بالعلم والمثابرة استطاعت الشابة "رنيم دليلة" أن تشق طريقها في عالم الغناء مبكراً، فبنْتُ الثلاث وعشرون عاما خريجة كلية التربية الموسيقية ركبت الموجة الصعبة باختيارها الغناء الأوبرالي وإصرارها على المتابعة به مع الحفاظ على هوية صوتها الشرقية موقع eHoms التقى الفنانة "دليلة" للحديث عن تجربتها الغنائية ورؤيتها لهذا النوع من الغناء في "حمص" وكان هذا الحوار:
*لنبدأ من آخر أعمالك لقد غنيتي مع "سداسي حمص" الوتري في تجربة جديدة نوعا ما ماذا تحدثينا عنها؟
بالنسبة لي ليس لدي فاصل، يقولون لك الغناء الشرقي من الحنجرة والغربي يحتاج لتنفس من البطن، أنا لا أقول أن هناك غناء شرقي وآخر غربي بل هناك غناء صحيح وغناء خاطئ الصوت له شخصية واحدة
**«بالفعل هي تجربة جديدة للغناء الأوبرالي مع أوركسترا لأنه من المعتاد أن يقدم هذا النوع من الغناء بحمص مع آلة سولو والبيانو غالبا، لكن مع الفرقة تختلف أحاسيس المغني من خصوصا هذه المجموعة من الوتريات التي تتميز بالتقنية والتكنيك العالي، وهذا شي ساعدني وأعطاني دافعا لأقدم كل ماعندي».
*لكن ربما الغناء مع آلة واحدة أصعب أليس كذلك؟
**«كل شيء له صعوبته وجماليته بذات الوقت، أحيانا المغني يؤدي قطعة واحدة مع فرقة لكن الجمهور لا يرى سواه ويعتقد أنه البطل بالوقت الذي تكون الفرقة هي الأساس الداعم للمغني ووجود هكذا سداسي يعوّد الناس تقديم الموسيقا الكلاسيكية ليس منحصرا على فرق آتية من دمشق».
*آنسة "رنيم" نعلم جميعا أن الغناء الأوبرالي يتيح فرصة للمغني على تعلم لغات مختلفة ماذا يضيف لك هذا لأمر؟
**«موضوع اللغة يبدأ مع أول سنة دراسية، في البداية يتم تحفيظنا القطع الموسيقية كما هي، لكن بجهود ذاتية يعمل المغني على القواعد اللغوية وتطوير نفسه، أنا حاليا ربما لا استطيع تكلم اللغات الأجنبية التي أؤدي بها بشكل كامل لكن لدي ثقافة عامة بها، وحفظت العديد من المصطلحات وهي كافية ليصبح سهلا علي تعلم الايطالي أو الألماني، خصوصا أننا نغني الأوبرا بكلمات شعرية صعبة كما تعلم».
** «هذا موضوع يحتاج لعمل كبير، فالأحاسيس مختلفة... عندما تعلمت الغناء كنت أؤدي بشكل جيد لكن بقي الإحساس مفقوداً نوعاً ما، الأمر يحتاج لفترة حتى يتعود المغني على إلغاء العُرَبّ مثلا وإظهار التقنية على حساب التطريب، وتراكم الغناء وثقافة المجتمع الذي تغني بلغته تسهل الأمر عليك، ومن المفيد أن نعلم أن كل مؤلف له أسلوبه فشوبيرت يختلف عن موزارت، و رحمانينوف مثلا يقترب ما يكتبه من الإحساس الشرقي. أما بالنسبة لشوبيرت وموزارت أعمالهما السهل الممتنع فقطعهم تقدم مع المبتدئين لكن بذات الوقت كل سنة يجدون فيها شيء جديد».
*هل تشعرين باختلاف كبير بين الغناء الشرقي والأوبرالي من حيث طريقة الغناء والأحاسيس؟
**«بالنسبة لي ليس لدي فاصل، يقولون لك الغناء الشرقي من الحنجرة والغربي يحتاج لتنفس من البطن، أنا لا أقول أن هناك غناء شرقي وآخر غربي بل هناك غناء صحيح وغناء خاطئ الصوت له شخصية واحدة».
**«أمر صعب ويحتاج لوقت كبير لكن لم لا؟ بالتدريب وتخريج طلاب أكفاء يمكن ذلك حاليا ليس لدينا كفاية من الأصوات بحمص، غناء الأوبرا باللغة الغربية أمر صعب لأنه يحتاج لحروف ممدودة، مثلا الإيطالية مريحة جدا والألمانية كذلك لكن يمكن أن نركب كلمات أجنبية على لحن شرقي أعتقد أنها ستكون تجربة فريدة ومزيجا غريبا ونادرا».
*اخترت الموجة الصعبة بالغناء الأوبرالي منذ بدايتك وأنت تعلمين أن هذا النوع ليس له شعبية كبيرة في منطقتنا؟
**«كنت أفكر بتطوير نفسي والبحث عما أفتقده صوتي، فالخامة الشرقية موجودة بطبيعة الحال وقدمت كثير من الأغنيات العربية قبل تخصصي بالغناء الأوبرالي، لكن أريد أن أؤكد لك أن الموسيقا كما يعلم الجميع هي لغة العالم فلا شيء غربي ولا شيء شرقي... حتى الموسيقا الشعبية لا يجب أن تفصل في الخارج نجد الموسيقا الشعبية تعاد توزيعها».
*هل شجعك المحيط الذي حولك على الغناء بشكل عام والغناء الأبورالي بشكل خاص؟
**«أهلي شجعوني على الغناء فعائلتي تعيش أجواء الموسيقا وأنا وأخوتي حفظنا أغاني لأم كلثوم عن صوت أمي، كما تعلمت العزف على العود من عمر التسع سنوات وبدأت بنادي دار الفنون للتراث حيثي حفظت الموشحات والمقامات».
*حاليا تمارسين التدريس في الكلية والغناء بأي منهما ترين نفسك أكثر؟
**«بصراحة أرى نفسي بالتدريس لأني أحقق به عدة فوائد فأنا أتحاشى الأخطاء التي كنت أقع فيها عندما كنت طالبة، إضافة إلى أنني أحقق ذاتي بعدة مشاريع أنفذها مع طلابي وأتوسع بالمنهاج بطريقة علمية وتقنية لا يوجد مناهج معترف عليها في الكلية للغناء لذا فالأمر يحتاج لبحث فأقوم بتنزيل المراجع باللغة الانكليزية والبحوث التي تتعلق في تشريح الحنجرة والحبال الصوتية والأداء الاحترافي بالغناء الأوبرالي».
يذكر أن المغنية "رنيم دليلة" من مواليد "حمص" /1987/ حققت المرتبة الأولى على دفعتها في كلية التربية الموسيقية عام /2009/، وغنت مع عدد من الأوركسترات الشرقية والغربية في الكلية وفي عدة تشكيلات موسيقية "بحمص"، وتنتظر حاليا بعثة الدكتوراة.