"بدر عبود" شاعر انصهر في بوتقة الشعر والشعراء، وكرّس حياته لقراءة الشعر العربي، والتغني بالوطن والمرأة والطبيعة في كثير من قصائده، وآثر أن يسمّي أبناءه الأربعة على أسماء شعراء عظماء أحبهم وشغف بشعره. ولشدة حبه لبلدته التي نشأ فيها عرفنا عن نفسه في بداية لقائنا به قائلاً:
«أنا من ريف محافظة "حمص" من بلدة "رباح" في جبل القصير، التي بناها الأجداد في سفح ذلك الجبل العظيم الذي لا أطيب من هوائه ولا أعذب من مائه، ولا أجمل من أشجاره، فيه الكرمة والتفاح وأجمل ما خلق الله من الغار والسرو والبلوط، هنا ولدت ونظمت الشعر صغيراً».
أنا من ريف محافظة "حمص" من بلدة "رباح" في جبل القصير، التي بناها الأجداد في سفح ذلك الجبل العظيم الذي لا أطيب من هوائه ولا أعذب من مائه، ولا أجمل من أشجاره، فيه الكرمة والتفاح وأجمل ما خلق الله من الغار والسرو والبلوط، هنا ولدت ونظمت الشعر صغيراً
وعن أبرز المواضع التي يتطرق إليها في شعره قال "عبود": «شعري يقسم كما جاء في مقدمة ديواني (خمور الأندرين)، إلى قسمين أساسيين: المرأة ثم الوطن، فللمرأة حب وانجذاب لدرجة الانصهار، وللوطن فداء وتضحية لدرجة الموت، هذان القسمان أخذا المساحة الكبرى من شعري وحياتي، وهناك قصائد أخرى كثيرة منها اجتماعية وإنسانية وأخلاقية.
فمن القسم الأول يمكن أن أقتطف لكم من قصيدة (في اللقاء مع الحبيبة):
سدرة المنتهى أفاءت علينا
وأسالت نسيمها وعطوره
لك أرجوحة تهز بها فينوس
ما بين أغنيات مثيرة
فرش الحب تحتنا جانحيه
ورمى فوقنا السلام حريره
صهرتنا أشواقنا الحمر حتى
لا يمٍيز العشير عشيره
ومن القسم الأساسي الثاني في شعري وأنا في لهفة اللقاء مع فلسطين أقتطف:
على فلسطين من أجسادنا مزق
ما ضمها في ثرى الأجداد حفار
والوحش بين قباب الله يهدمها
هدماً فآضت وما في الدار ديّار
عيناي عن شُرف الأردن أوغلتا
صوب الجليل ودمع العين مدرار
جاءت نسائم أرضي كي تعاتبني
ويلاه هل لي إذا عوتبت أعذار
لا نمت إن لم أنب في عبّ دالية
غرستها بيد في كفّها الثار».
لقد ملأ شعر "بدر عبود" الحياة بكل نواحيها ومناصيها، فعن صدى هذا الشعر يحدثنا قائلاً: «لقد نشرت الكثير من شعري في جريدة حمص والعروبة والثقافة الدمشقية، والعديد من المجلات وجرائد الوطن. وعلى المنابر ألقيت الشعر في أكثر المدن السورية في "حمص" و"دمشق" و"درعا" و"اللاذقية" و"جبلة" وفي كثير من الأرياف. كما أجريت معي العديد من اللقاءات الصحفية والإذاعية والتلفزيونية، في سورية وفي الأردن، تحدثت فيها عن تجربتي الشعرية».
وفي كلمة أخيرة ختمنا فيها اللقاء قال الشاعر "عبود": «الحمد لله، بالرغم من تجاوزي سن السبعين، أرى أنني لم أزل في نشاطي الشاعري إلى اليوم، وأشعر أن الطموح لدي نحول الأفضل لا زال مستمراً، لأن الشاعرية لا تعرف حدوداً للعطاء وفي حوزتي الكثير من القصائد الجديدة غير المنشورة، ولدي مشروع نشر مجموعتي الثانية قريباً إنشاء الله، وربما كان يجب أن يحصل ذلك منذ سنوات، لكنّ للأسف الأمور المادية تعثر في غالب الأحيان تنفيذ هكذا مشروع».
الجدير بالذكر أن الشاعر "بدر عبود"، من مواليد عام /1937/، حاصل على إجازة في اللغة العربية من جامعة "دمشق" عام /1964/. صدر له عن اتحاد الكتاب العرب عام /1974/ ديوان (خمور الأندرين)، الذي يتضمن حوالي (185) قصيدة شعرية. عمل "عبود" في حقل التربية والتعليم، فدرّس أكثر من سبع سنوات في ثانويات "حمص" نذكر منها (رفيق رزق سلوم، الفارابي، دار المعلمين). كتب عنه وعن شعره في مقالاتهم وكتبهم عدد من أدباء العصر، نذكر منها كتاب (من أعلام "حمص") للأستاذ "محمد غازي التدمري" وكذلك معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين. الشاعر "بدر عبود" متزوج ولديه أولاد أربعة: "تمّام" و"جرير" و"عروة" وبثينة"، هذه التسميات كما أخبرنا تدل على انصهاره الكامل في بوتقة الشعر والشعراء.