الملخص : تحتاج شجرة "الدردار" إلى مياه وفيرة وتربة خصبة للتكاثر وتنمو، مما جعلها شجرة مهددة بالانقراض في سورية، ووجودها يقتصر على أماكن محددة في سورية، ويعتبر "سهل الغاب" البيئة الحاضنة الوحيدة لشجر الدردار السوري.
موقع "eHama" التقى الجد "محمد صالح درباس" من قرية "نبل الخطيب"، وأحد المهتمين بزراعة "شجرة الدردار"، للتحدث عن هذا النوع من الأشجار، فبدأ بالقول: «لا تعيش شجرة الدردار إلا في الأراضي الغنية بالمياه أو بجانب المنازل، حيث توافر الماء بشكل مستمر.
يصل ارتفاع الأشجار البالغة حوالي /15/ متر وهو من الأنواع التي تخلف بعد القطع وهو من عريضات الأوراق، وأوراقه متساقطة تمتد فترة السكون من منتصف شهر أيلول وحتى بداية ظهور البراعم في شهر كانون الثاني
وحسب خبرتي يمكن إكثار هذه الشجرة من خلال البذور التي تنتجها، أو من قطع أحد أغصانها وغرسه في التربة الملائمة، وأنا شخصياً زرعت غرسةٍ منها فأنتجت بعد نضوجها بذوراً بعدد الأوراق الموجودة فيها، وتبقى البذور عليها لمدة عام كامل حتى ظهور الفرع الثاني.
بالنسبة لاسمها فهو متناقل قديماً عن الآباء والأجداد ولا نعرفها إلا بهذا الاسم، أما عمرها، فاعتقد أنها قديمة قدم سهل الغاب، وبيئة الغاب المليئة بالماء ساعدت على استمرار وتكاثر هذه الشجرة، كما يعرف عن "شجرة الدردار" ظلها الوارف وجمالها الآخاذ؛ لذا يؤمها الناس ساعات الظهيرة وأثناء الرحلات».
ويصف السيد "محمد درباس" شجرة الدردار القديمة والمزروعة بجوار منزله بالقول: «لقد انفلق جذعها حتى أصبح تجويفا يشبه "الكهف"، والآن تلتف حول بعضها البعض كبساط يتم لفه من جهتيه حتى يلتقيا بنقطة واحدة ويلتحمان، بعد أن كادت هذه الشجرة في طريقها للموت؛ عادت للحياة لذا تعتبر لدى الكثير ممن رآها من المعجزات».
موقع "eHama" جال مكان تجمع هذا النوع من الأشجار النادرة في سهل الغاب، المعروف "بجورة سلمان" أو "الدردارة" والتقى المهندس "قادم أحمد" المدير الموارد الطبيعية في هيئة استثمار الغاب فقد ذكر للموقع التوزع الطبيعي والحالي للدردار السوري، بالقول: «ينتشر هذا النوع بشكل أساسي في سهل الغاب الذي كان عبارة عن مستنقع، فغطى هذا النوع مساحات كبيرة من القسم الجنوبي لسهل الغاب، ممتدةً من الجبال الساحلية وحتى ضفاف نهر العاصي، مغطياً الجزر الصغيرة في منتصف المستنقعات المائية.
أما في القسم الشمالي لسهل الغاب لم يذكر السكان وجود الدردار السوري ضمن أراضيهم، ربما كان السبب في ذلك توطن الحضارة في هذا القسم قديما، وإدخال الزراعة بشكل مبكر أو لأسباب مناخية وأرضية بحتة، ويقتصر التوزع الحالي للدردار السوري على الشريط المحاذي لجبال السلسلة الغربية من سهل الغاب، ويكفي لأي شخص لمعرفة هذا التوزع أن يعبر الطريق العام الغربي لسهل الغاب والموازي للجبال الساحلية اعتبارا من "جورين" شمالا حتى عين الكروم جنوبا.
