في مشهد متفرد، تطل "نجمة الصبح" أو قرية "بيرة الجرد" بين جبال ريف مصياف الأربعة، فيأخذ جبل النبي "متى" نصيبه الأكبر من إطلالتها وهي بكامل ينابيعها وخضرتها.
قرية "بيرة الجرد" التي زارتها مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 4 نيسان 2014، والتقت السيد "فياض علي" أستاذ مادة التاريخ والجغرافية من أبناء القرية ليحدثنا عن موقعها: «تقع في محافظة "حماة" في الجهة الشمالية الغربية لمنطقة "مصياف"على بعد 18كم، وعلى بعد 50كم عن مركز المحافظة على طريق "مصياف"- "الدريكيش"، وعن مركز"طرطوس" 37كم، وتبعد عن مركز "حمص" 50كم، ويحدها من الغرب جبل النبي "متى" وقرية "المحيلبة" التابعين لطرطوس، ومن الشرق "كاف الحبش" و"المشرفة"، وشمالاً قرية "عين البيضا"، ومن الجنوب عين "الشمس" و"عين الذهب"، ومن يرغب في زيارتها من محافظتي "حمص وحماة" يسلك طريق "مصياف"، ومن "طرطوس" عبر طريق "الدريكيش"».
تتنوع أماكن الاستجمام الطبيعية من غابات البلوط والسنديان وتربعها على المرتفعات الجبلية، ووجود المغارات كمغارة "الدرة" المباركة ذات الطابع الديني للمصطافين
ويرتبط اسم القرية بارتفاعها وتكوينها الطبيعي، وهنا يتابع السيد "علي": «كان اسم القرية قديماً "نجمة الصبح" لتموضعها فوق الجبال المرتفعة، ولأن الصباح عندما يتنفس ينشر أبخرته في كل مكان ويظل أدنى من مستوى القمة، ثم أطلق عليها "بيرة الجرد" لأنها تشبه البئر المحاط بالجبال الجرداء ذات الكتل الصخرية، ومما يذكره الأجداد أن القسم الغربي للقرية والمطل على جبل النبي "متى" كثير الينابيع والعيون المتفجرة من باطن الأرض، وأن الفرنسيين قاموا بإحصاء عدد الينابيع وقالوا إن عددها يقارب عدد أيام السنة، وترتفع القرية عن سطح البحر من 800-1100م، ما جعل مناخها معتدلاً صيفاً وبارداً شتاءً».
أهم ما يميز المجتمع الأهلي في القرية، يقول عنه المختار "فجر عيسى": «رغم تعدد العائلات والكثافة السكانية نسبياً فالجميع تربطه صلة القرابة مع الآخرين وحب التعلم والثقافة، ويبلغ عدد السكان نحو 3700 نسمة، ومكونة من عدة عائلات ومنها: "عمران"، "معلا"، "ونوس"، "حمدان"، "ربيع"، "ديوب"، "الخضر"، "سلامة"، "بلول"، "وسوف"، "مسعود"، "حداد"، "خضور"، وأغلبية الأهالي يكرسون اهتمامهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات والمعاهد، فيوجد في كل بيت ما لا يقل عن ثلاث إجازات جامعية أو أكثر حسب عدد أفراد الأسرة، وهذه الميزة التي تنفرد بها القرية عن باقي القرى المجاورة، وساهم في ذلك وجود ثلاث مدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية، كما أن العديد من الطلبة خارج القرية يأتون لتلقي التعليم في قريتنا منذ فترة طويلة، ولعل القرية كانت مسكونة منذ مئات بل آلاف السنين، حيث تبين وجود لقى أثرية من قطع فخارية وبعض الآنية النحاسية مدفونة تحت الأرض، كشفت عنها حفريات الصرف الصحي منذ سنوات، لكن لم نجد من يهتم بها أو يتابع الكشف عما تحت تراب هذه القرية».
ويعتمد أهالي القرية لتحسين وضعهم المعيشي على نشاطات مختلفة، وهنا يقول السيد "غياث راشد" رئيس الجمعية الفلاحية: «إضافة للوظائف الحكومية يهتم الأهالي بزراعة المحاصيل الزراعية كالقمح والشعير والبقوليات والخضراوات، وتربية المواشي وتقوم الجمعية والوحدة الإرشادية بتقديم المستلزمات، مثل السماد الآزوتي والغراس والمبيدات الزراعية واللقاحات البيطرية للمواشي، كما تزرع أشجار الجوز والتين والعنب والتفاح ومختلف الأصناف التي تتحمل الطقس البارد».
كما يعمل السكان بمجالات أخرى، يتابع حولها المختار "عيسى": «تتميز القرية بامتهان بعض الحرف على مستوى المنطقة كـ"الحداد" العربي لصناعة المناجل والفؤوس وسكاكين المطبخ الشهيرة بالجودة والمتانة، إضافة إلى الطاحونة القديمة لطحن الحبوب وجرش البرغل؛ حيث كانت مقصداً من جميع القرى المحيطة، ويعمل العديد بالمحال التجارية».
وعن الواقع الخدمي للقرية قال السيد "إبراهيم معلا" رئيس البلدية: «تم إنجاز مشاريع الصرف الصحي، وشق الطرق الزراعية وتعبيد بعضها لتسهيل دخول الآليات إليها، وشارك الأهالي في تقديم التبرعات المالية والأيدي العاملة، كما تهتم البلدية بالنظافة بشكل شبه يومي وصيانة شبكات الإنارة والمياه».
وتعدّ القرية مقصداً سياحياً للزائرين من مختلف المناطق، وهنا يقول السيد "صالح مسعود" أحد رجال القرية: «تتنوع أماكن الاستجمام الطبيعية من غابات البلوط والسنديان وتربعها على المرتفعات الجبلية، ووجود المغارات كمغارة "الدرة" المباركة ذات الطابع الديني للمصطافين».