"يخيّلُ لي أنّني جسدٌ عجنته عطورُ النّساء
فأسّس من نفسه أمة الياسمين
لقد كانت متعة كتابة هذا الكتاب متعة لا تفوقها متعة، ولا سيما أنّني أجرّب منذ فترة لا بأس بها إيجاز النص الشعري إلى أصغر حجم له، في تحدّ جماليّ للغة والصورة والأسلوب... هي جزء من مغامرة الاقتصاد اللغويّ في القصيدة...
وليس لديها شعارٌ ولا حرس
وليس على بابها غيرُ أفْق
ينادي على العابرين:
قفوا ليلة ثم سيروا
فما فازَ بالوقتِ إلا الطّيورُ".
ذلك كان أحد المقاطع الشعرية من ديوان "يخيل لي" للشاعر "محمد علاء الدين عبد المولى" الصادر حديثا عن اتحاد الكتاب العرب.
"عبد المولى" بافتتاحيّته الموحدة لكل القصائد "يخيل لي" يفتح باب الومضة الشعرية على مصراعيه ويوغل في فضاء خيالي مفتوح على اللازمان واللامكان:
" يخيّل لي أن تضيع حواسي
لألتذّ باللازمان وباللا كلامْ
وأدخل في الرّيح دون جناح
ويحملني الحلم دون منام ".
يتحدث "عبد المولى" لموقع eHoms عن ديوانه الجديد فيقول: «لقد كانت متعة كتابة هذا الكتاب متعة لا تفوقها متعة، ولا سيما أنّني أجرّب منذ فترة لا بأس بها إيجاز النص الشعري إلى أصغر حجم له، في تحدّ جماليّ للغة والصورة والأسلوب... هي جزء من مغامرة الاقتصاد اللغويّ في القصيدة...».
رغم الفاصل الرقمي بين المقطوعات الشعرية في "يخيل لي"، إلا أن اتصال السراديب النفسية التي تلوح بين مقطع وآخر بحبر سري لا يجيدُ تدوينه إلا قلة من الشعراء، يظهر لك أحيانا في معان قد تبدو بسيطة، لكنها محاصرة بالوعي المكثف الذي يميّز نتاج الشاعر والناقد "عبد المولى" ويقول: « "يخيّل لي": هو ديوان عبارة عن تجربة فنية وجمالية جديدة في سياقِ كتابتي العشرية، حيث جرّبت هنا القصيدة الطويلة المجزأة على عدد كثيف من القصائد القصيرة المرتبطة بعضها ببعض، بصورة تضمن وحدة المناخ الفني بالدرجة الأولى، مع تنويعات قدر الإمكان في الموضوعات والرؤى والتخيلات»...لكنه يقارب في بعض تخيلاته أشخاص تركوا أثرا ليس على تجربته الشعرية فقط بل في حياته العادية أيضا بالموسيقا والشعر والصداقة كشاعر صديق له يدعى "أنطون يعقوب" يكتب له مقطوعة،
و أخرى إلى الموسيقي العالمي الشهير "ياني" يقول فيها:
"يخيّل لي أنّ ياني يجرّدني من حدود المكان
ويشعل جسدي صدمة البحر بالجزر النائية،
هو المتحدّر من كلّ لون وصوت
يعمر من أي صوتين في غابة الذكريات مقاما جديد".
يقول "عبد المولى" أن عمله الشعري هذا كُتب بين 15/7/2005 و 10/9/2005 أي في غضون شهرين كثف العديد من الصور الشعرية منها الفلسفي الصرف:
"يخيل لي أن يوم القيامة تحت الوسادةْ
وأنّ الذي أنشأ الخلق أوّل مرةْ
سها عن عقابي
فأوجعني بانتظار القيامةْ".
ومنها الواقعي أو المعاصر "إن صح التعبير"، فمثلا يتخيل الشاعر أن "إعصار كاترينَ قشّر أكثر وجه الطغاة
وأرجعَنا نحو غابة كون فقير
على كلِّ منْ لونُه أسودٌ أن يخفّف من رغبات الحياة".
ثم يعود "عبد المولى" ليضيف بعض المقاطع التي كتبها منتصف آذار /2006/ "كما ينوه في نهاية الديوان"
عن الصيغة الزمنية لكتابة القصائد يقول: «إن هذا العمل مع أنه تمت طباعته ولكنه كما أشعر عمل غير منتهٍ، متروك للقادم... لأن اللازمة " يخيل لي " توحي بأن العملية التخيلية في القصيدة لن تنتهي... ولكن من غير الوارد العودة لكتابة عمل تبدأ مقطوعاته باللازمة نفسها، لأن ذلك سيعتبر تكراراً، ولكن لنترك ذلك لمخيلة القارئ ليكمل تخيلاتي من ذائقته وتجربته، فالعمل الشعري يمكن لأي قارئ أن يتقمصه وينسبه إلى روحه ومعاناته»...
بقي أن نقول أن غلاف ديوان "يخيل لي" من تصميم ابن الشاعر "سومر عبد المولى" أما لوحة الغلاف فهي للفنان الإيراني "فريدون رسولي".
صدر للشاعر من الأعمال الشعرية: "مراثي عائلة القلب"، "ذاكرة لرحلة الأنقاض"، "مدائح الجسد"، "وقت لشهوات" المغني، "تراجيديا عربية"، "أقلّ فرحا"، "في حداثة الروح"، "عراف الجحيم"، "فتوح الفرح"، "على ضريح السّراب" أربعون الحصار"، "تمرينات بغدادية على الغروب"، إضافة لعدد من الأعمال النقدية.