وهناك سيصادف أثناء رحلته "أشجار الدردار السوري" في كل منطقة يمر بها سواء كانت أشجار منفردة أو على شكل تجمعات شجرية، تقع إما شرق الطريق على حدود الأراضي الزراعية وضمنها، أو غرب الطريق ضمن فناء المنازل، وتقتصر التجمعات الأساسية والحالية للدرادار السوري على ثلاث مناطق هي: "قطرة الريحان، عين سليمو، موقع شطحة"».
كما ذكر المهندس "قادم" الصفات المورفولوجية لشجر "الدردار السوري" قائلا: «هي شجرة محبة للمياه الراكدة حيث تنمو جذورها في الماء، وهذا ما يفسر عدم انتشار أفرادها على السفوح المجاورة لمناطق انتشارها، وهذا النوع لاينتشر في طابق نباتي، وإنما يحتاج إلى ظروف أرضية شديدة الخصوبة، وهذا يفسر انتشاره بشكل أساسي في سهل الغاب حيث المياه والتربة الزراعية الخصبة، ولكن بعد تجفيف الغاب وتحوله إلى منطقة زراعية تغيرت الظروف المواتية لهذا النوع، فانحصر انتشاره في مساحات ضيقة متدهورة ومعرضة للتداخل».
تابع المهندس "قادم" حديثه عن الصفات يقول: «يصل ارتفاع الأشجار البالغة حوالي /15/ متر وهو من الأنواع التي تخلف بعد القطع وهو من عريضات الأوراق، وأوراقه متساقطة تمتد فترة السكون من منتصف شهر أيلول وحتى بداية ظهور البراعم في شهر كانون الثاني».
كما أشار المهندس"قادم" أثناء حديثه إلى القيمة الاقتصادية للدردار السوري وكيفية الاستفادة منه بالقول: «خشب الدردار السوري من الأخشاب ذات الصفات التقنية العالية وهو خشب أبيض اللون ذو ثغور قاسية جداً، عالي الكثافة يشابه في صفاته العامة وأشكال استخدامه أخشاب السنديان الأوربي.
وهذه الصفات كفيلة بجعله صالح للعديد من الاستخدامات وخاصة التقنية منها، يمكن استعماله في صناعة هياكل الأثاث المنزلي، كما يستخدم لإنتاج القشور ذات المواصفات العالية للطاولات والمكاتب، وذلك عن طريق القشير الطولي، أيضا المرونة التي تتميز بها أخشاب الدردار، يمكن استخدامها في بعض الصناعات الخاصة.
وكذا إنتاج الدردار السوري للعسل مقبول والعسل الناتج عنه يتميز بمرارة محببة في طعمه ما يتيح استخدامه في إنتاج العسل كمنتج ثانوي وخاصةً إنتاجه يتم خلال شهر شباط أي في الفترة التي يندر فيها وجود أنواع مزهرة».
ختم المهندس "قادم" حديثه عن هذا النوع من الأشجار بذكر الحالة التي كانت بها شجرة الدردار السوري قبل تجفيف سهل الغاب والحالة التي آلت إليها بعد التجفيف قائلاً: «قبل تجفيف "سهل الغاب" لم يعاني الدردار السوري في أماكن انتشاره للتعدي عليه من قبل السكان وذلك لدخوله فوق أرض مستنقعية غير صالحة للزراعة من جهة، ولاستخدام السكان أخشاب السنديان في بناء منازلهم التي هي في الأصل في الجبال العالية من جهة أخرى.
أما بعد التجفيف واستصلاح الأراضي قام المزارعون بتوسيع رقعة أراضيهم على حساب الأرض المجاورة لأشجار الدردار، وساهم نزول السكان من الجبال واستيطانهم في السهل بشكل عشوائي وكيفي، في تناقص هذا النوع تدريجياً، ولكن العديد منهم احتفظ بشجرة أو شجرتين ضمن فناء منازلهم لتبقى شاهدا على انتشار النوع.
ورغم أن اسم الدردار السوري قد ورد ضمن الأشجار المحمية في قانون الحراج عام /1953/ إلا أنه لم يكن له أي أثر في حماية هذا النوع الذي استمر بالتراجع خاصة أن العقوبات لم تطبق على أي شخص من المخالفين».