عندما يكتب الصحفي عن الحياة، ومن الحياة تحقق مادته الصحفية انتشاراً حتى لو نشرها في مجلة الحائط المدرسية، فكيف إذا كان الصحفي هو أديب وشاعر بالأصل، وقد لا نبالغ إذا قلنا أن الأستاذ "رضوان السح" يعتبر من الشخصيات المشهورة على مستوى مدينة "حماة" من خلال عمله في صحيفتها المحلية "الفداء".
كتاباته تستهوي شريحة كبيرة من الناس، وهو مهتم جدا بأدب الشباب، ويحاول جاهداً توجيه دفة قيادة الشباب للشعر نحو شواطئ التمكن والإبداع، عبرنصائحه وتوجيهاته، وأي حوار معه يحتاج إلى صفحات مطولة نظراً لتعدد الجوانب الإبداعية التي يكتبها.
كل ما أتمناه أن تقام جائزة شعرية عالمية في حماة باسم الشاعر"عمرو ابن الفارض" هذا الشاعر الحموي الأصل والذي عاش في"مصر"
موقع eSyria التقى الشاعر "رضوان السح" في مقر عمله بجريدة "الفداء" حيث تحدث عن حبه وبدايته للكتابة الأدبية، وكيف طغى حب الشعر على غيره حيث قال: «بدأ اهتمامي بالشعر منذ المرحلة الابتدائية، فأنا كنت أحب الاستماع إلى الحكايات، وبعد ذلك صرت أقرأ في السير الشعبية التي أحببتها جداً، ومنذ ذلك الوقت أدركت أن هذه الكتابات مجرد خيال، لذلك قمت بمحاكاتها، وألّفت حكايات وسير وقمت بتدوينها وقراءتها لأختي الكبيرة التي أعجبت بكتاباتي كثيراً، وشجعتني للمضي بهوايتي، ثم كانت كتابتي للقصة القصيرة منذ المرحلة الإعدادية، ولكن في شكل من الأشكال ولأني أحب التحدي، رأيت بعض الأصدقاء يكتبون الشعر، وهذا الشعر يحتاج إلى وزن، فقلت لابد من تعلم الوزن والشعر، وتركت القصة وقمت بتمرين نفسي على كتابة القصيدة الموزونة وكان الأمر سهلا».
وأضاف: «بعد ذلك كأنني تورطت في الشعر وأحببت هذه الورطة، فقد وجدت نفسي بالشعر أكثر منه في القصة، وحتى اليوم أقول ربما انحرفت البوصلة عندي وأخذتني نحو الشعر بينما كان الطريق الصحيح لي في القصة، ولهذا أفكر منذ سنوات بكتابة "الرواية" وهي العودة إلى القص، وأحيانا اكتب ما يسمى "القصة القصيرة جدا"، فكتابة الشعر تمت بهذا الشكل حتى بداية المرحلة الجامعية حيث تبلور توجهي نحو الشعر وتوقفت تماماً عن كتابة القصة القصيرة، وكتبت قصيدة التفعيلة، وفي فترة متأخرة صرت أكتب في القصيدة النثرية والخليلية».
وفيما يخص صفحة "أدب الشباب" التي يحررها في"جريدة الفداء"، قال: «بالحقيقة لقد اصطحبت التدريس معي إلى الجريدة كوني كنت مدرساً، وأحدثت منذ بداية هذه الجريدة صفحة للمواهب الأدبية، وهذه الصفحة كانت تسمى "واحة البراعم" وأخذت مؤخراً اسم "أدب الشباب"، نستقبل في هذه الصفحة كتابات المبتدئين ، حيث أقرؤها وما يصلح للنشر منه ننشره وما يحتاج منها لملاحظات نكتب هذه الملاحظات في زاوية، وهذه الكتابات متفاوتة القيمة، منها العديمة القيمة، والمتوسطة، والهامة جداً، حتى من التي تنشر في صفحات كبريات الصحف، وأيضاً الأديب الشاب لا يبقى في نفس المستوى فهو ينتقل بالتدرج حتى يصبح شاعراً حقيقياً، أو قاصاً، ولكنه يحتاج إلى من يضبط توجهاته بالبداية وهذا ما نعمل عليه».
