غاب "سميح شقير" مغنيا عن "حمص" لفترة طويلة لا لشيء إلا لظروف السفر والعمل، لكنه حين حضر في ختام مهرجانها السنوي 25/11/2009 بث أشواقه كلها بمزيج من أعماله، مرَّ بها على مراحل متعددة من تجربته بمساحات مختلفة شكلها صوت وعود صاحب "قيثارتان"، وفرقته التي ضمت مزيجا آخر بألوان الآلات الشرقية والغربية "غيتار، بنكز، درامز، فيولا، كمان، كيبورد، ناي، بزق، تشيللو بقيادة الفنان "عاصم مكارم".
هذا "القوس قزح" عبَرَ صالة الشهيد "غزوان أبو زيد" الرياضية، فلم يفت على جمهور الفنان "شقير" أن يلتقط كل ما يحرك أحاسيسه الوطنية والعاطفية فغنى معه "لو رحل صوتي ما بترحل حناجركم" و"ما طوّل العصفور" و"يا زهر الرمان"، ثم استمع الجمهور لأغاني جديدة أو مُجددة مثل "نسيم الروح" و"مهما ألمنا يطول" و"ولا يوم جيت بأيدك ورد" وغيرها، فصاحب "ياالجولان" نوّع في أمسيته للابتعاد عن أغاني المرحلة واستغلال الفرصة لتعريف جمهور "رمانة" و"رجع الخي" بأعماله الجديدة، وحفظ أغاني تحمل النفس الملحمي ذاته الذي عُرف إنما بنضوج موسيقي – أوركسترالي أكبر -حسب تعبيره-، لكن الفنان "شقير" لم يحرم جمهوره "بحمص" من "لو يوم تنادينا ياالوطن" و"يالجولان" ختم بهما أمسيته واقفا وملوحا كنجم الأغنية الملتزمة في سورية.
علينا أن نجرب كثيرا ولدينا مساحات كبيرة ولن نقصر باتجاه فتح نوافذ جديدة بموسيقانا للتعبير عن عصرنا
الفنان " شقير" قال لموقع eHoms أنه سُعِدَ بجمهور هذه الأمسية «فحمص معروفة بهواها الفني وعشقها للفنون»، وفي الحديث عن التوزيع الأوركسترالي الجديد لأحد عشر قصيدة للراحل "محمود درويش" شكلت ألبوم"قيثاراتان" آخر أعماله حيث قال: «قيثاراتان هي الذهاب أوركسرتالياً للتعبير العالي للموسيقا، من خلال توزيع موسيقي أنضج وباستخدام أدوات موسيقية أكثر، الفكرة تتحرك نحو آفاق جديدة... في قيثاراتان مزيد من التجريب في مساحات جديدة بالتعبير الموسيقي».
وردا على سؤال "هل التوزيع بهذه الطريقة هو التطور المنطقي للفنان الذي بدأ خطه بعوده وصوته فقط؟ أجاب قائلا: «العمل بهذا الشكل حلم قديم لكن الظروف لم تسمح به إلا مؤخرا، وما حال دون ذلك هو نقص إمكانية الإنتاج، لكن أيضا عبر سنوات العمل الطويلة بين الأغنية والموسيقا التي تشكل الموسيقا فيه حالة حضور يوم بعد يوم في ذاكرة المؤلف وتأخذه إلى حالتها القصوى كتجريد...تأخذه إلى قلب المعاني بدون نص، أحيانا نحن نقارب المبنى الموسيقي بوجود النص لكن اليوم نعمل كمقدمة لتحرير العمل الموسيقي من النص ذاته».
وأضاف: «علينا أن نجرب كثيرا ولدينا مساحات كبيرة ولن نقصر باتجاه فتح نوافذ جديدة بموسيقانا للتعبير عن عصرنا».
الفنان "شقير" اعتبر أن الحالة السائدة في الغناء حاليا هي "الاجترار" و"السرقة": «نحن نفتقر لحالة الإبداع التي تقول مضامين لحظة تعاش أو تحررها عبر أُطر فنية مبتكرة... ما نقوم به محاولة أو في هذا الاتجاه».
ولم يخف أمله في جيل موسيقي شاب: «في سورية هناك بعض التجارب بدأت على صعيد الموسيقا وهؤلاء يلقون الاحترام والتقدير، وأنا أتابع ما يجري على الأرض فهناك محاولة لملامسة الواقع، لكن لا استطيع القول إن الشباب وجدوا الخط الذي يفصح حقيقة عن جمر هذه اللحظة، المحاولة بدأت بالموسيقا والكلمة و"الستايل" لكن ما يغلب عليها هو محاولة إعادة توزيع الماضي أو الذهاب إلى الشكل الموسيقي الغربي، لا نرى محاولات مُقنعة... نحن بانتظار جهد جديد من الشباب وما نأمله بحق أن نسمع جيلا شابا يقول كلمته ويخبرنا موسيقياً بما يشعر ويشعرنا معه بالتفاصيل».
السؤال الذي يُحاصر الفنان "شقير" أينما ذهب هو "هل هناك مستقبل للفن الملتزم" فيجيب: «الفن الملتزم حاضر في كل المجتمعات، قد تكون إحدى تجلياته "بالخندق والثورة" وهذه أغاني تناسب مرحلة ما قد تمر، لكن الفن الملتزم يكرس أدواته لقراءة الواقع والدفاع عن الجماليات ضد قباحة ترتكب بأزمنة معينة وأعتقد أن له بابا واسعا باتجاه المستقبل ففي كل لحظة هناك من يغذي هذا الفن».
الفنان "شقير" يتأهب لعمل موسيقي غنائي جديد بعنوان "مطر خفيف" وهو عمل أوركسترالي قال عنه: " العمل يذهب بتفاصيل انسانيتنا" وسيقدم في 23/12/2009 في دار الأوبرا بدمشق، النص والموسيقا للفنان "سميح شقير".
جدير بالذكر أن الفنان "سميح شقير" بدأ مسيرته الفنية عام /1982/ وأصدر مجموعته الغنائية الأولى "لمَن أغنّي"
عام /1983/، و في عام /1984/، صدر ألبومه الثاني "بيَدي قيثارة" وبعده "حناجركم" /1985/ و"وقْع خطانا"
/1987/ و"زهر الرمان" /1990/. وفي /1998/، أصدر أسطوانة "زماني".
وقدّم الفنان "سميح شقير" عددا من الأعمال للأطفال، فأصدر "تنورة" و"تفاحة" /2001/، و"يا باح ويا باح" /2007/ ووضع موسيقى فيلم "من العين إلى القلب" /2007/.
وكان آخر أعماله المنجزة ألبوم "قيثارتان" "إنتاج "سميح شقير" والتوزيع في لبنان مع "نادي لكل الناس"".