاني من أزمة صحية حادة، وكذلك أزمة نفسية نتيجة الحالة الصحية وحالة العزلة التي كان يعيشها، وكثيراً ما كنت أحاول إخراجه من هذا الوضع الذي يعيشه بتحريض ذاكرته على البوح، حتى وصلت إلى مرحلة معه كان فيها- ورغم تحفظه الانطوائي- يلقي أشعاره أمامي في أماسي الشتاء، ولم أنجح في إخراجه من عزلته هذه، وبعدها بدأت خطوات دراسة عنه بعنوان: "محمد الماغوط.. وطن في وطن" واستغرق مني / سنة ونصف/ من العمل والبحث الدؤوب، وحصلت بعدها على جائزة اتحاد الكتاب العرب في البحث الأدبي عام 2001، ويومها ألقيت محاضرة في مقر الاتحاد في مدينة "حمص" وقد سرّ "الماغوط" كثيراً لذلك.
** نعم.. قرأ معظم هذا الكتاب قبل طبعه، وقد عبر يومها بقوله: (أسلوبك قريب من أسلوب جبران، وبعض المقاطع الفلسفية غير مفهومة عندك، ولكنني أفهمها تماماً لأننا من طينة واحدة) وهي البيئة الفكرية التي انطلقنا منها.. رحمة الله عليك يا "ماغوط".
** هكذا أرى.. بأجزائه الثلاثة، يمثل مرآة إنسان المجتمع ومجتمع الإنسان، كتبته بلغة أقرب إلى الشاعرية محاولاً إظهار الرؤية والرؤيا (بالألف الممدودة)، وأقصد بها الاستشراف المستقبلي للواقع الإنساني الخارجي والداخلي بوصفه هاجساً ذاتياً يؤرق فكري بشكل دائم، ولا أدري إن كانت هذه المحاولة قد ملأت جزءاً من الفراغ الفلسفي، أم أنها ملأت الفراغ بفراغ آخر.
** النص الحر هو النص المختلف عما هو سائد، وقد لا يكتب بالحبر بل باللون، أو بالدم، أو بالدموع... فالنص الحر هو المساحة اللا شعورية التي تظهر بجلاء لتصل إلى قلب المتلقي دون المرور عبر حواجز التكلف والصنعة، والادعاء الواهي بامتلاك معرفة يعجز المتلقي عن الإحاطة بها، فكل نص لا يحمل هذا الطابع هو نص مقيد ومكبل بظاهرة التشوّف على الجمهور الذي ملّ من رؤية القبح الذي يتقن صناعة المساحيق الكاذبة، والتي لن تغير الحقيقة مهما زادت سماكتها.
** أجل فالأدب أنواع، منه ما هو الصوت الصادق، كما أسلفنا، وهو كالمعدن النادر في هذه الأيام.. وهناك أدب مراوغ يحاول أن يظهر ما لا يضمر متناسياً أن للتاريخ ذاكرة ولسان، وهناك أدب وقح في تسويغه وتبريره لنظم ساقطة بكافة المعايير، وهناك أدب مكبوت يحاول أن يلتف على الرقيب الأجوف.
** أنا أكتب ما لا أستطيع أن أرسمه، وأرسم ما لا أستطيع أن أكتبه.
** القلم والألوان مجرد وسيلة وليس غاية، ولكن الفكر هو الغاية والإنسان هو غاية الفكر.
** الله وطن الإنسان..
** "سلمية" أم عذراء.. أبناؤها أقلام عقاة.. وجدرانها كتب ممنوعة من النشر.. حدودها أسلاك شائكة.. وعيونها جف ماؤها من كثرة بكاء الروح.
** "جبران خليل جبران" و"فريدريك نيتشه" و"إبراهيم فاضل".
يذكر أن الدكتور "إبراهيم فاضل" "الفيلسوف والمفكر والأديب الإنساني" كتب في الفنان والأديب "لؤي آدم" يقول:
«لؤي آدم لو أعطى منابره لكان في صحف النقاد عنوانا».
والجدير ذكره أن الأديب "لؤي آدم" من مواليد "سلمية" في العام 1967، وهو عضو "اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين"، و"عضو اتحاد الصحفيين السوريين"..
في جعبته 20 مؤلفاً في مجال الفن والأدب والفكر، طبع منها:
"وطن في وطن"، "هاجس الحياة والموت"، "هكذا أرى".