قصرت يد "كافور الإخشيدي" فغضب "المتنبي" ورحل عن ديار مصر هاجياً حاكمها، وفي طريق عودته إلى "بغداد" كان أن مرّ بهذه المنطقة والتي تدعى "عقارب" لكثرة ما يسكنها من "العقرب" غير أنها صافية القلب، والسريرة، فمنحها الله نبعاً ماؤه رقراقاً صافياً، فشرب "المتنبي" من مائها، وتابع سيره حيث لم تسعفه "الخيل" فقضى.
موقع eSyria زار قرية "عقارب الصافية" والتي تبعد عن مدينة "حماة" حوالي خمسة وأربعين كيلو متراً، وتقع إلى الشرق من "سلمية" التي تتبع إليها حوالي سبعة عشر كيلو متراً، وتعتبر هذه القرية من أكبر القرى من حيث المساحة في "محافظة حماة".
مياهها كلسية، وفقيرة بالكبريت، وهذا سبب ابيضاض الأسنان لدى أهل "عقارب"
ولمعرفة المزيد عن هذه القرية التقينا الأستاذ "نصر حسن الشاطر" رئيس البلدية، والذي أفادنا بمعلومات حول "عقارب الصافية" من حيث زمن إعمارها: «كل الدلائل تؤكد أن الذين قدموا إلى هذه القرية كانوا من منطقة "الغاب" وتحديداً من منطقة "شيزر"، ونتيجة الأحداث التي جرت في أواخر القرن التاسع عشر تمت الهجرة إلى مناطق متعددة، ومنها هذه المنطقة التي تعرف اليوم باسم "عقارب الصافية" ويرجح العام 1876 هو عام إعمار هذه القرية على يد الأوائل الذين قدموا».
ويتابع: «وحول النبع الصافي الموجود في هذه المنطقة بدأ الوافدون ببناء بيوتهم الترابية وأكثر ما كان يميزها وجود "القبب الطينية" وكثيراً ما كانوا يجدون "العقارب" ترقد تحت الحجارة التي يرفعونها من مكانها بقصد البناء، ومن هنا أخذت اسمها».
وسألناه عن أهم ما يميز أبناء هذه القرية، فقال دون تردد: «أسنانهم بيضاء». سألناه السبب، فأجاب: «مياهها كلسية، وفقيرة بالكبريت، وهذا سبب ابيضاض الأسنان لدى أهل "عقارب"».
أما الخدمات المتوافرة في القرية فهي: «باتت كل طرق القرية معبدة، كما ترتبط بعدد من القرى بطرق زراعية معبدة أيضاً، ويمكن القول إن القرية عبارة عن عقدة مواصلات تستطيع منها أن تتجه إلى أماكن عدة، فهي ترتبط جنوباً مع قرية "تل التوت" بطريق طوله اثني عشر كيلومتراً، وآخر مع قرية "صبورة" بطول خمسة كيلومترات ونصف، ومع قرية "المبعوجة" بطريق طوله ثمانية كيلومترات، وآخر مع قرية "قليب الثور" بطول أحد عشر كيلومتراً، وأقصر الطرق ذلك الذي يصلها بقرية "جدوعة" بطول أربعة كيلومترات، ويبقى الطريق الذي يصلها بـ"سلمية" بطول سبعة عشر كيلومتراً».
وعن باقي الخدمات يقول: «تم إنشاء "سدة" لتجميع مياه السيول، وشق طريق يصل إليها بطول سبعة كيلومترات، وتم تغطية القرية بشبكة إنارة حديثة، ويتم العمل على تبديل شبكة المياه القديمة، ونفذت ثلاثة مشاريع للصرف الصحي».
أما الحالة التعليمية في القرية فهي: «هناك اهتمام واسع من قبل الأهالي بالناحية التعليمية، وهذا ما أدى إلى اندحار "الأميّة"».
