يصبّ جلّ اهتمامه على الأبعاد النفسية للشخصيات التي يتناولها في روايته، كما أنه يجري تداخلاً بين عددٍ من الأجناس الأدبية، الرواية، المسرح. موقعنا التقى الكاتب الروائيّ والمخرج المسرحي "عبد المجيد خلف" حيث حدثنا عن بداياته في الكتابة قائلاً:
«قصتي مع الكتابة مميزة نوعاً ما، حيثُ كنت في الرابعة عشرة من عمري تقريباً، بدأت بكتابة الخاطرة أو أستطيع أن أقولَ عنها خاطرة، بل كنتُ أكتب ما أحسّ وأشعر به، واستمرت التجربة ككل إنسانٍ يجرب الكتابة في ميادين شتّى، جربتُ الشعر والقصة والخاطرة والمسرح، وكلها كانت محاولات، لا أقول عنها فاشلة أو لا، لكنها بقيت في دفاتر الذكريات التي كنتُ أحتفظُ بها لنفسي، قررتُ أخيراً أن أختصّ بجنسٍ أدبيٍ واحد ألا وهو الرواية، وكما أسلفت فهذا العمل هو العمل الأدبي الأول لي أردتُ أن أنقلَ فيه حادثاً بسيطاً من الحوادث الكثيرة التي تحدثُ معنا في الحياة أو نشعر بها أو نسمع عنها».
شاركتُ في مسابقة "الشارقة" للإبداع العربي بهذه الرواية، وحصلت على الجائزة بترتيب المركز الثالث، وهذا الشيء دفعني إلى الخوض في هذه التجربة أكثر، ومنحني حافزاً معنوياً كبيراً بسبب كثرة عدد المشاركين في هذه المسابقة في مجال الرواية وتلقيت نبأ فوزها بفرحٍ كبير
وعن عمله الروائي الأول "الصوت المخنوق" أضاف: «هذا العمل هو العمل الروائي الأول وقد تم إنجازه خلال عام تقريباً، وهو يروي قصة واقعية لشاب يهاجر إلى الغرب رغبة في تحسين أوضاعه المعيشية، والأحداث التي جرت معه أثناء السفر ومن ثم عودته إلى الوطن، تلك القوة التي كانت من المفترض أن تكون سعيدة، إلا أنها على العكس من ذلك زادت من آلامه وأوجاعه، فبعد اغترابٍ دام حوالي 6 سنوات يعود فإذا به يجد أن محبوبته قد ماتت ووالده أيضاً، ترك الناس في القرية بيوتهم وذهبوا إلى غير عودة. هذا في الفصل الأول من الرواية، أما الفصول والأجزاء الأخرى في الرواية فتتحدث عن تأثير البيئة الأسرية على الإنسان، وخاصةً الطفل الذي يكتسب أطباعه بشكل كبير منها فالأب المتعصب والشديد المعاملة مع أولاده يترك آثاراً سيئة في شخصيتهم لا تمحى، ويستمر في هذه المعاملة حتى يصلوا إلى درجة الرغبة في الهروب من المنزل والخروج منه بأية وسيلة كانت، يصاب أحد الأولاد بمرضٍ نفسي ويتفاقم الوضع معه حتى يصل إلى الجنون المطبق والعيش مشرداً، ومن ثم مفارقة الحياة».
ثمّ تحدث عن فكرة العمل بالقول: «بنيت الفكرة كلّها على الرغبة في توطيد العلاقات الإنسانية والتركيز على البعد النفسي للشخصيات، وما تلاقيه في الحياة نتيجة عدم استقرار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وبيان تأثير المجتمع في شخصية الإنسان، ودفعه إلى البحث عن سبل التلاؤم، منها هذه الحلول التي تكمن حيناً في السفر، وحيناً آخر في الجنون والخروج عن المألوف والموت الذي هو خاتمةُ لكل شيء».
وفيما يتعلّق بأسلوبه الكتابي فقال: «أسلوبي الكتابي في الرواية يتنوع ما بين الحوار والسرد، وكنت أتعمد الحوار أحياناً لإظهار ما يدور في نفوس شخصيات الرواية من أحاسيس ومشاعر، لأن الحوار هو لغة الشخصية قبل كل شيء، ومن خلاله نتعرف إليها بوضوح أكثر، وتجربتي في المسرح أيضاً دفعتني إلى استخدام الحوار نوعاً ما في ثنايا هذه الرواية».
وعن مشاركته في مسابقة "الشارقة": «شاركتُ في مسابقة "الشارقة" للإبداع العربي بهذه الرواية، وحصلت على الجائزة بترتيب المركز الثالث، وهذا الشيء دفعني إلى الخوض في هذه التجربة أكثر، ومنحني حافزاً معنوياً كبيراً بسبب كثرة عدد المشاركين في هذه المسابقة في مجال الرواية وتلقيت نبأ فوزها بفرحٍ كبير».
يعمل الآن في الإخراج المسرحي، وحول ذلك يقول الروائي "خلف": «قدمتُ مسرحية هي بعنوان "حكاية الأشقياء الثلاثة" للكاتب المسرحي "أحمد إسماعيل إسماعيل" في العديد من المراكز الثقافية في محافظة "الحسكة"، ونالت هذه المسرحية إعجاب الجمهور ورضاه، كانت لي رغبةٌ كبيرة في المسرح وكان أول من دفعني إلى ذلك الأستاذ "أحمد رمو" والذي نال جوائز على مستوى مسرح الطلائع، ثم بدأت أعمل مع فرقة المسرح المدرسي مع المخرج المسرحي الراحل "جمال جمعة" الذي دفعني إلى هذا العمل وتعرفت من خلال التدريبات التي كنا نجريها إلى المسرح بشكل جيد، وبعد رحيله شكلتُ فرقة مسرحية، وأخرجت أول مسرحية لي وكانت بعنوان "حكاية الأشقياء الثلاثة"».
أما عن تداخل المسرح والرواية فيقول: «لا يتضارب عملي كمخرج مسرحي مع الكتابة أبداً ولا يؤثر فيه، بل على العكس من ذلك، فالمسرح إضافة إلى الفائدة الكبيرة التي يقدمها للإنسان، وخاصةً الطفل الذي قررتُ أن أتخصص في مسرحه، لأنه يحققُ كثيراً من المتعة ويشعرني بالسعادة، فأحاول إيصال مفاهيم تربوية وتعليمية كثيرة للأطفال من خلال تلك العروض».
يقول عنه الناقد والروائيّ السوريّ "هيثم حسين": «يتمتّع الصديق "عبد المجيد خلف" بروح طيّبة، يتّسم بالدعابة الدائمة، يتخفّف من أوجاعه بالنكتة والبسمة، يكتب بشاعريّة متأثّراً بما حوله. تراه تارة يغرق في كواليس المسرح مع طلابه مستمتعاً معهم وبإبداعاتهم، وتارة أخرى تراه غارقاً في شاعريّته الشفيفة. يتعامل بصدق وإخلاص وتفانٍ مع الجميع. إنّه بالفعل إنسان رائع».
يذكَر أن الكاتب "عبد المجيد خلف" من مدينة "القامشلي" تولد 1978، يعمل حالياً في مجال التربية والتدريس.