لا بد لإلقائه الشعري السليم من أن يلفت انتباه الذين يسمعونه، أو حتى الذين يتظاهرون بسماعه، كما أن معاني أبياته التي يحملها له شيطان شعره، لا بد لها من أن تقحم يداك في تصفيق حاد، يرافقه شعور بأنك قد سمعت شعراً حقيقياً، وطبعاً بصوت شاعر شاب، هو "لهام عادل حبوب".
eSyria كان في ليلة سمر شعرية برفقة الشاعر الشاب "لهام حبوب" في بيته الغافي على أطراف مدينة "سلمية"، والذي بدأ حديثه بجواب عن سؤالنا حول تأثير اسمه على موهبته فقال: «كلمة "لهام" مأخوذة من "الالتهام" والجيش اللّهام هو جيش عظيم أي إنه يأكل كل شيء، وربما هذا ما دفعني لألتهم أكبر كمية ممكنة من الشعر، عدا أنه اسم مميز، وهذا جعلني أسعى لكي أكون مميزاً دائماً في شعري، كما هو الحال مع اسمي».
لهام من الشعراء الذين عندما أسمعهم يصيبني حافز قوي للكتابة، وأمثاله يزيدون لدي حالة الاعتزاز بروح الشعر في مدينة "سلمية"
أما بداية رحلته مع الشعر، فقد تحدث عنها قائلاً: «في طفولتي كنت أسمع بكلمة "شعر" من والدي "عادل حبوب" الذي كان شاعراً أيضاً، وحينها لم أكن أفهم معناها تماماً، ولكني فهمته عندما كتبت أول بيت شعري في حياتي، كنت حينها في الصف الرابع الابتدائي، وكان مقدمة لعدة محاولات جاءت نتيجة تراكم عاطفي بعد وفاة والدي في عام 1999، حيث كان معظمها ذا طابع سوداوي حزين، وطبعاً لم يكن احترافياً، فمثلاً أذكر لكم أول بيت لي، والذي مازلت أفتتح به أي دفتر أقتنيه، وهو:
أنا الذي أشعلت النار بالثلج/ وبنيت بالطين قصراً مرتغبا».
أما عن مسيرته مع الشعر، فقد أضاف: «في تلك المرحلة كانت كتاباتي قليلة ومحدودة، لكن في نهاية المرحلة الإعدادية بدأ عدد قليل من الأصدقاء والأقارب بتشجيعي وتحفيزي على الاستمرار، وهو الشيء الذي كنت أفتقده في منزلي، ونتيجة لذلك بدأت بالقراءة الشعرية إضافة إلى الكتابة، وقد تشجعت على التقدم إلى أول أمسية لي شاركت فيها مع عدة شعراء شباب آخرين، والتي كانت في شهر آذار من عام 2006، حيث كنت أشعر خلالها بارتباك غريب لدرجة أني كنت أتعرق بشدة، ثم تأقلمت مع ذلك ومن يومها توالت الأمسيات واحدة تلو الأخرى».
لكل شاعر علاقة روحية خاصة تربطه بالشعر، هذا ما تحدث عن "لهام" قائلاً: «الشعر بالنسبة لي هو حاجة، أي لا يقل أهمية عن الطعام والشراب، وحتى أكثر من ذلك فأنا عندما انتهي من كتابة بيت شعري واحد فإنني أشعر بالنشوة إذا صح التعبير، كما أنني أحياناً لا أتجرأ على قراءة رواية ما لأنها ستحرك مشاعري ما يدفعني إلى الدخول في حالة الوحي الشعرية، وهذا ما أخشاه وخاصة أثناء الامتحانات فالشعر قد يسبب الضرر على الصعيد الدراسي إذا لم يكن كاتبه حذراً».
ثم أضاف: «لقد حق القول من وصف الشعر بالوحي، لأنه عندما يأتي لا أستطيع اللحاق بالقلم، كما أنه لا يمكن أن يأتي على هواي، فهو يحتاج إلى تراكم مجموعة من العواطف خلال مدة زمنية قد تطول أحياناً، وكلما طالت كانت القصيدة أقوى، فالذي يكتبه بعض الشعراء على هواهم أو في مناسبات معينة هو برأيي النظم وليس الشعر».