ويتوافر في القرية: «أربع مدارس للحلقتين الأولى والثانية، ومدرسة ثانوية، والتعليم مختلط في كل المدارس، كما يوجد روضة أطفال تابعة للوحدة النسائية في القرية باسم الشهيد "أحمد زيدان" وروضة خاصة "أطفال المستقبل"».
أما فيما يخص البنية التحتية فيحدثنا عنها الأستاذ "نصر الشاطر" فيقول: «المساحة العامة للقرية حوالي/105 آلاف دونم/ منها ملكية خاصة، ومنها على الشيوع، ولا توجد أراضي "أملاك دولة"، أما مساحة المخطط التنظيمي فهو/150 هكتاراً/، ونسبة تنفيذ الخدمات وصل إلى 98%، فطول خط الصرف الصحي/28 كيلومتراً/ نفّذ منه /25 كيلومتراً/».
وعن المعالم الأثرية الموجودة أو التابعة لهذه القرية فهي عديدة وإن طال الخراب معظمها فباتت أطلالاً دارسة، وهي حسب ما يذكر الأستاذ "نصر": «يوجد في "عقارب" أربعة أقنية رومانية، وعدد من "الخرب" تنتشر حواليها وهي: خربة "تلول الحمر" وتقع إلى الغرب من القرية بثلاثة كيلومترات ويطلق عليها "عمورية"، وعلى الطريق المؤدي إلى "تل التوت" يقع "قصر الزبيب" وهذا لم يبق منه سوى الأنقاض، أضف إلى ذلك مجموعة من الخرب كـ"خربة القصر"، و"خربة الجب"».
أما الواقع الاقتصادي فهو: «في الآونة الأخيرة ازدهرت الزراعة، وازداد الإنتاج من خلال التحول إلى نظام الري الحديث، وكذلك تنوع المحاصيل، والتوسع في زراعة أشجار الزيتون، والكرمة، ومع هذا فإن الاتجاه الغالب هو الوظائف الحكومية التي باتت مقصد الجميع».
ويتحدث الأستاذ "نصر" عن الخدمات التي يجب توافرها في هذه القرية، وهي: «الإسراع باتخاذ قرار من مجلس مدينة "سلمية" بشأن مقلب القمامة الذي يقع إلى الجنوب الغربي من القرية والذي يتسبب بانتشار الروائح المزعجة، وكذلك الحشرات "الذباب" خاصة في فصل الصيف، ما يؤثر بشكل سلبي على واقع الحياة، ومن الأمور الواجب توافرها تخصيص مراكز جباية للمياه والكهرباء، والهاتف، وكذلك مقراً للبريد، مع أن المكان الذي يمكن أن تشاد عليه هذه المراكز متوافر».
ثم توجهنا إلى الشاعرة "فاطمة غيبور" التي حدثتنا عن قريتها شعراً فقالت: «عندما قلت: "عقارب"/ خفق القلب الوديع/ وسرَت نسمة شوق/ في فضاءات الربيع/ لوّن الصبح الروابي/ وسرى دون شفيع/ ومضى النحل يناجي/ وردة الحقل البديع».
وتضيف: «قرية يزهر فيها/ عبق الفن الجميل/ تنشد الطير نشيداً/ بين أغصان تميل/ والنسيم الرطب يسري/ هادئاً يشفي العليل/ والشباب الغض يحيا/ باسماً كالسلسبيل».
ــ من أسماء العائلات الموجودة في القرية: "زينو- غيبور- زيدان- سيفو- نيّوف- الحلو- ديب- قشمر- هيفوش- شاهين- معمار- الحرك- القطلبي- عيد- الشاطر- طهور- عثمان- قاسم- زريق- شاليش- الحساس- الخدام- زريقي- صيوم- الصوراني".
ــ من مشاهير قرية "عقارب الصافية": السيد "محمد مفضي سيفو" وكان شغل منصب وزير دولة- الفنانة "سلافة معمار"- والشاعرة "فاطمة غيبور".. ولا يمكن أن ننسى فريق الدراجات النسائي والذي يشكل عماد المنتخب الوطني.