«تجربة شعرية معنية بالبوح الإنساني تستلهم أبعادها من خلال الغوص المتأني في الواقع المتأزّم بانكساراته وتحولاته دون أقنعة أو مزاودة أو متاجرة بقصيدة لا تدرك مهمتها في تحريك داخل المتلقي من أجل اكتشاف ذلك الواقع وتعريته».
هذا ما ذكره الناقد "محمد غازي التدمري" في مقدمة إحدى المجموعات الشعرية للأديب والشاعر الحمصي "محمد عبد الغني الأتاسي" الذي زرناه في منزله بتاريخ (15/2/2009) وتعرفنا على تجربته مع الشعر ومع القصص الشعبية التي يكتبها.
أحمل في نفسي مجموعة من الآراء الفكرية والفلسفية في الحياة والإنسان، أسعى لإيصالها إلى القارئ وتعريفه بها، إضافة إلى أن نشري لهذه المجموعات هو من جهة متابعة لرسالة جديّ المرحوم الشاعر "مختار الدروبي" الذي له ديوانان مطبوعان، وتم تكريمه وإدراجه مع الشعراء الحمصيين ضمن معجم مؤسسة البابطين
عن البدايات تحدث الأديب "الأتاسي" بالقول: «كنت في الحادية عشر من العمر عندما كتبت أول قصيدة لي بعنوان (الموت) وذلك في عام /1954/، وكتبت عدّة قصائد أخرى دون أن أعرف قواعد الشعر وأسسه. وبعد بضع سنوات اشتريت كتاباً لتعلم العروض وبدأت أتعرف باجتهادي الذاتي على بحور الشعر وكيفية نظم القصائد، التي كنت أستلهمها من طفولة قاسية بعض الشيء كوني عشتها يتيم الأب، وبنفس الوقت كانت هذه القصائد تلقى بعض التشجيع من أساتذتي في المدرسة. والشيء الأهم أنني كنت أقرأ أي كتاب يقع بين يدي، خاصة كتب أخي الذي يكبرني والتي كانت تهدى له نظراً لتفوقه الدراسي واجتهاده».
ويتابع بالقول: «بعد حصولي على الثانوية العامة (الفرع الأدبي) سجلت في قسم الفلسفة لكن عائلتي أرادتني أن أدرس الطب في فرنسا وبالفعل سافرت لكنني لم أكن أرغب بهذه الدراسة وحتماً كانت النتيجة سلبية، فحوّلت دراستي من الطب إلى الأدب الفرنسي ومن ثم تابعت دبلوم الدراسات العليا في الأدب العربي وعندما تخرجت عدت إلى مدينتي "حمص" وعاودت ممارسة الشعر مستلهماً إياه من نبض الحياة والواقع المعاش».
وعن رؤيته للكتابة الأدبية عموماً وللشعر خصوصاً ومدى أهميته بالنسبة له قال "الأتاسي": «الكتابة تعطيني شعوراً بالارتياح في كل الأوقات، وتجعلني أعبّر أصدق تعبير عما يجول في نفسي من حزن وفرح وغضب. أما الشعر فهو حياتي التي أعيشها وأستمر بها، فأكثر قصائدي وجدانية تعبّر عن الذات الإنسانية بكل شفافية وهناك العديد من القصائد الناقدة لصور من الحياة الاجتماعية، وإلى اليوم نشرت مجموعة قصصية، ست مجموعات شعرية، إضافة إلى ثلاث مجموعات شعرية تمت الموافقة عليها وهي قيد الطبع».
وعن مجموعته القصصية التي أسماها (حكايات منسية) يقول: «يضم هذا الكتاب مجموعة من الحكايات الشعبية والأقوال والأمثال التي تلخص تجارب بعض الشعوب. فهذه الحكايات منها ما أخذته منأفواه الناس والرواة، ومنها مما قرأته في الكتب، فجسدتها في قصص قصيرة، مثّلت ذاكرة عدد من الناس وصورت أجزاءً من حياتهم اليومية ومعاناتهم، لإيصال رسالة عن الحياة وقيمها الإنسانية».
وحول الهدف الذي يتمنى أن يصل إليه من خلال مجموعاته الأدبية قال "الأتاسي": «أحمل في نفسي مجموعة من الآراء الفكرية والفلسفية في الحياة والإنسان، أسعى لإيصالها إلى القارئ وتعريفه بها، إضافة إلى أن نشري لهذه المجموعات هو من جهة متابعة لرسالة جديّ المرحوم الشاعر "مختار الدروبي" الذي له ديوانان مطبوعان، وتم تكريمه وإدراجه مع الشعراء الحمصيين ضمن معجم مؤسسة البابطين».
وخلال زيارتنا له قرأ لنا الأستاذ الشاعر "محمد عبد الغني الأتاسي" مجموعة من قصائده الشعرية نقتطف منها:
أبيت أنعت أقراني بما كرهوا
لأن جل مزايانا هو الشبهُ
وأنّ من يتحرى ذم صاحبه
ليبلغ المجد من أسمائه السّفهُ...
وفي قصيدة أخرى يقول:
بسيط منبت الإنسان والأيام تغزلهُ
فينمو كيفما يخطو يعاني وخزة الإبرِ
فهل للعقل أبواب تغلّق كيفما نبغي؟
وهل للقلب أسوار تحصّنه من القدر؟...
جدير بالذكر أن الأديب "محمد عبد الغني الأتاسي": عضو في رابطة الخريجين الجامعيين، وعضو في اللجنة التنظيمية للمنتدى الأدبي الثقافي في فرع اتحاد شبيبة الثورة. له ست مجموعات شعرية مطبوعة هي: (لو مات شعري - دعابة الدهر - الحلم الرمادي- سكنت القمر – زمان المرايا – شوكة الشاعر)، وله ثلاث مجموعات قيد الطبع هي: (رحلة في معالم ليلية – صحائف بيضاء – اغتسال بالحصى)، وله أيضاً مجموعة قصصية بعنوان (حكايات منسية)، إضافة إلى كتابين مترجمين عن اللغة الفرنسية هما:(حِكم "لاروشفوكول"، وكتاب السجاد)، بالإضافة إلى إعداده قاموساً (فرنسي – عربي) صادر عن دار الإرشاد بـ"حمص".
تم تكريمه من قبل مؤسسة البابطين للإبداع الشعري وورد ذكر نبذة عن حياته ودراسة أدبية لشعره في معجم البابطين كأحد أبرز الشعراء الحمصيين المعاصرين.