حمل ريشته لتكون قناة رسائل لغيره، فحين يضع خطوط فكره على أي قرطاس يشعرك بأنه أنت من يحملها، وما هو إلا مترجم بارع، قد تخطى حدود الإبداع ليرسم عواطفك، إحساسك، همومك، رسالتك، ما يدور في خلدك وما تعانيه ريشته ليست كأي ريشة فقد استطاع بواسطتها أن يضحكك والدمع في عينيك.
موقع eHasakeh التقى فنان الكاريكاتير "فهد غديف البحادي" وكان هذا الحوار:
أنا أعرف "فهد" منذ فترة بعيدة، هو فنان متمكن ويوظف ألوانه في اللوحة بشكل رائع، ويمتلك حساً فنياً رائعاً فلوحاته ذات معنى عميق، وهو فنان متجدد لا يعتمد على الانطباع الجاهز، كنت أتمنى لو أنه التحق بكلية الفنون الجميلة، لكن مع كل هذا استطاع هذا الشاب أن يثبت نفسه بقوة، أتمنى له المزيد من العطاء والتقدم فبلدنا بحاجة إلى فنانين من هذا الطراز
** لم تكن دراسة القانون تراودني في يوم من الأيام، فأنا منذ الصغر كانت ميولي فنية إلا إنني اضطررت للنزول عند رغبة الأهل، فكلية الفنون الجميلة كانت الحلم الذي سعيت طويلاً للوصول إليه، ولكن بالمحصلة هذا نصيبي والإجازة في القانون شيء جميل وأنا أفتخر بكوني حقوقيا.
** رسمت الواقعية لفترة طويلة ولكنني أحسست أنها لا تلبي طموحي، فأغلب من رسم الواقعية رسمها نقلاً عن الحقيقة، وتتطلب الواقعية دقة عالية وصبراً لا محدود لإنجاز صورةٍ لا تختلف عن الواقع، وقد قطعت شوطاً كبيراً في الرسم الواقعي ولكن لطالما راودني إحساس بأن العالم الذي نعيشه يسعى جاهداً لتشويه الواقع، من هنا جاءت فكرة الكاريكاتير فهذا الفن هو آلية جديدة لمعالجة الواقع، أنا لا أستطيع اليوم أن أتخيل حياتي من دون هذا الفن، وتغمرني سعادة كبيرة عندما أُعرّي الواقع المزيف من ورقة التوت.
** تولد الفكرة في ذهن الرسام بأكثر من طريقة فقد تأتي من خلال التجول في الشوارع، أو من خلال ملاحظتك للناس وأحوالهم وتصرفاتهم، وقد تأتي من التلفاز وهو أكبر مولد للأفكار، وأحياناً تأتي الفكرة في المنام وتارةً تأتي كالصاعقة دون تحضير مسبق، أما بخصوص الأفكار الجاهزة فأنا أعتبر من يستخدمها بمثابة من يقحم الواقعية على هذا الفن المتجدد.
** شتان ما بين السخرية والنقد، فالكاريكاتير هو فن للنقد البنَّاء حصراً، ولو تحول هذا الفن للسخرية أو للنقد الهدَّام لانتفت عنه صفة الفن، وأصبح أشبه بالتراشق والسباب وهذه الخاصيات ليس للفن فيها من شيء.
** فن الكاريكاتير موجود منذ أقدم العصور، صحيح أنه لم يكن بهذا الشكل أو التوجه في أيام الرسوم الجدارية، إلا أنه تطور كما تطورت المدارس الفنية الأخرى ولكنه غرد خارج السرب، وأطلق عليه الابن العاق للمدرسة التشكيلية.
** رسمت في كل المجالات ولكني تخصصت في الآونة الأخيرة في الجانب السياسي، فكما لا يخفى على أحد أن السياسة هي من أكثر الأمور المتغيرة في العالم، فنحن ننام على حدث ونصحو على آخر وهذا يجعل الخيارات واسعة أمام أي فنان يرسم الكاريكاتير، وهناك سبب آخر أملى علي الالتزام بالرسم السياسي، وهو عملي مع قناة الجزيرة الإخبارية وهي ذات طابع سياسي بحت.
** يعتمد على الفكرة بشكل رئيسي فالفكرة هنا هي بمثابة الأساس للوحة، إذا صلحت الفكرة تصلح الرسالة ككل وإذا فسدت الفكرة فلن يصلح اللوحة اللون والرسم.
** لا يزال هذا الفن مقيداً في عالمنا العربي، صحيح أن هناك بعض الدول العربية قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال، إلا أنها لم تصل إلى المأمول، أما عن واقع الفن في المحافظة فهو ضعيف جداً إذا لم نقل أنه معدوم، والسبب يعود لانحسار انتشار الصحافة الورقية، أما عن نشر رسوماتي في الخارج فأنا تدرجت بين الصحف الخاصة والقومية، إلا إنني لم أجد نفسي فيها، والحقيقة أنني وجدت نفسي في قناة الجزيرة فهي جعلتني أقرب للعالم وقد بدأت العمل معهم منذ عام 2008م، كما لاقت رسوماتي إعجاب الفنانين الكبار واستحسانهم، وهذا الأمر يشعرني بالسعادة والفرح.
** أنا لا أقتدي بأحد ولكني أسعى دائماً لتطوير نفسي عن طريق الملاحظة والتجريب، ولكني آمل أن أصل إلى مستوى الفنان الليبي العالمي "محمد الزواوي".
** أنا مقلٌّ من ناحية المعارض بشكل كبير والسبب يعود لانشغالي في الدراسة، أقمت معرضاً مشتركاً عن غزة وقد لاقى إعجاب الزوار، كما أقمت معرضاً في القرية الهدف، وأنوي إقامة معرض فردي في ثقافي "الحسكة" ولكني بحاجة لبعض الترتيبات، علماً إن اللوحات أصبحت جاهزة وبانتظار انتقائها.
* إلى ماذا تطمح؟
** خلق الإنسان طموحاً ومن يشعر بأنه قد حقق حلمه فلينتظر النهاية القريبة، أما أنا فأطمح للعالمية وأن أحقق مركزاً مرموقاً على مستوى العالم، ففن الكاريكاتير في سورية يتربع على مستوى عال من التعبير ودقة الرسم وأرجو أن تمكنني الظروف من إضافة شيءٍ جديد لبلدي.
الفنان "حسن صبيح" يقول: «أنا أعرف "فهد" منذ فترة بعيدة، هو فنان متمكن ويوظف ألوانه في اللوحة بشكل رائع، ويمتلك حساً فنياً رائعاً فلوحاته ذات معنى عميق، وهو فنان متجدد لا يعتمد على الانطباع الجاهز، كنت أتمنى لو أنه التحق بكلية الفنون الجميلة، لكن مع كل هذا استطاع هذا الشاب أن يثبت نفسه بقوة، أتمنى له المزيد من العطاء والتقدم فبلدنا بحاجة إلى فنانين من هذا الطراز».
من الجدير بالذكر أن الفنان "فهد غديف البحادي" من مواليد "الحسكة" 1983م، يحمل إجازة في القانون، وهو عضو في منظمة "فيكو" العالمية منذ عام 2009م.