رواد الفن الأوائل في "حمص" كان لهم هذه المرة معرضهم الاستعادي الخاص، الذي أقيم تكريماً لهم في "صالة النهر الخالد" من قبل "لجنة سيدات الأعمال" "بحمص" وذلك مساء يوم الخميس21/1/2010.
فقد عرضت أربعون لوحة للفنانين الراحلين "صبحي شعيب"، و"جوزيف طرابلسي"، و"عبد الظاهر مراد"، و"أحمد دراق السباعي"، واللوحات المعروضة حملت معان تشكيلية مستمدة من الطبيعة الحمصية القديمة التي طبعت فنهم خلال القرن العشرين والذي كان بداية للفن التشكيلي في "حمص".
أما الفنان "أحمد دراق السباعي" فأسلوبه مبسط فيه شيء من التكعيبية والحداثة، وهذا المعرض الاستعادي يحوي لوحات متنوعة ولكل فنان رؤيته الخاصة التي تميز بها
لمعرفة المزيد عن المعرض الاستعادي الأول في "حمص" حدثتنا المهندسة "مها رسلان" رئيسة "لجنة سيدات الأعمال" "بحمص" عن هذه الفعالية قائلة: «أقيم المعرض تكريماً للفنانين الراحلين وهذه مبادرة من "لجنة سيدات الأعمال" بحمص لأننا لا نعنى فقط بالأمور الاقتصادية، ولكن لدينا رسالتنا الثقافية والتاريخية أيضاً.
وهذا النشاط مهم جداً لأنه يعرف جمهور "حمص" على هؤلاء الفنانين الراحلين الذين أطلقوا الحركة التشكيلية "بحمص"، فمعظم الناس لا تعرفهم ولا تعرف أعمالهم، وكثيرون يعرفون "صالة صبحي شعيب" ولكن قلة يعرفون من هو».
من جانبها قالت الآنسة "سوسن خباز" أحد منظمي المعرض: «المعرض هو الأول الاستعادي في "حمص"، وهو من أهم المعارض التشكيلية التي أقيمت حتى الآن في "حمص"، هو ثمرة جهود كبيرة لأن كل هذه اللوحات المعروضة هي لوحات موزعة في "حمص" وخارجها، عملنا على جمعها، لكن بعض اللوحات لم نستطع عرضها لأنها موجودة خارج سورية».
وأضافت: «تعود أهمية المعرض بالدرجة الأولى إلى أن اللوحات المعروضة فيه نادرة جداً، فهذه فرصة كبيرة ليتعرف كل المهتمين بالرسم التشكيلي على رواده في سورية وفي "حمص" تحديداً.
وهذا النشاط هو تكريم لذكرى أساتذة الفن التشكيلي في "حمص" ومعظم الفنانين الموجودين اليوم في المعرض، هم من تلاميذ هؤلاء الفنانين الراحلين».
وللتعرف أكثر على غاية المعرض وعلى الفنانين الراحلين وأعمالهم من الناحية الفنية، التقينا الفنان التشكيلي "بسام جبيلي" الذي حدثنا قائلاً:
«أقيم هذا المعرض لتكريم الفنانين الراحلين الذين أسسوا بأعمالهم الفنية الحركة التشكيلية في "حمص"، ويعتبر خطوة متقدمة جداً، لأنه يحاول نبش تاريخ الحركة التشكيلية في "حمص" منذ بداياتها الأولى مع الفنان "صبحي شعيب" إذ لم يكن للحركة التشكيلية في بداية القرن العشرين هوية واضحة، لذلك بدأت هذه الحركة بالفن الجمالي، لأن الوقت آنذاك كان عصيباً جداً».
وأضاف: «هؤلاء الفنانون الأربعة يعملون بأسلوب راق جداً، لم يكن معروفاً في ذلك الزمن، فقد اعتبروا أن حياتهم مرتبطة بالفن، والرسم كان بالنسبة لهم فناً مصيرياً، فالناظر إلى هذه اللوحات يشعر بأن شيئاً ما يخرج من اللوحة يعبر عن ذات الفنان الراحل، وكأن كل واحد منهم يحدثنا من خلال لوحاته».