وحول المكان الشعري الذي يجد نفسه مبحراً فيه، خاصة وأن أغلب الشعراء من أبناء مدينة "حماة" يميلون إلى الشعر العمودي أو "الخليلي" كما يحب أن يسميه البعض، فقال: «أنا اكتب في كل الأشكال الشعرية الخليلي، والنثر، والتفعيلة ولكن بشكل نسبي، ربما تكون في التفعيلة أكثر، والجو العام للشعر في "حماة" هو الجو التقليدي، وفي هذا المضمار في "حماة" شعراء متميزون على صعيد الشعر الخليلي، والسبب أن جو "حماة" بشكل عام يميل إلى المحافظة، والتقليد، وهذا يناسب القصيدة الخليلية، والتي هي استمرار للقصيدة العربية منذ الجاهلية».
وتحدث عن تجربته الصحفية، فقال: «أنا في موضع الصحافة ربما لكنني لست صحفياً، إنما كنت هاوياً للأدب، وأقوم بكتابة الشعر، والمقالات النقدية وأمارس شيء من الكتابة الفكرية، وأنشر في الصحيفة عن طريق أستاذ لي هو "مصطفى الحدري" الذي كان يعمل مدققاً لغوياً في "الفداء"، كان معلمي في المرحلة الثانوية، وكان لي موقع خاص في قلبه، لذلك طلب مني وجئت إلى الصحيفة، وكلفت بالعمل في القسم الثقافي، وحتى هذه اللحظة وبعد مرور أكثر من ربع قرن وأنا أقول أنني دخيل على الصحافة وهاجسي الأول هو الأدب والفكر لأنني في الأصل جئت كأديب وليس كصحفي، لكني أمارس أدباً، وفكراً ضمن الصحافة».
وعن تقييمه للنشاط الثقافي في مدينة "حماة"، قال: «النشاط الثقافي في "حماة" يعيش حالة من الركود، وأتمنى أن يقام فيها مهرجانات وأندية ونشاطات أكثر، فأنا أرى في المحافظات الأخرى ما لا يحدث في "حماة" وحتى في بقية مدن المحافظة كـ"سلمية"، و"مصياف" تقام فيهما نشاطات ربما تفوق نشاطات مركز "حماة" بالأهمية، ولا أدري لماذا هذه المدينة مقصرة بحق نفسها في إقامة هذه الأنشطة، فعندما كنت شاباً كان "إتحاد شبيبة الثورة" يقيم مسابقات شعرية وهذه المسابقات أتمنى عودتها، فقد كان كبار الشعراء يحكمون فيها أذكر منهم الراحل منذ فترة وجيزة الشاعر "علي الجندي"،والشاعر الكبير "فايز خضور"،وغيرهما، وكانت هذه الجوائز تقليد جميل يقام في كل عام في محافظة وأنا سعدي إذ نلت عدة جوائز فيها، وحالياً لولا الاجتهادات الشخصية لما حصلت مسابقات، كمبادرة نقابة الأطباء في جائزة الطبيب "وجيه البارودي" الشعرية بالتعاون مع كلية الآداب الثانية».
وأضاف: «كل ما أتمناه أن تقام جائزة شعرية عالمية في حماة باسم الشاعر"عمرو ابن الفارض" هذا الشاعر الحموي الأصل والذي عاش في"مصر"».
وعن نتاجه الأدبي والشعري، تحدث قائلاً: «لدي العديد من الكتب المنشورة، منها "الطواسين"،و"بستان المعرفة"، و"السيرة الشعبية للحلاج"، أما المجموعات الشعرية فمنها "طفل المعاني"،و"تعاويذ"،و"ديوان الحدري"، بالإضافة إلى العديد من الدراسات المنشورة في الدوريات السورية المتخصصة بالفكر والأدب مثل "المعرفة"،و"الموقف الأدبي"و"التراث العربي"و"الأسبوع الأدبي"».
ويذكر أن الأستاذ "رضوان السح" يحمل إجازة في الفلسفة من جامعة "دمشق"، ودبلوم في التربية من "جامعة البعث"، ودبلوم دراسات عليا في الفلسفة من "الجامعة اللبنانية"، وهو عضو اتحاد الصحفيين السوريين، وعضو اتحاد الكتاب والصحفيين العرب، وهو حالياً مشرف على قسمي الثقافة والمجتمع وعلى قسم المواهب الأدبية في "جريدة الفداء"، كما أنه محاضر في كلية التربية.