«نحن نتذمر من المجتمع القامع، فأنا جزءٌ من هذا المجتمع وعليَّ أن أكسر القاعدة لخلق قاعدة أخرى»، بهذه الكلمات خاطبت الآنسة "نورا مراد" المديرة التنفيذية لفرقة "ليش" الحضور الذي تابع عرض "ألف مبروك" بكل لهفة والذي سعت فيه "مراد" إلى كسر القوالب الجامدة والتمرد.
ففي صالة مكتب التعليم الديني في مطرانية الروم الأرثوذكس بحمص يوم الثلاثاء 27/7/2010 خطفت الإضاءة المتمردة الأنظار، والموسيقا المسامع، فكان عملاً بكل تفاصيله «يجذب الحواس كلها ويحفزها» بحسب تعبير "مراد" التي تحدثت لموقع eHoms عن فرقة "ليش" المسرحية التي قدمت العرض: «فرقة "ليش" هي فرقة مسرحية تختص بالمسرح الحركي تأسست عام 1999. الأعضاء الأساسيين في الفرقة هم أنا "نورا مراد": مصمم حركة، "ديمة أورشو": مؤلفة موسيقية، "شادي علي": مؤلف موسيقي، "رضوان طالب": كاتب سيناريو.
ليس العرض هو الهدف الرئيسي للمشروع، بل تطوير القدرات والبحث والكشف عن الأخطاء، بناء القدرات وتبادل الخبرات لذلك استضفنا السيد "پاسكال جيلي" وهو مشرف تقني لفرقة "جانتيه" الفرنسية والسيد "نيلز لانز" وهو مصمم صوت لفرقة "for sight" الألمانية للاستفادة من خبراتهم تحديداً على مستوى المؤدي والتقني
بدأت الفرقة أعمالها مع كادر ثابت من الممثلين، قدَّمنا في العام 2000 العرض المسرحي "بعد كل هالوقت" الذي حصل على جائزة أفضل سينوغرافيا في مهرجان "القاهرة" الدولي لعام 2000، ثم أقمنا بعده عدة دورات في المركز الثقافي الفرنسي، وشاركنا معهم في بعض العروض، وفي العام 2003 بدأنا العمل خارج المسارح مع عرض "مع أحلك الأوقات" في "حمام فتحي" وبين العامين 2004 – 2006 عملنا بمشروع للأطفال بناءً على الرواية الألمانية الشهيرة "مومو" في تجربة للمسرح التفاعلي، لطلاب الصف الرابع فعرضنا 150 عرضاً في مدارس الأونروا أخرجنا بعده قرصاً مضغوطاً سمعياً بنفس العنوان للأطفال الأكفاء، ثم قمنا بدبلجة فيلم الأطفال ذي نفس الاسم وعن نفس الرواية. في العام 2006 بدأنا مع المشروع الذي أوصلنا إلى هنا مشروع "هويات" وهو مشروع بحثي حول الطقس الاجتماعي الديني في العالم العربي، كان من عروضه في العام 2008 "إذا ماتوا انتبهوا"، وفي العام 2009 "ألف مبروك" وهو العرض الذي قدمناه اليوم، وفي العام 2011 إن شاء الله "الولادة"».
وعند سؤالنا عن العرض الذي تم تقديمه اليوم "ألف مبروك" قالت: «تم العرض برعاية ودعوة كريمة من سيادة الميتروبوليت "جاورجيوس أبو زخم" مطران "حمص" للروم الأرثوذكس وذلك على عرضين الأول الساعة الثامنة والثاني الساعة التاسعة والنصف مدة العرض 45 دقيقة وهو يستهدف شريحة الشباب، نبحث فيه آلية التعامل الآن وهنا مع مفهومي الذكورة والأنوثة في طقس الزواج.