وعن طبيعة أعمال الفنانين الأربعة الراحلين يقول "جبيلي": «هناك تفاوت في أعمال الفنانين الأربعة، فالفنانان "صبحي شعيب" و"جوزيف طرابلسي" ينتميان إلى فترة بداية القرن العشرين، أما "أحمد دراق السباعي" و"عبد الظاهر مراد" فهما ينتميان تقريباً إلى فترة منتصف القرن العشرين وما بعد، وهؤلاء اطلعوا أولاً على الفن الأوروبي الذي لم يكن معروفاً في سورية، وخاصة في "حمص" ولم يصل منه إلا المدرسة الانطباعية التي تأثر بها الفنانون الراحلون، ولكن الفنان "جوزيف طرابلسي" هو الفنان الوحيد الذي خرج من الانطباعية والكلاسيكية بأسلوب ذكي ومزج بين العقلانية الكلاسيكية والانطباعية اللحظية.
أما الفنان "عبد الظاهر مراد" فتعتبر لوحاته من الانطباعية المتطورة التي تحوي الجرأة والهجوم على الطبيعة، وكانت أعماله متقدمة وسابقة لعصرها لاحتوائها على روح جديدة مخالفة لذلك الوقت، وهو أول من درس الفن التشكيلي بشكل أكاديمي "بحمص"».
ويتابع "جبيلي": «أما الفنان "أحمد دراق السباعي" فأسلوبه مبسط فيه شيء من التكعيبية والحداثة، وهذا المعرض الاستعادي يحوي لوحات متنوعة ولكل فنان رؤيته الخاصة التي تميز بها».
وأضاف: «ولتكريم هؤلاء الفنانين الأربعة أيضاً صممنا كتاباً يضم سيرة حياتهم، ويحوي عدداً من لوحاتهم، عملت على تصميمه وإخراجه بالتعاون مع "لجنة سيدات الأعمال" بحمص و"صالة النهر الخالد"».
كثيرون من الفنانين في "حمص" تأثروا بالفنانين المكرمين في المعرض، ومنهم من تعلم الرسم التشكيلي على أيديهم كالفنان "رشيد شمة" تلميذ الفنان الراحل "صبحي شعيب" الذي حدثنا عنه قائلاً: «يعتبر الفنان "صبحي شعيب" من أوائل الفنانين التشكيليين في سورية و"حمص"، وقد ساهم في وضع وترسيخ الحركة التشكيلية وتطورها، لأنه علّم الكثير من الرسامين التشكيليين، وكان له فضل كبير في الحالة التشكيلية التي وصلنا إليها اليوم فقد كان رائداً في كل شيء».
وعن لوحات الفنان الراحل "صبحي شعيب" قال: «هذه اللوحات المعروضة مستمدة من الطبيعة الكلاسيكية، ولكن الفنان وضع كثيراً من لمساته الفنية فيها كما أبدع الفنان بأنواع الرسم الزيتي والمائي والغواش وكانت له تجربة فريدة في النحت على الرخام فأعماله كانت في ذلك الحين مميزة وسابقة لعصرها.
وأحدث اللوحات المعروضة هي لوحة غير منتهية رسمت في عام /1974/، وباقي اللوحات رسمت في الثلث الأول من القرن العشرين، وتعتبر من اللوحات القيمة جداً في "حمص"، وأنا كتلميذ للفنان الراحل "صبحي شعيب" أحفظ لوحاته في بيتي أمانة عندي، سأسلمها فيما بعد إما لأولاده الذين يسكنون في الولايات المتحدة الأميركية أو سأسلمها لمتحف "حمص"».
يشار إلى أن "المعرض الاستعادي" الأول في "حمص" مستمر حتى تاريخ 1/2/2010.