سهل الغاب وأشجار الزيتون وصلابة السنديان وحديث الصبايا عند النبع وطفولة ممزوجة بالشقاء والعناء والفقر، كل ذلك شكل للشاعر "عز الدين سليمان" موروثاً ثقافياً بدأ يحيكه وينسجه بلغة شاعرية تلازمه ولا تفارقه أبداً كما يقول.
موقع "eHama" التقى الشاعر "عز الدين سليمان" بتاريخ 31/12/2011 في منزله الريفي المتربع على سفح جبال الساحل المطلة على سهل الغاب ليحكي لنا قصته مع الشعر وكيف بدأت يقول: «نشأت في بيئة الريف النقية الصافية تعلمت منها كيف تنحني السنديانة لتقبل فلة صغيرة، ولكنها لا تنحني للريم، طفولتي كتاب أخضر كتبته رياحين قريتي كتبته بماء الفقر كأبناء جيلي، وما زال الأخضر ينزف من حروف حياتي، تنقلت بين أمكنة مختلفة لإتمام دراستي ففي مدرسة القرية آنذاك لم يكن التعليم يتجاوز المرحلة الابتدائية».
كتبت الشعر في المرحلة الثانوية، وأنا واثق أنه لم يكن شعراً آنذاك ولكن تباشير الفجر الكاذب تسبق بقليل الفجر الصادق، كانت محاولات قاصرة زرعتها في تربة الشعر فأزهرت فيما بعد وأينعت ثماراً ربما يراها بعض الناس طيبة المذاق
يتابع الشاعر "عز الدين" حديثه عن تجربته الشعرية قائلاً: « كتبت الشعر في المرحلة الثانوية، وأنا واثق أنه لم يكن شعراً آنذاك ولكن تباشير الفجر الكاذب تسبق بقليل الفجر الصادق، كانت محاولات قاصرة زرعتها في تربة الشعر فأزهرت فيما بعد وأينعت ثماراً ربما يراها بعض الناس طيبة المذاق».
أما عن علاقته بالطبيعة وأثرها على شعره يقول "عز الدين سليمان": «أعيش في بيئة ريفية جميلة وغنية... أضافت إلى شعري الكثير من المفردات لكن مهما كانت الطبيعة رائعة لا تنجب شاعراً، وعلى الشاعر حسن اختيار مفردات الطبيعة بما يخدم القصيدة فقط لا أن يجعل الطبيعة تسيطر على شعره كما تريد هي، وعندما يدعها تفعل كما تريد تسقط القصيدة ويسقط الشاعر، والشاعر هو من يجعل الطبيعة تتنفس، تحس، ترى وتشاركه فيما يشعر به، وحينها تساهم في إبداعه... قلت لامرأة عبرت بنبعِ في قريتي: /يغازلك النبع كي تشربي ولكن يغازل كي يشربا/ وعلاقتي بالطبيعة تبدو واضحة في شعري وهي علاقة عاشقين لا يريد أحدهما أن يفترق عن الآخر أو ينتصر عليه، أول ديوان نشرته عام /2003/م وتوالت الغمامات حتى صارت خمساً. وهي كافية لإنبات حقل من الياسمين».
عن رأيه بالمدارس الشعرية والحركة الشعرية يحدثنا الشاعر "سليمان" قائلاً: «من يؤطر نفسه في مدرسة شعرية، وينهج نهجها، ويلبس لباسها، ويكتب وفق ما تؤمن به يخسر منذ بدايته... من قال: يجب أن نختار للنبع مجراه، ولغته ولون عينيه، على النبع أن يفعل ذلك دون أن يكون مرغماً، وعلى الشاعر أن يترك العنان لروحه لتهطل مطراً في أي فصل تريد، أنا لا أومن بالمدارس الشعريه، فالشاعر أكبر منها بكثير، أما الحركة الشعرية الآن فهي في ما يشبه الاحتضار وأدعو الله ألا يكون احتضاراً حقيقياً فيقف الشعر على قبور الشعراء يرثيهم غير آسف».
ومن الشعراء الذين تأثر بهم الشاعر "عز الدين" وأحبهم يقول: «من الشعراء القدامى أحببت "أبا الطيب المتنبي"، ومن المحدثين "بدوي الجبل"، "عمر أبو ريشه"، "نزار قباني"،... وهناك الكثيرون لا استطيع أن أسمي كل الذين شكلوا حديقة الروح وزينوها بالورود، وقد تحب شاعراً لأنه يوافقك في الطموح والأسلوب، ولا تحب شاعراً لأنه يخالفك في هذين الأمرين، وهو عبقري كل الأزمنة».
أغراض الشعر وأشكالها كما يراها الشاعر "عز الدين": «الشاعر لا يستطيع أن يسير في درب واحدة لأن غاياته مختلفة ومتنوعة، ولا يستطيع أن يشم ياسمينة كل صباح وحوله أزهار متباينة في أشكالها وعطورها، أكتب في كل الموضوعات الوطنية، الاجتماعية، والغزلية، وما تيسر من سور الشعر الكريم، وأكتب الشعر بشكليه الخليلي والتفعيلة، ولا أؤمن بقصيدة النثر كما يسمونها لأنها تنتمي إلى النثر لا إلى الشعر».
وعن نظرة "عز الدين سليمان" ورؤيته للشعر يقول: «الشعر عندي ليس وسيلة للكسب، أو لإقامة علاقات غير نقية، ولا وسيلة للشهرة فأنا لا أبحث عنها ولم أفعل، الشعر هاجس يومي لا يمكن التخلص منه إلا بكتابته، وهو كالدم يجري في عروقي إذ لا حياة دونه، واستغرب من الذين يسألون: كيف حال الشعر معك هذه الأيام؟ أقول: الشعر يولد ولا يموت فلا تسألوني عنه أيها الأصدقاء».
ذاتية الشاعر:
من مواليد 1953 بلدة شطحة- حاصل على إجازة في قسم اللغة العربية عام/1977/- عمل في مهنة التدريس التي أحبها.
متزوج وله تسعة أولاد أحدهم أغوته حكاية الأدب والآن يجوب في رياضه باحثاً عن قصص جميلة.
عضو في اتحاد الكتاب العرب- جمعية الشعر
الدواوين: خمس مجموعات مطبوعة وغير المطبوع كثير
إليك يا سيدي- يغازلك النبع كي تشربي- التفاح الحرام- عطر الجنة- حوار الغيم والورد-.