أما عن هدفه من الشعر فقال: «أسعى لأن أصل إلى مدرسة شعرية خاصة بي، لأنه ليس مستحيلاً أن أصل لمرحلة "المتنبي" أو "جبران" أو غيرهما، فقناعتي تقول إن الشاعر الحقيقي هو من يملك أسلوباً أو لوناً خاصاً يتفرد به».
الشاب "سامر عيسى" صديق "لهام" تحدث عن بعض حالات انغماس صديقه بالشعر فقال: «إن "لهام" برأيي واحد من أهم المواهب الشعرية في المنطقة، وهو بحاجة إلى الاهتمام، لأنه إذا كان هناك بيت شعري يجول في ذهنه فإنه ينسى كل شيء حوله، فمثلاً كنا نمشي معاً في طريقنا إلى بيت أحدهم، وخلال الطريق كان "لهام" يصطدم بي يميناً ويساراً، أي إنه فقد توازنه والسبب طبعاً "بيت شعر"، كما أنه يقضي ساعات طويلة أمام الحاسوب يقرأ ويسمع الشعر وطبعاً خلالها لا يسمع من يناديه».
الشاب "خضر الشعار" المهتم بالشعر كثيراً، عبر عن رأيه بـ"لهام" بعدما سمعه في عدة أمسيات شعرية قال: «لهام من الشعراء الذين عندما أسمعهم يصيبني حافز قوي للكتابة، وأمثاله يزيدون لدي حالة الاعتزاز بروح الشعر في مدينة "سلمية"».
الشاعر "ناجي دلول" والذي كان قد سمع "لهام حبوب" في أمسيات تشرين الأدبية وصفه قائلاً: «هو شاعر حقيقي، لكنه بحاجة إلى مزيد من التطور حتى يصل إلى القمة الشعرية، كما أنه بحاجة إلى تنوع أكثر في المواضيع التي يطرحها».
"لهام حبوب" واحد من شبابٍ اتخذوا من موهبتهم راية يرفعونها كلما فاضت بهم المشاعر، لكنهم في البداية يبقون بحاجة إلى ذوي الخبرة، لكي يحتضنوهم ويحموهم من الضياع أو ربما من الغبار، حتى تبقى راياتهم نظيفة على الأقل.
ومن الجدير بنا ذكر بعض المعلومات عن "لهام حبوب" وهي:
هو ابن "سلمية" والمولود في "دوما" في "ريف دمشق" عام 1990
شارك وحصل على عدة جوائز في مسابقات شعرية عديدة
يدرس في قسم "الرياضيات" في جامعة البعث "حمص"
الأصوات المفضلة لديه هي "فيروز"، "وديع الصافي"، "أم كلثوم"، وأمثالهم.
من بعض الأبيات التي أحبّ أن يهدينا إياها، تلك التي اسماها "حلم عبد"، وفيها يقول:
لَقِيْتُكِ وَالهَوَىُ حلوُ المَذَاقِ/ وَبَدْرُ الوَجْهِ يُشرِقُ بِائْتِــَلاقِ
وَفيْرُوزُ الصَّباحِ تُنِيْرُ حِبْرِيْ/ فَيُوجِزُ وَصْفَ ثَلْجِكِ بِاحْتِرَاقِ
فَأَنتِ مَنِ امْتَثَلْتِ لِشِعْرِ قَلْبِيْ/ وَأَنتِ مَنِ اسْتَمَالَتْ لاشْتِياقِي
وَأَنتِ النُّوْرُ فِيْ أَنوَار صُبْحِيْ/ وَبرْءٌ لِلْفؤَادِ وَلِلْحِدَاقِ
فإِسْرَائِيْ لِحُبِّكِ حُلْمُ عَبْدٍ/ خُرَافِيّ المَعارج وَالبُرَاق.