يصنَّف هذا العمل في نطاق المسرح الحركي الذي يقع في المساحة الوسطى بين المسرح التقليدي والرقص المعاصر يعتمد على الحركة والإضاءة والموسيقا، هذا العرض صامت، ولكن أحياناً نعتمد على الكلمة ففي مشروع هويات بشكل عام الكلام قليل بسبب استخدام الطقوس فهي تغني عن الكلام، فنحن نترك للمتلقي فهم التفاصيل من تجربته الشخصية، مع أننا نرسم له حدود المشهد والفكرة فيكون العرض قالباً لفكرة عميقة تخاطب روح المتلقي وتجربته الشخصية لا فكره فنحن نستفز خبرته أكثر من عرض خبرتنا».
أما عن فلسفة فرقة "ليش" ومشروع "هويات" فقالت: «ليس العرض هو الهدف الرئيسي للمشروع، بل تطوير القدرات والبحث والكشف عن الأخطاء، بناء القدرات وتبادل الخبرات لذلك استضفنا السيد "پاسكال جيلي" وهو مشرف تقني لفرقة "جانتيه" الفرنسية والسيد "نيلز لانز" وهو مصمم صوت لفرقة "for sight" الألمانية للاستفادة من خبراتهم تحديداً على مستوى المؤدي والتقني».
وعن تمرد "نورا مراد" قالت: «التمرد ليس هدفاً، فلدي الكثير من الأسئلة أريد أجوبة عنها، أنا أعشق مشاركة الناس لكوني ممثلة مسرحية فالمسرح هو المكان الأكثر حرية، لدي الكثير لأقوله ولأشاركه مع الآخر. أما عن تمردي فليس بمعنى الخروج عن الطاعة وكسر الطوق فأنا سليلة عائلة فنية بامتياز فوالدي- رحمه الله- كان ناقداً سينمائياً ووالدتي مخرجة سينمائية وأنا مخرجة مسرحية وأتابع مسيرتهم الفنية مع أني أختلف كثيراً معهم بطريقة الطرح والإخراج وخاصة مع والدتي لكونها تسهم وباحترافية في نقد أعمالي من بدايتها، وأنا أثق برأيها كثيراً لأنه رأي محترف على الرغم من اختلافنا الشديد في الأفكار».
السيد "فادي عطية" أحد الحضور ومهتم بالشؤون الفنية حدثنا عن رأيه بالعرض بالقول: «تقدم "نورا مراد" وفرقة "ليش" عرضاً راقصاً غير تقليدي فيه عدة فضاءات وللمرة الأولى ينتقل المشاهد مع العرض وذلك منعاً للتضجر وزيادة في التفاعلية مع العرض، العرض يطرح الكثير من الإشكاليات والموروثات في الطقوس الشرقية وهنا في طقس الزواج، فمن أهم الموروثات التي يطرحها مفهوم الدائرة في الدبكة فهي مفهوم كوني فالبداية هي النهاية، كما يطرح فكرة الزواج الذي يدور في دائرة أيضاً فحتى المثقفون والمتعلمون عند طرح فكرة الزواج يعودون إلى العقلية القديمة التقليدية، فالعنوان هنا "ألف مبروك" تهكمي بامتياز يرصد الطقوس المرافقة للزواج والبعيدة كل البعد عن كنهه الحقيقي، كما أنه يستخدم حركة ضرب الرجل بالأرض الذي يشير من ناحية أو من أخرى إلى عمق الارتباط والانتماء لها، كما أن الحركات الموحدة بين الشاب والفتاة في العرض كما في الدبكة هو عودة لموروثنا القديم الذي يساوي الرجل بالمرأة في الحقل والمنزل والذي دخل عليه الكثير من التأثيرات الخارجية التي حوَّلت الحكم في المنزل إلى حكم فردي تعسفي».
فلعل عملاً كهذا وجهوداًَ كهذه لا تبوء بالفشل بل تعمل على إنهاض النائمين للتمرد (لتعمل شي).