لا يخلو بيت من بيوتنا من لوحة ما، وإن مرّ أحد بقرب حائط فارغ يحسّ بنقص معين، ويسارع إلى تعليق ما يزينه ويزرع فيه الحياة، وحتى إذا عدنا إلى زمان الأقدمين سنرى أنهم رسموا بأيديهم لوحات تضّج بصور وتفاصيل تعكس حياتهم اليومية وتجاربهم الكثيرة، وفي عصرنا الحالي تشتهر المدن بمعارضها وتتنافس بعرض مقتنياتها من اللوحات والأعمال الفنية القديمة والحديثة.
ومدينة "حمص" الهادئة هي كغيرها من المدن التي تضمّ الكثير من المواهب الفنية الرائعة ومع إحداها التقى موقع eHoms الشاب "فادي الحلواني" في منزله الواقع في حي "النزهة"، "بحمص"، مساء يوم الجمعة (5/9/2008).
مدينتنا "حمص" هادئة وتتميز بهذا عن مدن القطر إلاّ أنها تضّم جمهوراً فنياً كبيراً ومتذوقاً للفن ولا سيما من فئة الشباب وهي تستحق مزيداً من الدعم في هذا المجال وتوفير مراكز متخصصة لتعليم الرسم وصالات عرض ومراسم تجعل المواهب تتفتح، والرسامون "السوريون" يثبتون يوماً عن يوم أهمية أعمالهم في العالم، وأنا أطمح أن أكون واحداً منهم وأستاذاً كفوءاً لمثل هذه المواهب
ومن داخل الغرفة الصغيرة التي تحوّل قسم منها إلى مرسم كان حديثنا التالي مع "فادي": «الرسم كان حلماً طرأ على مخيلتي في فترة من فترات صغري وغاب مدّة ليعود من جديد ويستقر ويصبح هدفاً أسعى إلى الاحتراف فيه، فأنا أذكر أني رسمت أول لوحة لي في السابعة عشر من عمري وحاولت أن أبدع فيها قدر الإمكان واستغرقت في رسمها حوالي الشهر، لكنني وبطريقة ما نفرت منها ورميتها وأحسست أنها بعيدة عن أصول الفن، وبعد نيلي للشهادة الثانوية ودخولي إلى "المعهد الصحي" لمتابعة الدراسة، عدت والتحقت بدورات الرسم التي تتبع في "نقابة الفنون الجميلة" المعروفة باسم "صبحي شعيب" وكل دورة تستمر مدّة ستة أشهر.
ولكن بعد تخرّجي من المعهد وإنهائي للدورات أحسست أننّي بحاجة لتعلم الرسم بشكل أكاديمي، فتقدمت لامتحان البكالوريا من جديد ودخلت قسم الفنون الجميلة وأنا الآن أستعد لإعداد مشروع التخرج والذي أطمح لأن يكون عملاً له بصمة مميزة».
"حروف وألوان"...
تابع "فادي" حديثه قائلاً: «معارض عديدة شاركت بها وأول مشاركة لي كانت سنة (2005) وقدمت فيها لوحتي الأولى في صالة "صبحي شعيب" لأشترك بعدها بلوحتين في السنة التالية بمعرض أقيم في نفس المكان، ومن ثمّ في معرض أقيم بالمركز الثقافي للمواهب الشابة وشاركت فيه بلوحة واحدة أيضاً.
أما "حروف وألوان" الاسم للمشاركة الأخيرة حتى الآن (2007)، في صالة المعارض لكلية "الهندسة المعمارية" وهو معرض مشترك بيني وبين زميل لي في الكلية الشاب "فادي العويد" وضمّ حوالي ثلاثين لوحة، شاركت فيها بنمطي الرسم الذي أتبعهما حالياً (الرسم التجريدي والطبيعة الصامتة) وأكثر ما أحبه منهما ومن أساليب الرسم عامة هو "الرسم التجريدي" وأعتبر أن الطبيعة الصامتة هي مجرّد تدريب بالنسبة لي، ذلك لأن كل شيء في الحياة له من التجريد نصيب ولكل شخص حتى وإن كان اجتماعياً، والصعوبة تكمن في أن تكتشف المجرّد في الأشياء وتظهر جماليته بشكل يجذب المشاهد ويشدّه دون أن نهمل اللوحة وكتلتها والتفاصيل الموجودة داخلها، وهذا ما يحدث في الطبيعة الصامتة أيضاً فعين الرسام مثلاً تركز على جزء معين من تمثال يقف أمامه وتعكس تفاصيله دون أن تنسى الأجزاء الأخرى، وهذان الأسلوبان يعتمدان على الألوان الزيتية "الغواش" و"المائي السميك"».
لكل موهبة مكتشف وراعٍ ومثل أعلى وعن هذا أضاف "فادي": «"فان كوخ"،"رامبرانت" أسماء عريقة في الفن وهي تثير إعجابي إلا أن أكثرهم إثارة لفضولي وتحفيزي هو الفنان الاسباني المشهور"غويا" فله طريقته التعبيرية في إثارة السخرية من تقاليد وعادات وأساليب سخيفة متبعة في مجتمعه، وإعطائها صورة فنية معقّدة وبسيطة في ذات الوقت أي ما يدعى "بالكابريات" بالإضافة لمجموعته "النزوات"،وهذا ما أريد أن أعمل عليه ولكن بصور تطبق على مجتمعي وواقعي، هذا كان من أسماء الفن أما أستاذي الذي أكن له كل فضل لتشجيعه لي سواء في دراستي في معهد "صبحي شعيب" أو في دراستي الأكاديمية الرسّام المعروف "غسان نعنع"».
وفي ختام الحديث أضاف: «مدينتنا "حمص" هادئة وتتميز بهذا عن مدن القطر إلاّ أنها تضّم جمهوراً فنياً كبيراً ومتذوقاً للفن ولا سيما من فئة الشباب وهي تستحق مزيداً من الدعم في هذا المجال وتوفير مراكز متخصصة لتعليم الرسم وصالات عرض ومراسم تجعل المواهب تتفتح، والرسامون "السوريون" يثبتون يوماً عن يوم أهمية أعمالهم في العالم، وأنا أطمح أن أكون واحداً منهم وأستاذاً كفوءاً لمثل هذه المواهب».
"فادي" من سكان مدينة "حمص" مواليد (16/5/1985)، له مواهب فنية أخرى كالسباحة، الاستماع للموسيقا "الكلاسيكية" و"الجاز" والعزف على "البزق" بشكل محترف أيضاً».